حركات المعارضة والمقاومة في‮ ‬تهامة‮ ‬‮-‬1962-1918م


عرض/فتحي‮ ‬الطعامي –

.. ‬مـن الاتراك حتى الثورة السبتمبرية

عرض/فتحي‮ ‬الطعامي

هذه قراءة في‮ ‬كتاب‮ (‬حركات المعارضة والمقامة في‮ ‬تهامة‮ ‬1918‮-‬1962م‮) ‬الذي‮ ‬يوثق الدور البارز والمهم لأبناء تهامة في‮ ‬مقاومة الحكم الامامي‮ ‬في‮ ‬تلك الحقبة والتضحيات التاريخية التي‮ ‬بذلوها خلال قرابة نصف قرن سبقت الثورة‮.‬
الكتاب وهو عبارة عن رسالة للحصول على درجة الدكتوراه للباحث الدكتور عبدالودود مقشر تطرق للمحطات التاريخية والأحداث والمعارك والوضع السياسي‮ ‬بمنطقة تهامة إضافة الى ترجمة للعديد من شخصيات تلك المرحلة‮.‬
يعتبر كتاب‮ (‬حركات المعارضة والمقاومة‮) ‬والذي‮ ‬حاز الباحث بموجبه درجة الدكتوراه من أهم الكتب التي‮ ‬وثقت لمنطقة تهامة في‮ ‬وقت‮ ‬يندر فيه الحصول على الوثائق التاريخية التي‮ ‬لم‮ ‬يتم تدوينها إلا ما ندر ناهيك عن أن كثيرا من الكتابات التاريخية أغفلت هذه المنطقة بالرغم من الأحداث الكثيرة والطويلة‮.. ‬فهي‮ ‬المنطقة الوحيدة التي‮ ‬لم تهدأ طوال النصف الأول من القرن الماضي‮.‬
بذل الكاتب جهدا كبيرا كون العمل كان شاق والوثائق مبعثرة هنا وهناك فبعضها كان لا‮ ‬يزال في‮ ‬صدور الرجال والمعمرين الذين عايشوا تلك الفترة وبعضها كانت ضمن الوثائق الأجنبية للدول التي‮ ‬كانت على علاقة بهذه المنطقة سواء لعلاقتها‮ ‬بالاستعمار أو لاهتمامها بموقعها الجغرافي‮ ‬أو السياسي‮.. ‬ومنها الوثائق الروسية والوثائق الانجليزية والفرنسية والتركية والايطالية‮.‬

مع زيارة العديد من المناطق التي‮ ‬كانت مسرحا لأحداث ومعارك كان طرفيها أبناء هذه المنطقة وقوى أخرى استعمارية او حروب شنها عليهم الحكم الإمامي‮ ‬الماضي‮.‬
كل تلك الجهود التي‮ ‬بذلها الباحث في‮ ‬كتابه جعل من الكتاب‮ ‬يستحق أن‮ ‬يكون مرجعا تاريخي‮ ‬نادرا‮ ‬يشتمل على تاريخ هذه المنطقة في‮ ‬أهم المراحل والمحطات التاريخية‮.‬
وقد قسم الكتاب الى عدد من الفصول‮:‬
حيث تطرق الفصل الأول فيه الى الحكم العثماني‮ ‬الأول والثاني‮ ‬لمنطقة اليمن بشكل عام ولمنطقة تهامة بشكل خاص والذي‮ ‬عمل الاتراك العثمانيين على تقوية دولتهم فيها بسبب الموقع الجغرافي‮ ‬الساحلي‮ ‬الذي‮ ‬تمتاز به المنطقة والذي‮ ‬كان محل أنظار الدولة الاستعمارية‮.‬
كما تطرق الفصل الأول الى حكم الاشراف لمدينة الحديدة ابتداءا بالشريف الحسين علي‮ ‬بن حيدر وهو كما قال المؤلف من أعدل الحكام الذين تولوا على تهامة‮ (‬من حليب ابن عمر الى المخا‮)‬
‮- ‬كما تطرق الكتاب الى الغزو المصري‮ ‬للحديدة بقيادة محمد علي‮ ‬باشا وعن الاتفاق الذي‮ ‬تم بين الشريف الحسين بن علي‮ ‬حيث تذكر الوثائق المصرية أن هناك اتفاقا بين الشريف الحسين بن علي‮ ‬مع القوات المصرية والتي‮ ‬انسحبت بسرعة من تهامة تاركة وراءها معداتها وكميات الغلال التابعة لها في‮ ‬الحديدة والمخا‮ ‬على أساس أن‮ ‬يقوم الشريف الحسين بإرسال كل ذلك إلى جدة ليتسلمه الأخيرين‮.‬
