في تأبين شهيد الوطن والدولة المدنية الحديثة 

حسن اللوزي


حسن اللوزي

حسن اللوزي
في اللحظات اللجية والتي تطبق فيها المشاعر العاصفة على النفس ومهما كانت قدرتك على استنبات أفكار في حقل الكلمات واغنائها بالمشاعر التي تجيش في صدرك.. أو بالآراء التي تدور في ذهنك فإنك تصاب بالذهول وتقع في أسر الصمت ولو كانت مهنتك الكتابة.!! وكيف بالإنسان حين يكون في عصارة الألم.. وفي غمرة الأحزان تجاه فقد عظيم.. وخسارة كبيرة سواء كانت شخصية أو عامة.. وكان ذلك وما يزال حال الكثيرين مع رحيل الأستاذ الجليل عبدالعزيز عبدالغني شهيد الوطن والدولة المدنية الحديثة في بلادنا.. وكما قال الأخ الدكتور عبدالكريم الإرياني المستشار السياسي لفخامة رئيس الجمهورية في كلمته الراقية صدقا.. وعمقا.. وبيانا جليا لهذه الحالة التي تملكته حيث قال ( يحزنني ولا يسرني أن أقف أمامكم اليوم في حفل تأبين فقيدنا الشهيد عبدالعزيز عبدالغني نيابة عن أصدقائه وزملاء دربه ويشرفني أنكم أخترتوني للحديث في حفل تأبينه ولكنه يحزنني لأن ذلك يعني أنني اليوم واليوم فقط قد أقريت وقبلت وإن لم أصدق بأن فقيدنا قد غادرنا وإلى الأبد فمنذ أن شيعناه في موكب جنائزي مهيب حاولت مرارا أن أكتب مقالا في رثائه لكني كلما أمسكت بالقلم عجز لساني وتحجرت أفكاري لأن كليهما يرفض القبول برحيله) وقد استطاع الدكتور عبدالكريم الإرياني دون قصد أن يجعل العيون كلها تغص بالدموع بعد أن فجر الغزير من المشاعر الحميمة الفياضة التي مازالت تضطرم في سعة الحنايا الوفية التي كادت تتفطر.. ومع أن الأحزان في كل مصاب جلل تتفاوت من نفس لنفس ومن ذات لأخرى غير أنها تكون من معين واحد عندما يكون التأبين لشخصية جامعه ولرجل كان كأنه الضوء الكامل والندى الذي لا يتبدد.. والأخوة التي لا تنقطع والصداقة التي هي أكبر من كل المصالح وأبعد نأيا عنها.!
وكيف¿ ومن يحاول الجميع رثاءه هو ذلك الإنسان النبراس الذي بلغ الذروة مع اكتماله شهيدا جراء ذلكم الحادث الإجرامي الإرهابي الخطير الذي استهدف الإطاحة بالوطن.. وبرموزه وجوهر كيان السلطة فيه استهدف فخامة الأخ رئيس الجمهورية ورؤساء المؤسسات الدستورية.. وكبار مسئولي الدولة وقادة وضباط وجنود أوفياء وهم يؤدون صلاة الجمعة في شهر رجب الحرام وفي أول جمعة في جريمة لم يعرف لها مثيل في التاريخ..
ولا يعلم إلا الله سبحانه وتعالى مدى الألم والحزن الكبيرين اللذين تملكا فخامة رئيس الجمهورية وكل أقرباء الفقيد وأصدقائه ومن عرفوه على حقيقته كذا كل رفقاء المسئولية الوطنية في مؤسسات الدولة والمجتمع المدني لهذا الفقد الذي لا يعوض أبدا وجسامة الفاجعة التي أصابت الجميع ومدى الحزن الشامل الذي أحاط بالوطن وعم قلوب كل اليمنيين من لحظة إعلان استشهاده بعد معاناة شديدة في تحمل آلام الحروق وجراح الإصابات التي قاساها بصبر وجلد الرجال المؤمنين الصابرين.
ولا شك بأن أدق ما يمكن أن نصف به علاقة الفقيد الشهيد بالأخ رئيس الجمهورية والرابطة الأخوية والرفاقية التي جمعت بينهما على المدى الطويل من الصلة الوثيقة التي لم تنقطع ولم تتبدل لأنها علاقة مبادئ وقيم.. هو ما قاله فخامة رئيس الجمهورية نفسه بأنه فقد شقيق الروح ورفيق حياة الكفاح والبذل والعطاء وقد كانت معرفته به مبكرة قبل أن يتولى منصب رئاسة الجمهورية ومنذ كان قائدا عسكريا في محافظة تعز.. ولقد كان هو ذلك الإنسان الخلوق الفاضل.. والوطني المتميز المتعلم والمستنير.. والمسئول الصادق والمتفاني.. وهي ذات الصفات الأخلاقية والوطنية النبيلة التي عرفه بها الآخرون..
ومن أجل ذلك كان في الطليعة من الشخصيات الوطنية التي حرص فخامة رئيس الجمهورية أن يعمل معهم ويستعين بهم وقد كان بالفعل خير عون وسند ورفيق نضال عظيم وجهاد كبير!!
ولذلك لابد أن تعرف الأجيال الجديدة بالتفاصيل الكاملة لحياته الغنية بالعطاء من خلال الأعمال المكرسة لتخليد ذكراه.. والحرص على تنمية الوعي الوطني الصحيح بتاريخنا المعاصر من خلال سيرة ومسيرة الشخصيات الوطنية الفذة والمتميزة من أبنائه الأبرار.. وقد كان الشهيد العظيم واحدا منهم وكما تشهد أعماله والمهام التي تولاها والإنجازات الكبيرة التي أسهم في تحقيقها وفي كافة مواقع المسئولية التي أدارها بكل الجدارة والإقتدار.
ولم يكن حفل التأبين الذي أقيم يوم الأثنين الماضي موضع التوسع في الحديث عن الأسى ولا التعبير عن فداحة الألم.. والبوح بحقيقة الحزن الذي تملك كل واحد من المتحدثين وإنما جاء ليجسد موقف التعبير عن الإرادة القوية والعزيمة الصامدة والمتجددة بالإيمان بالحياة والإصرار على مواصلة منجزاتها كما أرادها الشهيد الجليل وللتأكيد في الوعي الوطني المتجدد بأن عطاء الشخصيات الوطنية الفذة.. عملا وفكرا.. وتفانيا وإخلاصا وإصرارا وجهادا هو الذي أوصل المسيرة الثورية اليمنية والمسيرة الوحدوية الديمقراطية إلى تحقيق كل تلك الإنجازات التاريخية

قد يعجبك ايضا