“المعقول” بين العرب و”اسطنبول”..
عبدالله الصعفاني
مقالة
عبدالله الصعفاني
عبدالله الصعفاني
تحاول تركيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي منذ تأسيسه.. ويحاول العرب إثبات عروبيتهم منذ نكبة احتلال فلسطين.. فلا تركيا صارت عضوا أوروبيا ولا العرب أعادوا فلسطين.
كانت تركيا مركزا للحكم العثماني الإسلامي حتى عام 1922م ورأت في إنشاء الجمهورية التركية عام 1923م بزعامة مصطفى كمال أتاتورك حلا.. لكنة لا مؤسس الدولة التركية الحديثة أدخل الأتراك نادي الاتحاد الأوروبي بقرار إلغاء الخلافة ولا عادت اسطنبول مركزا لخلافة إسلامية من أي نوع.
والقراءة المنصفة لن تلغي حقيقة أن تركيا على صعيد البناء الداخلي صارت واجهة مشرفة حيث تتبنى الحياة الديمقراطية وسياسات اقتصادية مكنتها من وضع الأقدام على طريق المستقبل.
وفيما مثل وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في تركيا نقطة تحول مثيرة في الحياة السياسية التركية والمواقف من قضايا العرب لم يكن أولها الموقف التركي المشرف مما حدث ويحدث في غزة بقينا كعرب حائرون أو منقسمون أو لا نعرف أين نضع أقدامنا.. متمثلين ذات الحيرة حول هل نكون قوميون نمثل الامتداد لقومية عبدالناصر أم لبعثية صدام حسين..لنكون بسقوط بغداد وضرب لبنان وأشكال التواطؤ في حصار أبناء غزة لا هذه ولا تلك.. وعلى المواطن العربي الغيور أن يطلق صرخة اليأس.
هناك على الضفة الأخرى من البحر المتوسط انقسم الأوروبيون حول حق تركيا في أن تصير أوروبية.. اعتبرها المعارضون بلد شرق أوسطي محسوب جغرافيا على آسيا وبأنها بالحسبة الاقتصادية والسياسية والثقافية لا تستحق لقب العضو الأوروبي ورأى المؤيدون لانضمامها أن من شأن عدم انضمامها أن يوقعها في شرانق الفكر المتشدد كرد فعل طبيعي ولهذا الرفض انعكاساته.
وصحيح أن تركيا أدارت قفاها للعرب منذ يمم أتاتورك الوجه التركي شطر أوروبا.. لكن رجب طيب أردوغان وزملاءه أعادوا هذا الوجه إلى العالم العربي عن طريق النظرة العادلة إلى غزة وما تعانيه حيث يمثل الرفض التركي الواضح للسياسات الإسرائيلية وعملياتها العسكرية مسعى تركيا لتحسين العلاقات مع العرب.. ورافق ذلك تطوير للعلاقات التركية مع إيران وهو ما ظهر في مبادرات تركيا لتخفيف الضغوط الدولية على إيران.
ولا شك أن المواقف التركية تجاه العرب والتي بدأت في الموقف من ضرب العراق وأخيرا الحضور التركي المؤثر في سفن اسطول الحرية ما دفع إسرائيل لمعاقبة تركيا في المياه الإقليمية الدولية عبر تركيز رصاص القتل على المواطنين الأتراك ليكون خطاب رجب طيب أردوغان أمام البرلمان التركي قويا في الموقف من إسرائيل تحت ذات الوجع “لن تدير تركيا ظهرها لغزة”.
والشاهد في كل ما سبق أن السلبية الأوروبية تجاه تركيا والإخفاق العربي الشامل في رجاء الخير من الولايات المتحدة ومجلس الأمن ومواقف أوروبا من قضية فلسطين وعملية السلام والصلف الصهيوني جميعها تفرض على العرب أولا الاقتراب الحقيقي من تركيا التي وإن اقتربت كثيرا من إسرائيل بمجموع الاتفاقات التجارية والعسكرية إلا أن إسرائيل ستأخذ مكان عدو تركيا ولو بعد حين لأسباب جوهرية تتصل بالمكون الصهيوني المستفز الذي لا يتوقف عند خط من خطوط الطمع.
وكعرب واقعين تحت مطرقتي إسرائيل وأعوانها فإن من الحكمة أن نحسن استقبال الإشارات التركية فنسارع إلى تطوير علاقاتنا بها.. وكما صارت تركيا صديقة لإيران فإن مثلثا أضلاعه تركيا وإيران والعرب هو مثلث يمكن أن نغادر به كل هذا التدهور والانحطاط والمهانة.
وإذا كان على العرب أن يقتربوا أكثر من تركيا وإيران فإن على إيران تحديدا أن تبادر إلى خلق فرص الانسجام مع جيرانها العرب.