‮- ‬وأشار الكتاب للولاة الاتراك واسباب قدوم العثمانين الي‮ ‬اليمن والتي‮ ‬ضمنها في‮ ‬عدة أسباب‮ ‬يأتي‮ ‬في‮ ‬مقدمتها بسط الاتراك لسيطرتهم في‮ ‬رقعة الوطن العربي‮ ‬والتي‮ ‬كانت تابعة للدولة العثمانية انذاك‮ ‬إضافة الى خوف العثمانيين من أن‮ ‬يصل الى هذه المناطق‮ ‬غيرهم من المستعمرين المتربصين من الانجليز والألمان‮.‬
‮- ‬كما تطرق الباحث الى أسماء الولاة العثمانيين في‮ ‬اليمن وفي‮ ‬تهامة والى الأسباب الرئيسية الى أدت الى أندلاع الثورة في‮ ‬تهامة ضد العثمانيين وفي‮ ‬مقدمة تلك الثورات المسلحة معركة قبيلة الجرابح حيث اندلعت عقب ثورة الزرانيق ثورة أخرى وبتنسيق كامل مع حركات المقاومة التهامية وهي‮ ‬ثورة قبائل الجرابح‮ ‬والسبب المعروف‮ (‬سوء معاملة عامل‮- ‬قائم مقام‮ – ‬الأتراك عليهم‮).‬
‮- ‬كما ذكر الكاتب في‮ ‬كتابه الى الإعتداء الغاشم الذي‮ ‬تعرضت له منطقة تهامة من قبل الايطاليين حيث تعرضت ميدي‮ ‬للقصف المدفعي‮ ‬مما أدى إلى تدميرها مع مينائها بشكل شبه كامل من قبل البوارج الحربية الإيطالية في‮ ‬شعبان‮ ‬1320هـ‮ / ‬أكتوبر‮ ‬1902م‮ ‬وحمل الكاتب الدولة التركية مسؤولية عدم الدفاع عن منطقة تهامة في‮ ‬حينه فقال‮ (‬وأياٍ‮ ‬كانت الأسباب أو الذرائع المؤدية إلى ذلك التدمير‮ ‬فإن موقف الدولة العثمانية‮ – ‬وتهامة تحت سيطرتها‮- ‬كان موقفاٍ‮ ‬ضعيفاٍ‮ ‬إن لم‮ ‬يكن متساهلاٍ‮ ‬ومتعاوناٍ‮ ‬مما أدى‮ – ‬فيما بعد‮ – ‬إلى زيادة تأجيج حركات المقاومة التهامية‮).‬
وعرج الكاتب الى الحكم الإدريسي‮ ‬في‮ ‬تهامة وممارساته بحق أبناء هذه المنطقة من فرض الاتاوات والغرامات والسجن والقمع‮.. ‬حتى على كثير من رواد العلم والثقافة‮.‬
كما أشار الكاتب الى أسباب الثورات في‮ ‬اليمن عامة وفي‮ ‬تهامة على وجه الخصوص ضد العثمانيين فقال‮ (‬بعد دخول القوات العثمانية اليمن‮ ‬قامت الثورات ضدهم لأسباب ودوافع أهمها سوء الإدارة‮ ‬فظلم الولاة واستبدادهم وقسوتهم وتعاليهم وعجرفتهم‮ ‬وممارسة كل أنواع التعذيب والجبروت والفساد بعيداٍ‮ ‬عن أعين الدولة‮ ‬وإهمال الدولة العثمانية أيضا لليمن لبعدها عن العاصمة و(بحكم ازدياد الاضطراب في‮ ‬عاصمة السلطنة نفسها‮ ‬من أساليب الابتزاز عند العثمانيين إثارة النعرات والحروب القبلية في‮ ‬تهامة ثم التدخل بعد زمن لفرض أموال جزيلة على المتخاصمين تسمى الجراد وهي‮ ‬أخذ ريال من كل شخص أو التعرض للضرب والتعذيب والسجن حتى‮ ‬يسدد هذا المبلغ‮.. ‬إضافة الى العديد من الممارسات التي‮ ‬عجلت بخروج الاتراك‮.. ‬وعن تلك المعارك التي‮ ‬حصلت بين العثمانيين وابناء تهامة‮ ‬يقول الكاتب‮ (‬عقب استقرار المشير أحمد مختار باشا في‮ ‬صنعاء‮ ‬بدأت حركات المقاومة التهامية تظهر‮ ‬فقد انفجرت الحرب فجأة بين القبائل التهامية والعثمانيين في‮ ‬مناطق شتى من تهامة‮ ‬ففي‮ ‬زبيد ثارت القبائل