العيد .. والربيع العربي! 

معاذ الخميسي



معاذ الخميسي

معاذ الخميسي

{ كان يأتينا العيد بعد أن ننتظره طويلا وقبل أن تشرق شمس أول أيامه كنا ننام ونحن نحتضن ملابسنا الجديدة ونصحو لنحتفل به وبساعاته وأيامه بكل الطقوس الجميلة والعادات الرائعة وببهجة لا تغادر ما حولنا وسرور ليس له مثيل على الإطلاق.

> كان للعيد مذاقه الخاص وهو يسعد الكبير والصغير ويشكل محطة استراحة وفرحة ولقاء وتزاور.. ويعني للجميع الشيء الكبير والكثير حين يعيد للأذهان أجمل وأحلى العادات التي ارتبطت به منذ القدم.

> طبعا أنا أتكلم عن ما مضى وما كان.. أما اليوم فلا مجال أن نربط عيدنا هذا الذي نعيشه هذه الأيام بأعياد كانت وذهبت وانتهت ولم نعد نجد شيئا منها إلا الاسم فقط.. ويا ليتنا توقفنا عند اختفاء الفرحة وفقدان البهجة وضياع مظاهر ومباهج وعادات وتقاليد العيد.. ولكن المؤلم والمحزن أن الفرحة استبدلت بالحزن والبهجة بالحسرة وأصبح العيد مساحة تثقلنا بالهموم والغموم بداية من غلاء الأسعار وعدم استطاعة أي أب توفير أقل المطلوب للأولاد ومرورا باختفاء أبسط عناوين العيد والمتنزهات ومدن الألعاب وما يتم من تعامل ربحي انتهازي في ما توفر منها.. وختاما بما نعيشه من أوجاع كثيرة وضعتنا نحن أمة العرب والمسلمين في خانة من لا حول لهم ولا قوة أمام ما يحصل من عدوان وانتهاكات واستهدافات وحروب مختلفة هدفها المزيد من الجوع والتخلف والخلاف والصراع في ما بيننا وصولا إلى طمس كامل لأصل وفصل الحضارات ولمن توسعوا وحكموا وسيطروا!

> وعيدنا اليوم أكثر ألما ووجعا وأولئك الذين دفعوا مليارات الدولارات وضحوا بآلاف البشر من أجل أن ينجحوا في مخططاتهم وأهدافهم الخبيثة ضد الأمتين العربية والإسلامية قد وجدوا ما هو أنجح وأفضل من الاستعمار ومن الغزو العسكري والغزو الفكري والثقافي وأخيرا الإعلامي.. وهو الغزو عن بعد!

> نعم وجدوها أخيرا بعد أن بحثوا عنها أعواما وقرونا عديدة وها هم اليوم ومن بعيد.. من داخل مكاتبهم.. وغرف نومهم.. ومن منتجعاتهم الصيفية.. ينفذون أدق تفاصيل الخراب والشتات والتقسيم وزرع الأحقاد والضغائن بين أبناء الأمة بل والأسرة الواحدة!

> هم الآن في وضع أفضل.. لا ينفقون المليارات.. ولا يخسرون أرواح البشر.. وشاشات تلفزيونية عدة في مكان واحد تمكنهم من متابعة فيلم ما أطلقوا عليه تسمية «الربيع العربي» الذي يعرض مشاهد ساخنة طالما تمنوها وبحثوا عنها لخلافات طاحنة وانقسامات قاصمة وحروب ودماء وأشلاء بين الأخ وأخيه والأب وابنه!

> متوقع جدا أن يطل أحد الجهابذة في زحمة أحزان العيد ليقول إنه التغيير ويدس رأسه في رمال من لا يعجبه النظر إلى أبعد من أنفه وهو ينفي وجود أية علاقة بين ما يحصل وما تريده وتخطط له منذ زمن بعيد قوى الشر وأعداء الأمة!

> سأقول التغيير سنة الحياة وهو مطلبنا جميعا أمس واليوم وغدا ولكن بإيجابية وبنظام وبالديمقراطية حتى نضمن أنه للأفضل.. وهذا الذي يحدث ليس ربيعا بل إنه موت وانقسام وصراع وأحزان متجددة ترفض احترام حتى العيد.. و”بأي حال عدت يا عيد”!

moath1000@yahoo.com
 

قد يعجبك ايضا