“الفضيحة”.. شكرا للأخ “مطر”..!! 

عبدالله الصعفاني

مقالة



عبدالله الصعفاني

عبدالله الصعفاني
أعلن في هذه المساحة براءتي من تهمة الغباء حتى وما سأورد من أسئلة تظهرني كذلك.. ولا غرابة إن نشرت مثل هذا الإعلان.. فلقد سبقني إلى ذلك كاتب دنمركي كان من النحافة بصورة جعلته يعلق لوحة فوق سرير نومه في غرفة متواضعة بالإيجار..
* تقول لوحة هذا الأديب الخائف من نقله وهو نائما.. “لست ميتا وإن كنت أبدو كذلك”.
* أما أسئلتي غير الذكية فهي.. هل حقا العاصمة صنعاء على وعد مع العطش بسبب نضوب مخزونها من الآبار نهائيا في موعد غير بعيد..¿
قد تكون التوقعات صحيحة.. لكنها لا تلغي السؤال الصيفي الآخر.. كيف سنموت لا سمح الله من العطش وبعضنا هذه الأيام يموت في سائلة العاصمة من الغرق..¿¿.
* خلال أيام فقط مات ثلاثة أطفال بسيول مفاجئة لم تتركهم إلا جثثا في منطقة دارس.. ثم سرعان ما مات سبعة عندما طفحت ذات السايلة فجرفت نفوس وسيارات.. وأجبرت عوائل على مغادرة منازلها بسبب الاحتباس المائي في بعض مناطق شمال الأمانة..
* لا أعرف لماذا أتذكر قول شاعر قديم إذا مت ظمآنا فلا نزل القطر..
وكمواطن مشغول بمخاطر المياه وهي تجف ومخاطرها وهي تجرف وتميت.. أريد أن أعرف هل سأكون من الذين سيموتون عطشا أم الذين سيوارون الثرى غرقا في المياه الغزيرة .. بالمناسبة العبد لله من سكان شمال العاصمة الذي يستقبل نفايات جنوبها وحارقات مصانع الياجور في حاراتها.
* ليس استظرافا القول بأننا في هذه البلاد نثير الحيرة.. نقلب “الأكوات” ونخرج بالفنايل “العلاقي” طالبين المطر الذي يسقي الأطفال وينقذ البهائم ويحيي الزرع.. فإذا جاء المطر كرما من الله ولطفا ضاقت السايلة بأمطار صنعاء وضواحيها الجنوبية والشرقية وتحدثنا عن وفيات ولاجئين في مدارس ومتحسرين على سياراتهم المحطمة..
* في الأيام الماضية الملفوفة بنعمة المطر ونقمته استسلمت لهاجس معرفة حكاية العاصمة مع المطر.. وكيف أن هذا المطر تحول من مياه تسقي الأرض وتفرح الزرع وتبهج موالعة قات الصيف الرخيص إلى شخصية اعتبارية ترفع ببلاغات يومية إلى الحكومة ومجلس النواب وأمانة العاصمة والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة.. وطبعا الهيئة العامة لمكافحة الفساد.
* تقول البلاغات الموقعة من الأخ “مطر” بأنه من العيب أن نكرر صلوات الاستسقاء وندوات التحذير من جفاف حوض صنعاء ثم نبكي على الضحايا والسيارات والبيوت ولسان حال المطر.. هيا كيف..¿ “تشتو” مطر وإلا الجفاف..
* إن من يريد الرقص لابد أن يهتز.. لكننا لسنا أذكياء بما فيه الكفاية.. والله إن مع الأخ مطر كل الحق..!!.
* لقد اتفق جدي وجدك وجدتها.. وكل الجدود أن “طريق السائلة للسيل” ولا يمكن لها أن تتحول إلى شارع مزدحم بسيارات “رايح جاي”.
ورغم التحذيرات وتعدد كوارث السيول سنويا بقي الأمر مجرد صورة من الأذان في “مالطا”.
* ورغم أن مشروع سائلة صنعاء التهم الريال والدولار واليورو وكل العملات الأجنبية إلا أنه انقطع عند جولة الحباري في الحصبة حيث يبدأ اختناق السيول وغيار “العبارات” أو انحباسها انتظارا لقوى كونية تبادر لاستكمال المشروع بحيث تنساب السيول دون أن تطفح باتجاه منازل على الضفتين الترابيتين.
* ودائما.. لا حياة لمن بيدهم مسؤولية استكمال رص المنطقة الشمالية من السايلة والمسارعة إلى عمل سدود وحفر عملاقة تغذي أحواض صنعاء وتحفظ الفائض..
وطبعا السيول لا ترحم والنهر كما تقول فيروز لا يملك تغييرا لمجراه.
* وما يوقع المتابع والراصد تحت مطرقة الدهشة أن الجماعة اقتنعوا بأن السائلة شارع محترم.. وبأن نفق الحصبة وجسر جولة سبأ يمكن لهما أن يصلا إلى الإنجاز على ظهر سلحفاة مريضة أكل عليها الدهر وشرب بل وعمل أشياء أخرى لا يصح قولها قبل صدور قانون جديد للصحافة والإعلام.
* بالذمة هل ما يتم في الحصبة منذ شهور طويلة يعبر عن مسؤولية أو احترام للزمن أو إحساس بخطورة ترك المشاريع نهبا لأمطار الصيف..¿.
* لقد كشف المطر عورات لها أول وليس لها آخر.. اسفلت ينتفخ من “المطرة” الأولى ثم يقذف ما بداخله من الغش.. وانقشاع طبقات من اسفلت تكشف عن عمليات فاشلة بائسة في بطن الشوارع .. والنتيجة أننا في حالة شقاء مستمر لدفع قطع الغيار دعما لليابان وكوريا وبقية مصنعي السيارات.
لقد ماتت روح المسؤولية ولم نبلغ عن فساد كثير من ذمم مسؤولين ومهندسين ومقاولين ومتواطئين ومتفرجين.. لكن البركة تبقى في الأخ “مطر” الذي كشف المكشوف.. وأشاع السر الذي لم يعد سرا.. وشكرا لله.. ومرحى دائما للأخ مطر..!!
وفي انتظار الحاج “ضبط” والحاجة محاسبة..!!

قد يعجبك ايضا