التابعة لهذا القضاء‭, ‬ومنهم قبائل الركب في‮ ‬الجنوب‮ ‬وقد اتجه لضربها والتنكيل بها متصرف الحديدة احمد حلمي‮ ‬واتجهت حملة لأجل إخضاع الزرانيق(فقد خرجوا عن الطاعة‮ ‬لذا أصدر المشير أمراٍ‮ ‬حول تأديب وتنكيل أهالي‮ ‬المنطقة المذكورة والنظر في‮ ‬الإصلاحات المقتضية وتحصيل الأموال الأميرية‮.. ‬فتألفت قوة عسكرية من سريتين من الفوج الثالث التي‮ ‬كانت في‮ ‬الحديدة سابقاٍ‮ ‬مع سريتين التي‮ ‬هي‮ ‬في‮ ‬زبيد من العساكر العثمانية وسرية واحدة من عساكر الدرك فأصبح مجموع القوة خمس سرايا بإمرة أمين اللواء خليل أفندي‮ ‬للقيام باستطلاع وتفتيش داخل قائمقامية زبيد في‮ ‬تهامة‮ ‬في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬ضرب الباشا المذكور قبيلة الركب ونكل بها‮) ‬وحدثت حروب عديدة قتل خلالها شيخ الطرف الشامي‮ ‬للزرانيق بكر جروب معروف في‮ ‬معركة قادها العقيد أحمد حلمي‮ ‬باشا ومعه أركان حربه من قادة الجيش العثماني‮ ‬وتكبدت القوات العثمانية خسائر فادحة‮ ‬ولكن المعمرين‮ ‬يؤكدون أن مقتل الشيخ بكر جروب معروف جاء نتيجة‮ ‬غدر من العثمانيين وبأمان أعطي‮ ‬لهذا الشيخ لاستدراجه للتفاوض‮ ‬ومن ثم تم قتله بعد أن قاوم وقتل اثنين من العثمانيين فقد(قتل شيخ الطرف الشامي‮ ‬من قبيلة الزرانيق وقتل اثنان من الدرك من قبل شرذمة من العصاة‮..).‬
كما أكد الكاتب أنه رجع الى العديد من المراجع كان منها ما أورده المخرج الروسي‮ ‬شيندروف والذي‮ ‬قدم الى تهامة اليمن سنة‮ ‬1920م وقام بتوثيق الأوضاع في‮ ‬تهامة وخاصة الزرانيق الذين كانوا‮ ‬يقتادون الى سجون حجة مكبلين بالأغلال عقب بعض تلك المعارك‮.‬
كما تطرق الكاتب الى وضع تهامة بعد خروج الأتراك فقد ذكر أن تهامة دخلت ضمن البند السادس عشر من اتفاقية الهدنة والتي‮ ‬تنص على أن‮ (‬تسلم كل الحوامي‮ ‬التركية في‮ ‬الحجاز وعسير واليمن وسوريا والعراق لأقرب قواد الحلفاء إليها‮.. ‬إلا أن ذلك جعل من تهامة لقمة سائغة للحكم الامامي‮.. ‬وهو الأمر الذي‮ ‬رفضه الأتراك العرب‮ (‬العساكر العرب في‮ ‬الجيش التركي‮ ‬من السوريين والعراقيين‮ …) ‬للخروج من اليمن وظلوا‮ ‬يحاربون مع أبناء تهامة ضد الحكم الإمامي‮.‬

الاحتلال البريطاني
كما تطرق الكاتب الى احتلال البريطانيين لتهامة وما تمخض عنه فقال‮: ‬
وجدت بريطانيا ذريعة لاحتلال تهامة عسكرياٍ‮ ‬تحت ذريعة تنفيذ اتفاقية هدنة مندروس‮ ‬ولكن السبب المباشر هو تمرد القيادة العسكرية التركية بتهامة واليمن عن تنفيذ اتفاقية الهدنة‮ ‬وأعلن البريطانيون أن‮ (‬الغرض من احتلال القوات البريطانية هو الإشراف والمراقبة على جلاء الجنود الأتراك من اليمن وعسير وتهامة وتيسير ذلك في‮ ‬مدة أقصاها فبراير1919م لتسليم هؤلاء أنفسهم طواعية‮)‬‮ ‬هذا هو المعلن ولكن هذا الاحتلال الذي‮ ‬أمتد ثلاث سنوات من صباح‮ ‬يوم السبت الحادي‮ ‬عشر من ربيع الأول‮ ‬1337هـ‮ / ‬الرابع عشر من ديسمبر‮ ‬1918م حتى‮ ‬يوم الجمعة الثاني‮ ‬عشر من جمادى الأولى‮ ‬1339هـ‮ / ‬الحادي‮ ‬والعشرين من‮ ‬يناير‮ ‬1921م حقق له بعض ما أراده‮ ‬فالأهداف الكامنة وراء احتلال البريطانيين لتهامة تحقق بعض منها وهي‮ :-‬
