تأملات.. التخصص شريعة .. والمهنة كهربائي 

محمد عبدالماجد العريقي


محمد عبدالماجد العريقي

< محمد العريقي

أعرف شابا تخرج من كلية الشريعة والقانون قبل أكثر من ثمان سنوات وجدته في أحد محلات بيع الأدوات الكهربائية وعرفت أنه صاحب المحل قلت له : وهل تركت عمل المحاماة أو قاضي نيابة باعتبارك خريج الشريعة والقانون .

فرد علي: وهل تعتقد أنني اشتغلت في مجال تخصصي .. فقد نسيت كل شيء درسته .. وفتحت لي الكهرباء أنوارا مضيئة للمستقبل أفضل من الانتظار لتعيينات الخدمة المدنية التي تحتفظ باسمي ومؤهلي والتي لم تبشرني منذ ثمان سنوات وحتى الآن بأي وظيفة.

قلت له : خلاص شوف لي كهربائي يقوم بإعادة تسليك المنزل الذي اتضح أن الكهربائي السابق ارتكب اخطاء فادحة كادت تسبب مشاكل خطيرة.

قال لي : أنا حاضر

قلت له: تبيع ادوات كهربائية مقبول لكن أن تسلك كهرباء وأنت خريج الشريعة والقانون هذا الذي لم يستوعبه عقلي.

تبين أن الشاب فعلا اصبح ينفذ مقاولات كبيرة وتبين لي أنه تعلم بالخبرة والحق أن أخاه الصغير بمركز التدريب المهني قسم الكهرباء أصبح مهتما ومتابعا لما يدرسه أخوه فكان من السهل عليه الاستيعاب النظري وتطبيقه في المجال العملي يعجبني مثل هذا الشاب الذي يمتلك الطموح المشروع ويطور قدراته ويسعى إلى استغلال الفرص المتاحة بطرق تقوم على إمكانياته المعرفية والمثابرة والاجتهاد .

> الطريق مفتوح أمام الشباب .. ولكن عليهم الابتعاد عن مجالس الاحباط والتذمر حتى لا تخمد جذوة الطموح والانطلاق نحو الأفضل فثمة متشائمون ومحبطون ربما استنفدوا كل قدرات عقولهم ومهاراتهم لحل المشكلات والتعقيدات.

> البعض من هؤلاء وصل به الأمور إلى أن يصبح فقط مراقبا للأحداث والتطورات وصار بصره وبصيرته يلتقطان جوانب الحياة اليائسة والصعبة التي تعيشها مجتمعات اليوم وهؤلاء هم الكبار في السن وهؤلاء لا يلامون ففعلا نحن نعيش في عالم التناقضات الحادة.. ففي حين يقدم العلم اختراعات مذهلة نجد .8% من سكان الأرض يزدادون شقاء وفقرا ومعاناة وخوفا وقهرا لأن هذا العلم لم يتح العمل به في الدول الفقيرة إلى جانب ذلك فإن قيم الأخلاق والفضيلة تنهار يوما بعد يوم.

صحيح أن تعقيدات الحياة أصبحت أكثر وأشد مما كانت عليه قبل ثلاثين أو أربعين عاما لكن علينا أن نؤمن أن الحياة مستمرة والأجيال الحالية والآتية لا بد أن تعيش وهذه سنة الله في الكون.

وعلى ضوء هذه الحقيقة فإن الجيل الذي يمكن أن نصفه اليوم بجيل الآباء تقع عليه أمانة التهيئة المرنة والسهلة وفتح أبواب الطموح والانطلاق أمام الشباب والتصرف كآباء حريصين على العيش الكريم للجيل الحاضر والآتي.

هذا سيتم أولا بمراجعة سلوكياتنا وأفعالنا الحاضرة المليئة بالتشوهات والتجاوزات والهلع والأنانية والطمع وثانيا أن نحسن التربية ونسهم جميعا في غرس قيم الخير والمشاركة والعمل الجماعي والتنافس الشريف وعدم الاستحواذ على حقوق الغير واحترام الرأي والرأي الآخر.

> وأهم شيء في الأخير هو إشعار جيل الشباب بأن تشخيص مشاكلنا بهذه الحدة ليس تعبيرا عن أننا وصلنا إلى طريق مسدود وإنما بغرض البحث والتوصل إلى واقع أفضل طالما والإمكانيات متاحة لذلك وجر الشباب إلى ساحة التفاؤل وتنمية الثقة في قدراتهم وإمكانياتهم والتعامل معهم كمنقذين للوضع المتردي وصانعين للتقدم والتطور المنشود.

قد يعجبك ايضا