ماذا بعد ¿ 

جميل مفرح



جميل مفرح

جميل مفرح
 
> أكثر من تسعة أشهر مرت إلى اليوم من الاحتقان والاحتقان الأشد من التأزم والتأزم الأشد من التخوف والتخوف الأشد والذي وصل حد التعود والتكيف مع واقع كهذا داخل الوطن من قبل الصغير والكبير وإلى الحد الذي أصبح فيه أطفالنا يتساءلون بلهجة استغرابية ملحة عن أسباب غياب أصوات الانفجارات والقصف إذا مرت بهم وبنا بضعة أيام تلتحف الصمت والهدوء!! وبالرغم من ذلك فإن الحمد والشكر والامتنان لله تعالى يظل أمرا ملحا وواجبا حين نتأمل هذا الواقع المخيف عمليا وما يعتمل فيه من مفارقات مدهشة للبيب وذي العقل وما هو عليه أمر البلاد بشكل عام وعندما يتبين لنا بجلاء أننا ووطننا والجزاء والمنة لله بعيدون كل البعد عما كان يتوقع لنا من مآل مخيف إذا ما أشتد أوار الأزمة فقد اتضح أننا كيمنيين وهذه ميزة لنا دون غيرنا الأكثر حنكة ودراية وتعقلا في التعامل مع الأزمات والظروف والمتغيرات مهما استحكمت حدقاتها.
> كل ذلك أمر يشعرنا بالغبطة ويستحضر من حولنا بكل تأكيد دوائر الأمان والسلامة ولكن كلاما كهذا من المؤكد أنه أصبح الوقت متأخرا جدا للتعامل معه فهذا باعتقادي يحتكم لفترة صلاحية محدودة ويعدو أن فترة صلاحيته في حال كهذا قد خامرها الهرم واعتورها النفاد.. خصوصا حين نتأمل ما صاحب ويصاحب هذا الاعتزاز بالنفس من تراجع وتأرجح بل واهتزاز في منحنيات الشعور اللازم بالأمان والسكينة والثقة ومبارحة القلق والتخوف والتوقعات المخيفة غالبا والمطمئنة أحيانا والتي تصل إلى مستوى الندرة وفيما يشبه الافتعال الذاتي البحت في محاولة للنأي بأنفسنا بعيدا عن مدارج ومناطق التشاؤم القاتل والهلع الذي من الممكن معه أن نفقد توازننا وسيطرتنا على أنفسنا ونفسياتنا وتعاملنا مع من حولنا.
> إن ما تحمله ويتحمله الوطن خلال هذه الفترة الزمنية البرزخية والمصيرية باعتقادي واعتقاد ربما كل مواطن يمني سواء أكان في الداخل أو في الخارج قد تجاوز حدوده القصوى ووصل إلى ما لا يمكن أن يحتمل ربما في جغرافية أخرى ولدى شعب آخر وهذا بدوره يعود بنا للتأكيد على تميز الإنسان اليمني وقوة احتماله وما يحتكم عليه من مساحة واسعة جدا للصبر والتفهم وإعطاء الفرص والتفاؤل وحسن الظن والحنكة والشدة والتماسك وربما قد نتوقع بل ونلتمس أكثر من ذلك ما أدركت الاستطاعة الوصول إليه ومع ذلك جميعنا لا نستطيع أن ندعي بأننا أكثر من بشر لنا ما للبشر من حواس وامكانات وطاقات وان تميزت وأن مساحة التحمل والجلد والاحتكام للواقع أيا كان مهما اتسعت تظل ذات حدود مرسمة لامجال لتجاوزها مهما كانت صفاتنا وتميزت قدراتنا حتى وإن وصلنا إلى مستوى الخوارق على العادة والطبيعية.
> ومن هنا فإنه لمن حقنا كشعب أن نتساءل إلى متى سيستمر اختبار مستوى قدراتنا ومدى تحملنا ومساحة تعقلنا وهذا التساؤل لست وحدي من يطرحه صباح مساء بل أصبح هاجسا معاشا ومعششا في رأس كل يمني يختبر ما يمر به الوطن من تهديدات مفزعة وتوقعات ملوعة في حال استمر الحال كما هو الآن متجها صوب الضبابية ومرتهنا للمفاجأة وهو سؤال لا يختلف معي أحد أنه يجب أن يوجه إلى كل أطراف العمل السياسي في البلاد الذين يتعاملون معنا بفوقية متعالية إلى حد أننا لا نكاد نكون شيئا يذكر في حساباتهم إن من حقنا أن نجد إجابة بل اجابات شافية وإن لم يكن إلا من أجل أن يرتفع مستوى وشأن قدراتنا على التحمل ومساحة تعقلنا وتعاملنا بروية مع ما يفرضونه حولنا من واقع ليس لنا في مطامحه ومطامعه وخططه ومشاريعه لا ناقة ولا جمل بينما نمثل في الواقع وقوده وميدان وضحايا معاركه المفتعلة وكواهلنا مآل لصعاب عواقبه ونتائجه.
> هل نقول: هرمنا.. تعبنا… ضقنا وضاقت أحوالنا وضاق بنا كل ما كان متسعا¿ إننا نقول ذلك كل يوم وساعة ولحظة نقول ذلك كلما فكرنا في ما نستحقه وما لا نستحقه كلما مر يوم من أعمار أطفالنا بعيدين عن الأمن والأمان بعيدين عن مدارسهم بعيدين عن اطمئناننا عليهم وعلى مستقبلهم وغدهم الذي نتمنى.. ومع ذلك ما تزال لدينا فسحة ولو صغيرة لشيء اسمه الأمل ومساحة للتفاؤل أن يصل الوطن إلى مستوى معناه الحقيقي لدى كل الأطراف وأن يكون بناؤه ومجده هدف كل عين من عيون من يحتضنهم وسنظل نطرح تساؤلنا الملح على كل أذن وبال وعقل وقلب: ماذا بعد¿
والله من وراء المبتغى والمقصود..
 

قد يعجبك ايضا