1‮- ‬جعل المخاء والخوخة وموزع وابن عباس والصليف قواعد عسكرية مؤقتة واتخاذ الحديدة قاعدة ثابتة ليتم شحن الجنود الأتراك مع ما تبقى لديهم من معدات حربية‮ ‬وتم هذا الهدف مع‮ (‬استسلام فرقة تهامة والتي‮ ‬اجتمعت كلها في‮ ‬باجل والمراوعة ولم‮ ‬يبق إلا القليل في‮ ‬الزيدية وأصبحت اللحية وعبس خالية من العسكر في‮ ‬الخامس والعشرين من ربيع الثاني1337هـ‮ / ‬السابع والعشرين من‮ ‬يناير‮ ‬1919م‮ ‬ثم استسلام الفيلق السابع أحمد توفيق باشا في‮ ‬يوم السبت الثامن من مارس‮ ‬1919م مع ضباطه وجنوده‮ ‬وأخيرا تسليم‮ ‬غالب بك قائد المنطقة الشمالية لتهامة مع إلياس بك نفسيهما للمحتل البريطاني‮ ‬في‮ ‬يوم الأحد التاسع من جمادى الآخرة‮ ‬1337هـ‮ / ‬الحادي‮ ‬عشر من مارس وهما من أبرز المقاومين والمطلوبين وبذلك انتهت القوة العسكرية للأتراك في‮ ‬تهامة‮.‬
2‮- ‬المطالبة بإطلاق جميع الرعايا البريطانيين والأوروبيين والذين كانوا موجودين في‮ ‬تهامة قبل الحرب العالمية الأولى والمحتجزين لدى العثمانيين في‮ ‬الحديدة ثم تم نقلهم إلى باجل ومناخة كورقة ضغط على البريطانيين‮ ‬فتم إطلاقهم بعد الاحتلال البريطاني‮ ‬لتهامة‮.. ‬قال الوشلي‮:-(‬أطلقت أسرى الانجليز الذين كانوا في‮ ‬مناخة وهم الذين كانوا في‮ ‬الحديدة‮ ‬يتجرون قبل وقوع الحرب والحصار‮ ‬ولما وقع الخلاف بين الترك والانجليز أوخذوا بحْكم الأسر وسْيروا إلى مناخة وأطلقوهم الآن وسيروهم إلى الحديدة‮) ‬وذكر بولدري‮ ‬أنهم‮ ‬132هنديا بريطانيا و46‮ ‬يونانيا و1يهودي‮ ‬1‮ ‬سوري‮ ‬كاثوليكي‮.‬
3‮- ‬رغبة البريطانيين في‮ ‬توطيد أقدامهم بتهامة واتخاذها منطلقا لإلحاقها بمستعمرة عدن‮ ‬وهذا الاحتمال للاحتلال نسفته شدة ضراوة المقاومة التهامية‮ ‬فاضطر الانجليز إلى الانسحاب الفوري‮ ‬بعد‮ (‬اقتناعهم بأن الاحتفاظ بقطعة من تهامة معرضة في‮ ‬هذا الوقت لوخز الدبابيس المستمر من قبل القبائل المتاخمة لها والمدافعة عنها وانه امر‮ ‬يفوق طاقتها‮).‬
4‮- ‬احتفاظ البريطانيين بالحديدة لكونها‮ (‬تريد إبقاء‮ ‬يدها الطولى في‮ ‬المنطقة‮ ‬ومن ثم تريد محاصرة القومية العربية التي‮ ‬بدأت بالتوالد‮).‬
5‮- ‬استباق القوى الاستعمارية الأخرى‮ – ‬الفرنسيين والإيطاليين‮ – ‬في‮ ‬احتلال الشاطئ الشرقي‮ ‬للبحر الأحمر وخصوصاٍ‮ ‬الإيطاليين الذين حلموا بالسيطرة على هذه الأرض وخططوا لها‮.‬
حفظ النظام والأمن في‮ ‬مدينة الحديدة والمناطق المجاورة لها في‮ ‬انتظار قرار خاص من القوى العظمى بملكيتها‮ ‬وهو ما أعلنته بريطانيا كأحد أسباب احتلال تهامة وخشيتها من أن تعم الفوضى تهامة وينعدم الأمان واعتبرت أن تدخلها هو التزام أخلاقي‮ ‬باعتبارها المنفذ لاتفاقية مندروس‮ ..!‬
