الهجرة إلى المستقبل 

الدكتور عبدالعزيز المقالح


الدكتور/ عبدالعزيز المقالح

د/عبدالعزيز المقالح
يشدني كثيرا الحديث عن المستقبل وتستأثر بحواسي تلك الكتابات التي تخاطب أبناء العالم الثالث وتدعوهم بإلحاح إلى أن ينظروا إلى مستقبلهم ومستقبل الأجيال القادمة بدلا عن إطالة النظر إلى الماضي والتلفت الدائم في فراغ الحاضر والرؤية إلى المستقبل تعطي شعوب العالم الثالث أملا في غد جميل يختلف عن اليوم وتدفع بهم إلى العمل الجاد لكي يصلوا من خلاله إلى ذلك المستقبل الذي يحلمون بالوصول إليه فلا شيء يحرر إنسان العالم الثالث من مشكلات واقعه الكئيب وما يكتنفه من خلافات وتفاهات غير شدö الرحال نحو المستقبل بكل ما يمتلكه هذا الإنسان من قدرات وطاقات تجعل من رحلته المهمة صوب الحياة الجديدة أكثر من ناجحة. ولست مبالغا إذا ما قلت أننا في هذا الوطن بعد أن وصلت المنازعات السياسية بالتطور الاجتماعي والاقتصادي إلى ما يشبه الجدار المسدود ونحن بذلك أحوج ما نكون إلى الهجرة المستقبلية والابتعاد عن كل ما يضاعف رصيد السلبيات. لقد هاجر اليمني إلى خارج وطنه وعاش الهجرة بأشكالها السعيدة والمؤلمة وهاجر قبل ما يقرب من نصف قرن من ماضيه السياسي القديم لكنه لم يخرج من تلك الهجرات بشيء يعتد به في حياته الراهنة يخفف عنه سطوة الخلافات وما تنتجه من تكرار الضغوط النفسية والمادية ومن الدوران حول الإشكاليات المزمنة وأصبح خلاصه يتوقف على هجرة جديدة ومختلفة هجرة إلى المستقبل . ولن يتحقق ذلك الهدف العظيم إلا إذا كانت الهجرة مشتركة يقوم بها كل اليمنيين وينذرون لها جهدهم وإمكاناتهم . وستكون أولى ثمارها أن ينسى الجميع خلافاتهم الراهنة التي ستذوب وتتلاشى مع أول خطوة صحيحة نحو المستقبل. إن السفر المادي والانتقال من بلد إلى آخر أيسر بما لا يقاس من السفر المعنوي والانتقال من حال إلى حال قد تكون مشقة السفر المادي جسدية لكن مشقة السفر المعنوي أشق لما تتطلبه من إرادة قوية وتجرد من الأنانية ومن اقتناع تام بضرورة تناسي الخلافات وتجاوز صغائر الأمور حتى لا ينتقل الناس إلى المستقبل مثقلين ببقايا الإحباطات والمنازعات والخلافات الثانوية التي تحول دون ارتقاء الشعوب وتقدمها ومن يستعرض واقعنا الراهن في ضوء العقل يدرك أبعاد الإهدار الهائل إهدار في الوقت وإهدار في الطاقات وتبديدها فيما يضر ولا ينفع . ومن هنا لا خلاص من ذلك كله إلا بالإجماع على ضرورة الهجرة من هذا الواقع الباعث على الإحباط واليأس ولا حل إلا بالاندفاع نحو زمن آخر يستعيد معه الإنسان في هذا البلد قدرته على التجدد والتجاوز . إن الهجرة إلى المستقبل لا تعد هروبا إلى الأمام ولا تكون فرارا من مواجهة المشكلات وإنما هي واحدة من أنجع الوسائل وأنجحها في توحيد الصفوف واستشعار الخطر من البقاء في مربع الإحباط وما يطرحه الوقوف من تكرار الأسئلة وتكرار الإجابات . يضاف إلى ذلك أن الهجرة إلى المستقبل لا تعني بحال من الأحوال إهمال الماضي أو إغلاق أبواب التواصل معه للتأمل في تجاربه والاستفادة من الخبرات المستخلصة عنه . وتبقى إشارة أخيرة وهي أن الهجرة إلى المستقبل لا تحتاج إلى جوازات ولا تأشيرات سوى العزيمة والشعور بأهمية الخروج من مستنقع الحاضر الأليم. الشاعر عبداللطيف عثمان في ديوانه الأول: يستطيع الشاعر المبدع والموهوب أن يثبت حضوره الإبداعي من خلال نصوصه الأولى. وهو ما يؤكده الديوان الأول للشاعر عبداللطيف عثمان بقصائده المنتمية إلى الشعر الأحدث. وكان أول ما لفت انتباهي في الديوان قصيدة قصيرة كان حظها أن تكون في نهاية الديوان وعنوانها (اليابسة) وهذه هي: “اليابسة بحر مواز مملوء حيتان وأسماك ناطقة”. في هذه الكلمات القليلة من الرموز والبناء الفني ما لا يكون في المطولات الشعرية. يقع الديوان في 293 صفحة من القطع الصغير. تأملات شعرية : أي مستقبل يتوعدكم أيها السابحون على مخدع الوهúم والسائرون وأنتم نيامú . كيف لا تخجلون وقد برöئتú من خلافاتكم ذمة الله واحترقتú طاقة الناسö بين انتظار الحوار الذي لم يتم وبين هدير الخصامú ¿

قد يعجبك ايضا