العرب وتحديات الأزمة الاقتصادية العالمية 

الدكتور عبدالعزيز المقالح


الدكتور/ عبدالعزيز المقالح

د.عبدالعزيز المقالح
< تحيرت طويلا وقد أبقى حائرا لفترة أطول تجاه هذه العبارة المنقولة عن مجلة “الايكونويست” البريطانية الصادرة منذ أسابيع قليلة . والعبارة تصف حالة التردي الاقتصادي في الولايات المتحدة الأمريكية وتقول بالحرف الواحد : ” الأزمة المالية تضرب كل بيت في أمريكا خاصة أفراد الطبقة الوسطى ” وحيرتي وحيرة من سوف يقرأون هذه العبارة تأتي من كونها تسلبنا القدرة على التعبير الكافي عن تأثير الأزمة الاقتصادية الدائمة في الوطن العربي وما تعانيه الغالبية الساحقة من البيوت العربية . صحيح أن البيت الأمريكي اعتاد على مستوى عال من المعيشة الراقية لا يمكن مقارنتها بمستوى المعيشة في البيت العربي الذي يكتفي بالقليل إلا أن الخوف يتملك الجميع مما تقود إليه الأزمة الاقتصادية المتصاعدة في أغنى الشعوب من حرمان هذا البيت من هذا القليل .
ومن النافل القول بأن الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في العالم أجمع تستدعي صحوة عربية وموقفا مسئولا من الأنظمة تجاه ما يحدث وتجاه مواطنيها قبل أن يصل الحال إلى درجة يصعب مواجهتها فالدراسات العميقة والاستطلاعات المتوالية تثبت أن الاقتصاد العالمي في طريقه إلى مزيد من التدهور وأنه قد لا يتعافى قبل سنوات عجاف . وحتى لا يترك ذلك التدهور أثره الأسوأ على الأوضاع العربية ويتحول الوطن العربي إلى منطقة استنـزاف لما تبقى في أرضه من ثروات لا مناص من إيجاد منظومة اقتصادية عربية فاعلة تعيد النظر في كل القرارات والتوصيات الخاصة بالتكامل الاقتصادي والسوق العربية المشتركة والبدء في تطبيق الأهم منها والمهم لأنه بدون اتخاذ مثل هذه الإجراءات والمسارعة في التنفيذ فلا مستقبل للعرب في عالم لا يرحم أبناءه فضلا عن الغرباء .
إن الفقر هو الغول الجديد الذي يهدد استقرار العالم ويدفع الجياع إلى ارتكاب أبشع الجرائم في سبيل الحصول على لقمة العيش فإذا ما توفرت هذه اللقمة وأجاد القادة حل هذه المشكلة فإن كل شيء بعد ذلك يبدو يسيرا ومقدورا عليه .
وكلما تصورت جموع الأيدي العاملة في بلادنا وأصحابها واقفون على الأرصفة يتلفتون يمنة ويسرة بحثا عمن يؤمن لهم أو لأحدهم طعام اليوم تشاءمت من المستقبل ومن تأخر الحلول في مطابخ بعض المسئولين المتخمين وشعرت بأن الشعر الأبيض الذي يملأ رأسي يزداد اشتعالا لا سيما وأن صراخ الكلمات لا يصل إلى حيث يراد له أن يصل وأن شكاوى البطون الجائعة تتعالى في تصاعد واندفاع محموم . وليست هذه الصورة خاصة ببلادنا وحدها وإنما هي جزء من الصورة الأكبر التي يلتقطها الوجدان في الأقطار العربية مجتمعة باستثناءات لا تكاد تذكر إذا ما استخدمنا المقياس العددي أو بكلمة أدق الإحصائي .
لقد كونت الدول الرأسمالية تقدمها وسعادة أبنائها ورفاهيتهم مما استنـزفته من خيرات الشعوب التي خضعت للاحتلال وهذه الدول لا تكف في ورطتها الحالية عن البحث عن المستعمرات القديمة أو عن مستعمرات جديدة لحل أزمتها المالية حتى لو كان ذلك الحل عن طريق خوض الحروب وافتعال أسبابها كما حدث في العراق وأفغانستان ولن تعدم تلك الدول العملاء والمأجورين من أبناء البلدان المستهدفة الذين سيقدمون التسهيلات اللازمة ولا يتحرجون من أن يتقدموا أرتال الدبابات الذاهبة لسحق أوطانهم وهم الذين سيفتحون الأبواب وعلى أفواههم كلمات الترحيب الخانعة الرقيعة وليس ما حدث بالأمس القريب في العراق الذي ما زال جسده ينـزف سوى النموذج الذي سوف يحتذى في الهجوم على أي بلد للدول الكبرى المأزومة على أرضه مغنم جدير بالتضحية والمغامرة . 
خالد عبدالحليم العبسي في (ألحان من فيوض المدائن) :العنوان الكامل للكتاب هو (ألحان من فيوض المدن رحلة إلى كوبا أرض الحب والثورة) وإذا كانت كتب الرحلات تحتل في المكتبة المعاصرة مكانة خاصة وتجد من القراء إقبالا منقطع النظير فإن الإعجاب بها يتضاعف والشغف بقراءتها يتزايد عندما يبدعها أديب بارع التصوير أنيق العبارة كما هو الحال مع هذا الكتاب البديع الذي يكشف عن موهبة شعرية لمؤلفه خالد عبدالحليم العبسي تجلت في سرد الرحلة أولا ثم في الاستطرادات والهوامش واللوحات الشعرية الخارجة عن سياق الرحلة. والتي ارتقت إلى درجة عالية من الشعر. الكتاب صادر عن مركز عبادي للدراسات والنشر ويقع في 135 صفحة.
تأملات شعرية:
أرحموا أهلكم
والقصور التي شادها بذخ الأمس
من قبل أن ترحموا غيركم
أو تجودوا على الفقراء الجياعú .
لا مكان لكم غير أوطانكم
ليس ينفعكم ما بنيتم هناك
ولا ما ادخرتم لأبنائكم ولأحفادكم
كله يتلاشى
ويغدو سرابا
بكف الضياعú.
 
 
 

قد يعجبك ايضا