6‮- ‬استغلال البريطانيين احتلال الحديدة كورقة مساومة وضغط على الإمامين الإدريسي‮ ‬ويحيى من اجل تحقيق أهداف استعمارية بحتة‮.‬

مواجهة الحكم الامامي
وعن حروب الحكم الإمامي‮ ‬مع ابناء تهامة عامة وقبائل الزرانيق على وجه الخصوص ذكر الكاتب أن هناك العشرات من المواجهات بين الإمام‮ ‬يحيى وأبنائه سيوف الإسلام وبين أبناء هذه المنطقة ومنها معركة العبسية والقحرى في‮ ‬بداية عشرينيات القرن المنصرم ومعركة الجرابح‮.. ‬وعن الخديعة التي‮ ‬استعملها الإمام‮ ‬يحي‮ ‬مع ابناء هذه المنطقة أوضح بأن دخوله الى تهامة كان دعما لأبناء تلك القبائل للتخلص من الاستعمار العثماني‮ ‬الذي‮ ‬كان موجود ومن الهجمات البريطانية والايطالية على السواحل التهامية إلا أن ذلك الدعم تحول الى ممارسات قمعية أراد من خلالها الإمام‮ ‬يحيى بسط نفوذه على هذه المنطقة التي‮ ‬كانت تحت الوصاية التركية وتخضع لحكم الأدارسة الذين بدأ حكمهم‮ ‬يتلاشى بسبب ضعف في‮ ‬تولى زمام الحكم‮.‬
وتطرق الكاتب الى بعض تلك الحروب ابتداءٍ‮ ‬بمعركة زبيد وسقوطها في‮ ‬يد الإمام‮ ‬يحيى وبعد ذلك معارك حيس والخوخة والمخا‮.‬
لتدخل منطقة تهامة كما‮ ‬يقول الكاتب في‮ ‬مواجهة عسكرية مع الإمام‮ ‬يحيى وجيوشه في‮ ‬تهامة وكان أبرز تلك المعارك هي‮ ‬معركة المعاصلة المعروفة والتي‮ ‬حصلت بين القوات الإمامية وابناء تهامة ثم معركة الركب للسيطرة على تـــهامة وســقوط الحديـــدة‮.‬
اجتمع الإمام‮ ‬يحيى مع مقادمته بعدما لوح له محمود نديم بأن الوقت قد حان للسيطرة على تهامة‮ ‬فـ(ضم الإمام إلى جانبه واستمال سلماٍ‮ ‬دون إطلاق رصاصة واحدة‮ – ‬جبال عبال والحجيلة وبني‮ ‬سعد‮ -‬فخطته خطة بارعة فتلك القبائل والمواضع أصبحت بلادهم شاغرة من الحاميات والأمير الذي‮ ‬لديهم للإدريسي‮ ‬على الوصف الذي‮ ‬وصفناه سابقاٍ‮ ‬صورة من الإهمال ولا وراءه سند ولا إرادة قوية تسيرهم‮ ‬ومن هنا تشعر القبيلة بالفراغ‮ ‬الإداري‮ ‬والخواء النفسي‮ ‬وتجد في‮ ‬الجانب الآخر العزيمة لاستقطابها وبراعة لاسترضائها‮ ‬وبعد إرسال الأعطية والتمهيدات‮ ‬يستقدمهم إلى الجانب الآخر للمعاهدة‮ ‬ولا‮ ‬يرجعون إلى أوطانهم إلا بما‮ ‬يرضي‮ ‬خواطرهم‮ ‬وبرفقتهم كتيبة تحتل المكان وعندها‮ ‬يتقدم أحد المتبرعين من المشايخ ويسر إلى العامل‮ :- ‬أن القوم كلهم قد خالفوا‮ ‬بعضهم وصل بالجيش إلى طرف القرية‮ ‬انج بنفسك فإني‮ ‬لك من الناصحين‮ ‬فينسحب بسرعة وينتهي‮ ‬الأمر‮).‬
ثم نزلت جيوش الإمام بعشرات الألوف‮ ‬يقودهم أشهر قادة الإمام ومن أخلص اتباعه وممن عرفوا بالتعصب الشديد في‮ ‬مذهبيتهم وفي‮ ‬دمويتهم‮ ‬وفضل الإمام كمرحلة أولى ولتثبيت قدمه بتهامة أن‮ ‬يكون مع كل هذه الجيوش بعض المشائخ والمناصب التهامية كدلالين للطرق وممهدين للاحتلال وقامعين للمقاومين التهاميين وواشين بهم‮.‬
