أرجوكم أوقفوا هذا المشروع العشوائي
الدكتور عبدالعزيز المقالح
الدكتور/ عبدالعزيز المقالح
د/عبدالعزيز المقالح
قبل أن تبدأ اللجنة الموكل إليها شأن تسمية شوارع العاصمة في تنفيذ ما توصلت إليه من مشروع يبدو أنه يختلف كثيرا عن مشاريع اللجان السابقة لهذا الغرض يجدر التوقف طويلا عند بعض الملاحظات المهمة على المشروع الجديد وتوصيل صوت الشارع إلى المسئولين وإلى أعضاء اللجنة الذين عملوا بصمت وسرية تامة ولم يطرحوا مشروعهم سوى على عدد قليل جدا ممن يعنيهم أمر العاصمة وضبط الفوضى الشائعة في تسمية شوارعها المتكاثرة. وإذا كانت اللجان السابقة قد اعتمدت على الأرقام وحولت الشوارع إلى جدول للطرح والضرب فإن اللجنة الجديدة -وقد تكون الأخيرة- اعتمدت أسماء النواحي والمديريات والقرى . وكأن أسماء الشهداء والأعلام التاريخيين لا تكفي علما بأن عدد شهداء الوطن في مقاومة عهود الظلام والاستبداد والاحتلال الأجنبي يفوق عدد أحجار بيوت العاصمة.
وفي البدء أود أن أعترف بأن الأمانة الآن أصبحت في يد أمينة حقا وأن الأمين الأستاذ عبد الرحمن الأكوع أبن هذه المدينة يعرفها منذ طفولته شارعا شارعا وحارة حارة وتابع نموها وتطورها الإيجابي والعشوائي منذ كان طالبا إلى أن صار وزيرا بالإضافة إلى أنه من أبرز الوزراء الذين تركوا بصماتهم الإيجابية على الوزارات التي تولاها وأنه يتميز عن الجميع بشجاعته وصراحته وعدم اقتناعه بما تطبخه اللجان أو تصدر عنها من آراء تتشابك فيها المقترحات مهما كان مصدرها وذلك ما يطمئن الحريصين على أن المشروع المطروح لن يتم تنفيذه حتى يدرس وأن الأمين لن يقبل بأن تتحول العاصمة إلى معجم للبلدان أو إلى دليل تليفونات ولنترك الشهداء جانبا وندعهم ينامون بأمان وغبطة بما قدموه للوطن ولنقترب من المئات بل الآلاف من الأعلام اليمنيين الراحلين والذين اشتهروا عبر التاريخ وتسمية الشوارع بأسمائهم تضيء هذه الشوارع وتحرض على قراءتهم والتعرف على تاريخهم بدلا من أسماء القرى والمديريات .
أما ما يتذرع به البعض من أن هذا المعجم الموزع على شوارع العاصمة يراد به تقوية الوحدة الوطنية فذلك مما يشكك في هذه الوحدة وأنها لن تثبت وتستقيم إلا إذا تسجلت النواحي والمديريات في شارع أو زقاق (!!) ولعل أسماء المحافظات وعواصم المحافظات تكفي لسد ذرائع المتذرعين بالإضافة إلى أسماء العواصم العربية والإسلامية لإثبات العلائق العاطفية والروحية بين الداخل والخارج . ولا مبرر على الإطلاق في حشد أسماء القرى والنواحي والمديريات وبعضها أسماء لا تريح السمع ولا تشجع القاطنين في الشوارع التي ستبتلى بأسمائها. وقد وقع نظري بالصدفة على واحد من تلك الأسماء المقترحة وهو (شارع الوضيع) وقيل إنه اسم لإحدى المديريات وقد يكون المعنى الخاص مشتقا من التواضع لكن المعنى العام والمتداول يتصادم مع المعنى الخاص وكثيرة هي الأسماء المماثلة والتي يقال إن الغرض من إيراد كل هذا القدر الهائل من الأسماء هو – كما سبقت الإشارة – تثبيت الوحدة . مع أن الوحدة يا لجنة الشوارع راسخة في أعماق المواطنين وليست في نقل أسماء المناطق والقرى إلى العاصمة وهو ما لم يحدث ولن يحدث في أية عاصمة من عواصم الشرق والغرب القديم منها والجديد .
وتبقى في هذه الملاحظات العاجلة إشارة إلى موضوع تكرر طرحه وتعددت الاقتراحات بشأنه وهو تغيير اسم جبل “نقم” هذا الاسم الثقيل الذي يقف في حناجر المواطنين كشوكة بالغة الإيلام . ومن حق هذا الجبل الذي يحرس العاصمة ويطل عليها من الشرق ومن خلفه تطلع الشمس على المدينة كل يوم من حقه أن يستعيد اسمه التاريخي “غيمان” وأن يتحرر من اسمه الحبشي أسوة بالتغيير الذي طرأ على “ظهر الحمار” و”شارع المطيط” و”زقاق الغول” و”حجر النفاسه” وغيرها من الأسماء التي عرفتها العاصمة وكانت تثير السخرية أو الغثيان . وكثيرون هم الذين يقولون أن تغيير اسم “نقم” إلى “غيمان” قد يغيöر من طبيعة الجبل ويرفع عنه النقمة وينهي تشاؤم الزوار الذين يكون أول أسئلتهم بعد الخروج من المطار : ما اسم هذا الجبل¿ وعندما يقال لهم “نقم” يتشاءمون ويسألون الله السلامة من النقمة .
لقد غيرت الشعوب العظيمة أسماء مدنها وعواصمها وأسماء الأنهار والجبال وقوبل ذلك التغيير بالرضاء والاستحسان. وكثيرة هي البلدان التي غيرت اسمها كالملايو التي أصبحت ماليزيا والهند التي غيرت اسم بومباي مومبي ونحن نعجز عن تغيير اسم جبل بدافع وطني وجمالي ولكي يتوافق مع أسماء محيطه من الجبال والأماكن والوديان ابتداء من سعوان إلى همدان وذهبان وتقبان وسنحان وخولان وعيبان وشيعان وسيان وخيران إلخ… ولكي يتوافق أيضا مع الاسم التاريخي القديم لصنعاء وهو “صنعان” بالألف والنون !! فهل هناك من يقرأ أو يسمع أو يستجيب ¿
الشاعر الكبير الدكتور سلطان الصريمي في ديوانه الجديد :
قليل بل نادرون هم الشعراء الذين يجمعون في إبداعاتهم