العودة إلى المدرسة 

عبدالسلام الجوفي


عبدالسلام الجوفي

أ.د عبدالسلام محمد الجوفي

في الوقت الذي يتوجه فيه اليوم أكثر من ستة ملايين طالب وطالبة إلى أكثر من 16 ألف مدرسة منتشرة في طول وعرض الوطن تقوم وزارة التربية والتعليم حاليا وبالتعاون مع شركاء التعليم بتنفيذ جملة من البرامج الهادفة إلى تعزيز عملية الالتحاق بالتعليم باعتباره مصدرا أساسيا للتنمية والتطور وكحق كفله الدستور لمختلف فئات وشرائح المجتمع.

ويأتي حرص الحكومة على تكثيف الاهتمام بمراحل التعليم المختلفة وإيصال خدماته إلى كل المواطنين بالنظر إلى الدور الذي يلعبه في تنشئة الجيل وتشكيل سلوكياته التنشئة السليمة التي تسهم في بناء نهضة شاملة في مختلف المجالات.

وعليه أصبح من الضرورة بمكان تعزيز المواطنة في نفوس التلاميذ وتنشئتهم على القيم الدينية والأخلاقية والثوابت الوطنية ابتداء من النشيد الوطني وتحية العلم إلى جانب الوعي بالمسئولية الاجتماعية عبر سلوكيات تكتسب من خلال ممارسة الأنشطة الدراسية الصفية واللا صفية والممارسات اليومية داخل المدرسة وخارجها وفق رؤية تربوية تنطلق من حب الوطن واحترام الهوية والحفاظ على الثوابت الوطنية والولاء الكامل للوطن ونبذ العنف والتعصب إلى جانب أساليب وطرق التعبير عن الرأي واحترام وتقبل الرأي الآخر والتمتع بكافة الحقوق السياسية والمدنية التي كفلها الدستور.

وبالنظر إلى الظروف الاستثنائية التي تمر بها بلادنا منذ عدة أشهر فإن الأحداث التي شهدتها عدد من المحافظات كصعدة وأبين كان لها تأثير مباشر على واقع العملية التعليمية والتربوية في تلك المناطق وهو ما استدعى القيام بتدخلات من شأنها ضمان وصول التعليم للمتضررين من تلك الأحداث كغيرهم من أبناء الوطن.

فقد سعت وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع شركائها من الدول والمنظمات المانحة وعلى رأسها منظمة اليونيسف إلى تشكيل لجنة خاصة بالطوارئ تتولى مهمة تسيير عملية التعليم وتذليل كافة الصعوبات والعراقيل أمام سير العملية التعليمية وضمان زيادة أعداد الملتحقين به وتوفيره للجميع في كل الظروف.

وفي إطار هذا البرنامج تعمل الوزارة حاليا على تنفيذ برنامج حملة العودة إلى المدرسة والتي تستهدف عودة الطلاب والطالبات إلى المدرسة بمختلف محافظات الجمهورية وبشكل رئيسي في المناطق المتأثرة بالأحداث عبر تقديمها الكثير من المحفزات التي تشجع الطلاب والطالبات على الالتحاق بالمدرسة من توفير الخيام الدراسية كبدائل مؤقتة للمباني المدرسية للنازحين وتوزيع الحقائب والمستلزمات المدرسية على الأطفال في مناطق النزوح وكذا الأطفال من المجتمعات الفقيرة والمحرومة بالإضافة إلى تدريب المعلمين والإداريين والأخصائيين على تقديم كافة أشكال الدعم النفسي للطلاب والطالبات المستهدفين من الحملة.

وبالرغم من عظم التحديات التي تواجه فريق الطوارئ إلا أن ما يجعلنا مدركين لنجاح هذا البرنامج هو أن الوزارة قد استفادت من تجربة الحملة في العام الماضي حيث تم تنفيذها بنجاح في ثلاث محافظات هي صعدة وحجة وعمران بالرغم من ضيق الفترة الزمنية المخصصة لإعداد وتصميم البرنامج وتحديد مؤشراته فقد تعززت قدرة الوزارة على عملية التخطيط والتنفيذ والمتابعة والتقييم وهو ما سينعكس بشكل إيجابي في هذه المرحلة من الحملة بالرغم من اتساعها لتشمل كافة المحافظات حيث نتوقع أن تستقبل مدارس التعليم العام أكثر من 850 ألف طالب وطالبة في الصف الأول الأساسي.

ومع ذلك فإن ما يتحقق من نجاحات على المستوى الاجرائي لايمكن فصله عن الجهد الشعبي الذي ينبغي أن يتضافر مع الجهد الرسمي لتحقيق أعلى معدلات للالتحاق بالتعليم فالتعليم قضية مجتمعية ومسئولية جماعية وهم مشترك يجب أن يتشارك فيه الجميع في تسهيل وتذليل الصعاب أمام عودة بناتنا وأبنائنا الطلاب إلى المدرسة وضمان حصولهم على التعليم باعتباره حقا مكفولا للجميع بلا استثناء وفي نفس الوقت يجب أن يكون التعليم بعيدا عن الصراعات السياسية التي لا تقضي فقط على حاضر الأطفال بل على مستقبلهم أيضا ونتمنى أن يعي الجميع ذلك حرصا على مصلحة أجيالنا فهم المستقبل الذي نتطلع أن يكون مشرقا.

ومن هذا المنطلق ندعو الجميع أفرادا وأحزابا ومنظمات مجتمعية ورجال الإعلام وخطباء المساجد إلى التفاعل مع الحملة واستشعار مسئوليتهم الوطنية تجاه مستقبل أبنائنا كونهم أمانة في أعناقنا جميعا فالتحاق الأطفال بالمدرسة عملية لا تقتصر مسئوليتها على وزارة التربية والتعليم فحسب بل على المجتمع ككل فهي عملية يتشارك فيها المجتمع بكل فئاته ومكوناته.

كما ندعو كافة المنتسبين للعملية التعليمية والتربوية إلى التفاعل الإيجابي مع الحملة ونحن على ثقة بأن المعلمين والتربويين سيكونون عند مستوى المسئولية الوطنية والتربوية في توفير الأجواء الملائمة لسير العملية التعليمية والتربوية على أكمل

قد يعجبك ايضا