كما تحدث عن بعض تلك الحروب فذكر مدن الزيدية والمنيرة وابن عباس والصليف‮ :- ‬قاد السيطرة على هذه المدن محمد بن عبدالله أبو منصر وإبراهيم بن عبدالله قوزي‮ ‬فدخلوها بسلام آمنين فاستولوا على جهات الزيدية جميعها وذلك‮ ‬يوم الأحد العشرين من شعبان‮ ‬1343هـ‮ / ‬الخامس عشر من مارس‮ ‬1925م والصليف في‮ ‬يوم الثلاثاء الثاني‮ ‬والعشرين من شعبان/السابع عشر من مارس‮ ‬وأورد تقرير بريطاني‮ ‬تحليلاٍ‮ ‬لأسباب الانهيار السريع لهذه المدن‮ :- (‬في‮ ‬15‮ ‬مارس‮ ‬حيث تقدمت قوات عسكرية تقدر بثلاثة ألف رجل تحت قيادة السيد إبراهيم قوزي‮ ‬بمصاحبة السيد عبدالله منصر ومعهم منصب الحدادية عبده جيلان‮ ‬وتقدمت هذه القوات واحتلت الزيدية والمنيرة في‮ ‬السادس عشر من مارس ثم احتلت مرسى ابن عباس في‮ ‬نفس اليوم‮ ‬وحقيقة الأمر أن كل تلك الأماكن والمواضع قد احتلت من دون قتال‮ ‬يذكر وكل ذلك بسبب تواجد منصبين من أشهر مناصب تهامة مع هذه القوات منصب المنيرة ومنصب الحدادية‮ ‬ونتيجة للاستيلاء على مرسى ابن عباس فقد قطعت كل وسائل المواصلات والإتصالات بين الحديدة وشمالها‮ ‬وسلمت الحامية العسكرية نفسها طواعية في‮ ‬الصليف للقائد الإمامي‮ ‬في‮ ‬السابع عشر من مارس‮).‬
مدن الزهرة والضحي‮ ‬والواعظات واللحية سقطت في‮ ‬يوم الأحد السابع وعشرين من شعبان‮ ‬1343هـ‮ / ‬الثاني‮ ‬والعشرين من مارس‮ ‬1925م وقاد القوات عبدالله الوزير وابن عمه أمحمد بن علي‮ ‬الوزير‮ ‬أما اللحية فقاد الحملة‮ (‬الجيوش الإمامية في‮ ‬الزيدية والمنيرة الشيخ هادي‮ ‬هيج شيخ مشائخ الواعظات في‮ ‬الثامن عشر من مارس والتي‮ ‬احتلت اللحية وارتكبت الكثير من الفظائع والمجازر‮ ‬وفر‮ ‬الشيخ عيسى إبراهيم شيخ اللحية ووصل إلى قمران بملابس تنكرية في‮ ‬العشرين من مارس‮ ‬واخبر القائد بعدم رغبته في‮ ‬العودة إلى اللحية وقرر الاستقرار مدى الحياة بقمران‮ ‬كان متألماٍ‮ ‬جداٍ‮ ‬من الاهانة التي‮ ‬ألحقها الشاب الإدريسي‮ ‬بهم‮ ‬ووصل إلى قمران ألف وأربعمائة لاجئي‮ ‬من اللحية والمدن الرئيسية الأخرى في‮ ‬تهامة وأصدر المفوض العام لجزيرة قمران قراراٍ‮ ‬يحظر بموجبه استقبال لاجئين آخرين بداعي‮ ‬عدم توفر أماكن إيواء كافية لهؤلاء‮).‬
بلاد القحرى ومدن باجل والعبيد وعبال سقطت في‮ ‬يوم الأحد السابع وعشرين شعبان/الثاني‮ ‬والعشرين من مارس وقاد الاستيلاء على هذه البلاد علي‮ ‬بن حمود بن محمد وعلي‮ ‬المقداد‮ ‬وذكرت التقارير البريطانية‮ (‬مع اقتراب القوات الإمامية من جوار باجل في‮ ‬الرابع والعشرين من مارس‮ ‬فر‮ ‬العامل الإدريسي‮ ‬إلى القطيع ثم إلى المراوعة‮ ‬فاستولى الشيخ أبو هادي‮ ‬أحد مشائخ القحرى على إدارة الجمرك واحتلت القوات الإمامية باجل في‮ ‬السادس والعشرين من مارس‮)‬‮ ‬واتخذها قائد الجيوش المتوكلية عبدالله بن احمد الوزير مقراٍ‮ ‬لإدارة العمليات الحربية بتهامة وترتيب عملية السيطرة على الحديدة وإرسال الحملات ضد المناطق وقمع المقاومة والثورات‮.‬
