الديمقراطية والفوضى لاتجتمعان!!
علي الشرجي
علي الشرجي
علي الشرجي
رغم ما ينتج عن المطبخ الدعائي لبعض أحزاب المعارضة وخطابه المشترك فإن الاستسلام لبكائيات ذلك الخطاب المدر للعاطفة والمحرض لبعض الجهلاء ودفعهم الى ممارسات صبيانية يعني الزج بالوطن في متاهات وإن علمنا أولها فلن نعلم آخرها ونسأل إخواننا في أحزاب المشترك كيف لهم القبول بمنهجهم الذي يجمع بين الديمقراطية والفوضى وبين السلم وثقافة العنف وفي هذه النقطة بالذات تبدو المشكلة الكبرى لهذه الأطراف الحزبية والسياسية التي فهمت الديمقراطية من منظور مليء بالتناقضات والنقاط الشائكة التي يحتاج كل منها الى مناقشة مستفيضة ومنها على سبيل المثال لا الحصر محاولة فرض مسألة تقاسم السلطة وهذا ما لا يقبله أي نظام ديمقراطي أو حزب حاكم وصل الى السلطة عبر الصناديق الانتخابية ومع أن قطبي اللقاء المشترك «الإصلاح» و«المشترك» قد جربا مفهوم التقاسم فإنهما ومعهما بقية احزاب المشترك لم يحسنوا استغلال انفتاح «المؤتمر» ولم يستفيدوا في أحايين كثيرة من هذا الانفتاح المؤتمري الذي كان يرى في الشراكة ثم الحوار بداية ممكنة لفترة انتقال جديد وتحقيق التطور المرغوب والمستقبل الآمن للتجربة الديمقراطية.
لا أظن ان اعتماد قيادات احزاب المشترك مبدأ التحريض على العنف وتهييج الشارع للإضرار بالأمن والسكينة العامة دعاية انتخابية ناجحة ولا أظن أيضا أن أحدا يرضى بأن تكون الفوضى والاحتقان بوابة الوصول الى السلطة كما أن من غير المعقول اقناع الشارع بذلك الخطاب الذي لا يشبع جائعا ولا يرفع ظلما ولا يهب حرية ولا يزرع قمحا ولا يشغل عاطلا ولا ينصح غافلا ولا يصنع طبشورا لكون مثل ذلك الخطاب لا يحمل أي صفة للإقناع.
ولا أظن ان تقديس أعمال الشغب والتخريب عن طريق التحريض والإثارة وسيلة مناسبة لتصفية الحسابات السياسية مع الحزب الحاكم.
أرى شخصيا أن هذه الأحزاب لو ركزت على إصلاح نفسها وتقويم ذاتها وفق منظور عملي لدرء المفاسد في داخلها لتمكنت من تحقيق حضورها الإيجابي بين الأوساط الجماهيرية وكسب ثقة المواطن ان لم تكن بذلك ستسهم بطريقة فعالة في رفد الواقع التنموي والديمقراطي بالعطاءات الخلاقة التي تصب في مصلحة الوطن والمجتمع بدلا عن اعتمادها على أساليب المماحكة والمناكفة التي تفرز مضاعفات هي أبشع من الفساد والفقر والبطالة.
الحقيقة انه ليست عندي إجابة ولكن لا أستطيع في ذات الوقت تجاهل الشوط المهم الذي قطعته اليمن في مجالات الديمقراطية والمشاركة الشعبية في انجاز التحولات التنموية والإصلاحات المعتبرة والمشهود لها رغم المصاعب الضخمة التي واجهت وتواجه اليمن في مواجهة المشاريع التآمرية والإرهابية وموروثات الماضي البغيض ورغم الصعوبات الاقتصادية التي برزت تأثيراتها على كل فئات المجتمع في الوقت الراهن فإن الضرورة الوطنية تستلزم التوفيق بين متطلبات الرقي الاقتصادي والرقي الديمقراطي بصرف النظر عما تم إنجازه من أشواط في هذا الجانب والتي لا يبدو أن هذه الأحزاب تخجل من أن تعترف بها .
يستطيع الانسان أن يجد ما يسد رمقه لكنه نادرا ما يجد موقفا محايدا من قبل أحزاب المعارضة يدله على الحقيقة بعد أن أصبح خطاب المكايدة هو السائد في قاموسها.
وعلى من لا يصدق ان يطلب من هذه المعارضة ان تفسر له كيف جمعت بين الديمقراطية والفوضى كما هو حال ما حدث في محافظة الضالع مؤخرا.