ظامئ في نهر عذابها!!
> الأحزان التي تهاطلت على نفسي كقطع السحب الكثيف.. والمتزامنة مع طيفك الملائكي قد جعلت الفؤاد والمشاعر يبدعان أقسى صور الاغتراب ومعاني الانهزام والانعطاف الإنساني المصحوب بابتهالات النجوى الظامئة لكö التي تبدو وكأنها نبع لأشواق الكون الأبدية..!
الأحزان التي تهاطلت على نفسي بعد غيابكö الأليم قد جعلتني أبوح من أعماقي بما يعادل بوح وصرخات الفقد الإنساني كله منذ الخليقة الأولى.. معترفا بأن غيابكö المفاجئ قد فاق قدرتي على الصبر ومقاومة هذا الكم الهائل من غيمات الحزن الداكنة التي استوطنتني والمرارات الأليمة التي سكنتني ووسعت جروحي الغائرة النازفة..
لكم تبدو لغتي اليوم عاجزة عن اكتشاف مفردة أو جملة أقوى وأعمق من قولي لكö : »إنني أحبكö أكثر من كلمة أحبك وأعشقكö أكثر من كلمة أعشقك« ولكم تبدو لغتي أيضا عاجزة عن الحصول على مفردة أقل إيلاما وعلقمية من قولي لكö: لو تعلمي كيف أن عطر غيابكö الآن ينسرب إلى الفؤاد من بين شقوق الأسى ومسامات الشجن ومسارب العذاب.. في الوقت الذي يفيض فيه الشوق من كل نوافذ روحي ومسامات جسمي وكأنه وبلهفة الجنون يحاول الإمساك ما قبل الغروب الذي أعقب شروق همسكö الأخير في أفياء القلب ومراتع الهوى..
هزي إلي أغصان عطفكö وأحضان حنانكö من جديد.. هيا أيتها الروح التي مثلتú أثيرا لحواسي ويقينا استثنائيا في حياتي.. ملأ نفسي ووجداني حبا وألوانا زاهية من السعادة والحياة..! قولي لي أيتها الملاك..! كيف أطفئ حرائق الشوق والفقد التي أسعرها غيابك..¿ رديني إلي.. افتحي قلبكö الكبير وينابيع محبتكö فالماء والظلال حلم التائه في الصحراء..! قولي لي كيف سأجد من دونكö عمرا جديدا وحلما جديدا وضوءا يبدد ظلام وكآبة الحياة التي تطوقني كلما توقف نبضكö في قلبي¿
قولي لي من سواكö سيمدني بالقوة والبركة والزهو والأمل¿! من سواكö سيزرع الطمأنينة في حقول قلقي وشعاب شجني¿!
أيتها الطيف الموشى بذهب الأصيل ليتك تعلمين كيف أحال غيابك الوطن إلى غربة والحلم إلى سراب, والبهجة إلى أسى والرجاء إلى يأس مقيم.. وليتك تدليني على وجهة أخرى ومسلك جديد أرحل من خلاله وأجدك فكل الجهات التي أرحل من خلالها بحثا عنك لم تصلني إليك..!
هيا قولي شيئا لا تتركيني بلا جواب وحيدا وسط هذا الخراب والضياع الذي ينمو بهذا الشكل في حانوت القلب وواحات الروح التي تحولت إلى صحارى وقفار.
هيا ردي إلي ذلك الصبح الذي كان صوتك يستفتح به أحلامي ويفعل بها ما يفعله الغيث في الحقول والنغم في النفوس والدم في الجسد.. أنا حبك في وهج الليل ومازال وجهك حلمي ووجه الأصيل حلي عني هذه المساءات التي صارت تعلمني بقسوة كيف يكون النوم لمن عيناه بلا حفون وكيف هي الدروب لغريب تنقصه الخرائط أو بوصلة تحدد له الاتجاهات..
هيا أهمسي لي من جديد فصمت غيابك يزلزل أعماقي ويجعل من إمكانية التخفيف من حدة طاحونة العذاب بداخلي مستحيلة.. آه ليتك تعلمين حقيقة أن هذا الصمت أقسى من الموت … أن هذا البعد صواعق تكهرب أوقاتي .. وأحزان لم يشاركني فيها أحد من البشر.
يا لحسرتي وأنا أتذكر صوتك الذي كان يمدني بكل ما ينقصني من مناخات وفصول وتربة وبذور للحب.. يا لشدة فقدي وأنا استرجع تلك الهمسات التي كان يجري من خلالها نهر الحب والحنان والسعادة..
وكأنها عالم متنوع البهاء يحمل سحرا مختلفا يمكنها من التسلل السريع إلى قلبي الظامئ وروابي شجني البعيدة والجائعة لنور قلبك وحنانك ورقتك التي غيرت فلسفتي في الحياة ونظرتي للعالم ورفعت من درجة إيماني بعظمة وحكمة الخالق وصنعه الذي جعل منك آية وفتنة وكعبة للحب والجمال .. والسحر والجنون.