مدن الحديدة والمراوعة‮ . ‬يتضح من خلال القراءة التاريخية للنصوص والوقائع والأحداث أن نائب الأمير الإدريسي‮ ‬عبدالمطلب بن محمد هارون لم‮ ‬يكن على علم بما حدث ويحدث آنذاك وبالهجوم المفاجئ والنزول المباغت السريع دون أي‮ ‬عوائق أو صعاب للجيوش الإمامية ثم بقطع طرق المواصلات والاتصالات بالعاصمة والقيادة الادريسية‮ ‬وهذا‮ ‬يدلل على فشل الإدارة والقيادة المدنية والعسكرية للدولة وشدة الكراهية التي‮ ‬ملأت قلوب الشعب التهامي‮ ‬ضد هؤلاء وفرض شخصيات‮ ‬غريبة عن الوطن والشعب التهامي‮ ‬قال المؤرخ العقيلي‮ ‬المعاصر لتلك الأحداث عن الحديدة‮ :- (‬استولى‮ – ‬جيش الإمام‮ ‬يحيى‮- ‬على باجل وصليل والعبسية والقحرى وبذلك عزل مدينة الحديدة‮ ‬كل ذلك وعبدالمطلب‮ ‬يغط في‮ ‬غفلته ولم‮ ‬يستيقظ إلا وهو‮ ‬يرى نفسه في‮ ‬دوامة من الأراجيف وحرب الأعصاب والسلاح الخامس الذي‮ ‬وفد إلى الحديدة أو استتر فيها‮ ‬فانهارت نفسه المحطمة ومعنوياته الواهنة وأفقده كل أمل في‮ ‬التحرك أو النهضة للمقاومة‮ ‬وتوارد العمال وفلول الحاميات إلى مدينة الحديدة لأن جيش الإمام‮ ‬يحيى قد قطع عليهم خط الرجعة باحتلال الزيدية وابن عباس والصليف‮.‬
‮- ‬ثم تحدث الكاتب عن بدء المعارك الكبيرة بين الإمام وبين أقوى قبائل تهامة الزرانيق فكانت أول حملة لقائد الجيش الإمامي‮ ‬هاشم المحويتي‮ . ‬وبهذا تبدأ التحولات في‮ ‬المشهد العسكري‮ ‬تقترب رغم الوجل الذي‮ ‬اكتسى سير هذه العملية من قبل القوات الإمامية وتبدأ القوات الإمامية بالاقتراب والاحتكاك بقوات المقاومة التهامية والاصطدام بها‮ ‬والتدرج في‮ ‬احتلال الأراضي‮ ‬القريبة من بلاد الزرانيق‮ ‬وأوكل الإمام‮ ‬يحيى لولده سيف الإسلام محمد أمير تهامة جس نبض تكتل قوات القبائل التهامية بزعامة الزرانيق ومحاولة الاقتراب من بيت الفقيه‮ ‬فكان أول احتكاك بينهما في‮ ‬الدريهمي‮ ‬وكان على أثر ذلك أن قام الإمام بطلب من مشائخ الجحبى العليا والسفلى وضع رهائن ويكون بمثابة الدخول في‮ ‬طاعة الدولة‮ ..‬وكانت بدايتها عامل الدريهمي‮ ‬كان وقتها السيد هاشم وجهتها‮ ‬فقد استدعى أحد مشائخ الجحبى وهو الشيخ أحمد عمر زيد وطلب منه أن‮ ‬يطلعه على الخلاف الذي‮ ‬حدث بين القبائل‮ ‬كما أمره أن‮ ‬يدفع ما عليه للدولة‮ ‬ولم تكن الدولة تستلم من هذه القبائل أي‮ ‬شيء لأنها كانت بحكم العادة القبلية تعتبر نفسها حكومة مستقلة‮ ‬يجمعها ويحكمها العرف القبلي‮ ‬وحينما عامل الدريهمي‮ ‬سمع جواب الشيخ أحمد عمر زيد هذا أمر بحبسه وكان بدون سلاح ولم‮ ‬يكن معه إلا رفيقه درويش وهو من أسرته وكان مسلحاٍ‮ ‬وحينما رأى جنود العامل‮ ‬يعاملون الشيخ أحمد عمر بقسوة فما كان منه إلا أن وجه بندقيته اليهم وأطلق رصاصة باتجاههم‮. ‬لتبدأ أول معركة في‮ ‬منطقة الجحبة بالدريهمي‮.‬
قصيدة ولي‮ ‬العهد أحمد
‮- ‬كما تحدث الكاتب عن العديد من تلك المعارك كان أبرزها معركة الجلة ومعركة الجاح التي‮ ‬كان‮ ‬يقودها ولي‮ ‬العهد أحمد‮ ‬يحي‮ ‬حميد الدين والتي‮ ‬ارهق فيها جيشه وقال فيها قصيدته المشهورة‮:‬
