حينما يختزل الوطن في صندوق 

علي الشرجي



علي الشرجي

علي الشرجي
ترتفع حرارة صفيح المشهد السياسي عادة قبل كل موعد انتخابي, وتزداد فرص التقاء أحزاب المعارضة بالحاكم على طاولة الحوار في مثل هذا التوقيت أكثر من أي وقت آخر.
لكن هذه المرة يبدو أن كل حزب يحضر وجبته الانتخابية على نار هادئة بعيدا عن حوار الطاولات المذاع والمتلفز.. والمفارقة الأهم أن المؤتمر الشعبي العام لم يعد يعول كثيرا على التسهيلات الممكنة والتي تنتجها حواراته مع الأحزاب وخاصة المشترك لفوزه المريح بالأغلبية المريحة بعد أن صار مقتنعا بعد جدوى تجريب المجرب في أقسى وأخطر المنعطفات التي يواجهها الوطن عموما وحكومة المؤتمر الحاكم على وجه الخصوص, لعل أهمها فتنة” الحوثي” وتهديدها الأخير بإقلاق أمن العاصمة بالإضافة إلى بقايا العراك الواقع في بعض مديريات صعدة وآثار حراك بعض مديريات الشرق والجنوب, وهي قضايا حساسة تندرج في إطار القضايا الكبرى للوطن وتحدياتها أكبر من الأحزاب والحكومات والأنظمة فما البال أن ينظر إليها البعض من فتحات الصناديق الانتخابية أو من على الكراسي الدوارة وكأنها شأن خاص يتعلق بإدارة ما للعلاقات العامة والدعاية والإعلان.
مثل هذا الفهم أو التفكير هو الخطر على الوطن والمواطن, وليس الأخطر أن تتشكل اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء من القضاة أو الشرطة أو المراقبين الدوليين أو من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو المكفوفين أو حتى من الباعة المتجولين وعمال النظافة.. مع احترامي وتقديري لكل الشرائح والمهن.
والسؤال: هل تفضل أن تكون وطنيا محترما تقدر ظروف وطنك¿.. أم أن تكون نجما سياسيا في حزبك تتبارى الصحف لتحقيق سبق صحفي تبرئ نفسها من أي دعم حكومي!! مباشرة أو غير مباشر عبر نشرها تصريح صحفي لتغطية أعلى الصفحة الأولى!!.
أية ديمقراطية نتحدث عنها, وأية ثقافة نتمسح بها وأية وطنية ندعيها وأية أمانة نتغنى بها وأي إخلاص وحرص ذلك وأي وطنية  ندعيها عن اليمن أرضا وأنسانا حاضرا ومستقلا ونحن فرقاء إلى حد العداء يمزق كل منا الآخر, ويطعن كل منا الآخر في نواياه وجهوده وطنيته وعرق دمه ودم قلبة وعقلة لمجرد أنه يخالفه في الرأي¿!!
أصالة عن نفسي وتعبيرا عن كل من يوافقني الرأي نعلن براءتنا من أدعياء حب الوطن والاستماتة من أجل عيونه والسهر على راحته وتخريب البلاد وقتل العباد من أجل التعبير عن حبه والنضال من أجله.
الوطني الديمقراطي السياسي والمثقف ليس من يحفظ جملتين يرددهما في كل محفل وندوة أو بيان سياسي أو تصريح صحفي لكنه من ينجح في الاستماع أولا إلى وجهة نظر الآخر دون سابق إصرار وترصد وأحكام مسبقة باعتبارها خطأ يحتمل الصواب أو صواب يحتمل الخطأ وينبغي المكاشفة على طاولة الحوار وإعلام الشعب بالنتائج.
من المؤكد أن قرار الأغلبية لن يرضي المعارضة في معظم الأحوال والحل هو أن تناضل المعارضة بشرف ووطنية وحرص حقيقي على الوطن وسيادته وكرامته وأمنه واستقراره وسكينته الاجتماعية دون استخدام أو استغلال أي شكل من أشكال الإضرار بمصالح الشعب, وتعطيل الحياة حتى يأتي اليوم – وهذا من حقها ولو بعد حين – الذي تعتلي فيه المعارضة كرسي السلطة, ووقتها ربما – ولا أشك فيه شخصيا – إنها ستجد نفسها أكثر تشبثا بالسلطة مما وجدت الأغلبية المريحة أمس, وقد تفعل مالم ترض الأغلبية الحاكمة أن تفعلة اليوم, ولله في خلقه حكمة وللوطن في أبنائه وأحزابه عبرة واعتبار.
الأكثر إيلاما على الإطلاق هو حينما يختزل البعض الوطن وقضاياه بصندوق الأمر الذي يقود نحو الإفلاس الحقيقي الذي ليس بعدة إفلاس.

قد يعجبك ايضا