صاح أن الجاح قد أضنى فؤادي
وكسا عيني‮ ‬أنواع السهاد
وبه الكرب على القلب احتوى
لسكون الجيش والبغي‮ ‬يعادي
وسكوتي‮ ‬صح هذا عذره
قلة الجيش وأعوان الجهاد
لم أجد جيشا وعونا للذي
رمته إن خضت بحرا للجلاد
فجميع الجيش عندي‮ ‬نصفه
هدِه السقم بآفات شداد
وهو جيش من نظام حبذا
ذلك الجيش إذا قام بواد
وكذا‮ « ‬الحيمة‮» ‬أهل المجد من
فعلهم قد فت‮ ‬أكباد الأعادي
وكذا‮ «‬ابن الهيج‮» ‬مع أصحابه
أول القوم إذا نادى المنادي
وبقي‮ ‬نصف إذا عاينه
أحد قال جموع لا أحادي
وهو جيش قد أتى محتشدا
من‮ «‬تعز»بل ومن أقصى البلاد
فيه نصف النصف من أنصارنا
وارثي‮ ‬المجد إلى‮ ‬يوم التنادي
من بني‮»‬همدان‮» ‬أعني‮ «‬حاشدا‮»‬
‮»‬وبكيلا‮» ‬حاضرا منهم وبادي
وترى الباقي‮ ‬ربع الأصل من
‮»‬مذحج‮» ‬بورك في‮ ‬ذاك السواد
لتنتهي‮ ‬تلك المعارك بسقوط بيت الفقيه في‮ ‬26‮ ‬سبتمبر‮ ‬1929م وذلك بسبب الحملات الإمامية الكثيرة وقلة المؤن لدى قبائل الزرانيق التي‮ ‬خاضت تلك الحروب للعديد من السنوات‮.. ‬وتواجد سيوف الإسلام الخمسة على رأس تلك الجيوش حيث‮ ‬يذكر الكاتب أن الإمام‮ ‬يحيى اشترط على من‮ ‬يتولى ولاية العهد من بعده أن‮ ‬ينتصر في‮ ‬تهامة‮.‬
كما تطرق الكاتب الى بعض الوسائل السلمية التي‮ ‬انتهجها أبناء تهامة للتعبير عن احتجاجهم ومنها المظاهرات‮ :‬
المظاهرات
برزت في‮ ‬الحياة التهامية ظاهرة المظاهرات في‮ ‬عهد الامام أحمد‮ ‬وهي‮ ‬إحدى الأساليب التي‮ ‬أتبعتها المعارضة التهامية للضغط والمطالبة بالحقوق‮ ‬واتبع هذا التكتيك في‮ ‬صفوف الطبقات العمالية الكادحة فقد تجمهر في‮ ‬الحديدة أمام قصر النيابة لأول مرة في‮ ‬تاريخ اليمن حوالي‮ ‬ألف عامل من عمال الميناء وظلوا‮ ‬يهتفون بحماس عال‮ « ‬أعطونا أجورنا أو نشكوكم إلى جلالة الإمام‮»‬‮ ‬وظهر السيد‮ ‬يحيى عبدالقادر نائب الحديدة على باب قصره لتهدئة العمال المتظاهرين فلم‮ ‬يزدهم مقدمه إلا صياحاٍ‮ ‬وهتافاٍ‮ ‬وزاد التجمهر المحتشد ولم‮ ‬يتفرق الجمهور إلا بعد أن تقدم إليهم‮ « ‬مقدمهم‮ « ‬يلوح إليهم بالتحويل الذي‮ ‬استلمه لدفع أجور جميع العمال الأسبوعية من المالية وأمين الصندوق‮.‬
وإذا كانت هذه المظاهرة قد سبقتها مظاهرات في‮ ‬الحديدة تعبر عن الاستياء من حركة المتمردين الانفصاليين في‮ ‬سوريا ولتأييد الزعيم جمال عبدالناصر‮ ‬وهي‮ ‬ما شجعت حركة المعارضة التهامية على تنظيم المظاهرة العمالية الثانية‮ ‬ومن ثم خرج الناس عن صمتهم والمطالبة بحقوقهم‮ ‬ففي‮ ‬يوم العشرين من نوفمبر1961م قام عامل تهامي‮ ‬بالتظاهر في‮ ‬صباح ذلك اليوم مطالباٍ‮ ‬بعمل‮ ‬ثم انضم إليه عمال عاطلون عن العمل‮ ‬فخرج الجنود للقبض على المتظاهرين‮ ‬هكذا تطورت المطالب والأساليب تبعاٍ‮ ‬للأهداف المرجوة من كل مطلب‮.‬
الإضرابات
ومن الأساليب العصرية التي‮ ‬لجأت إليها المعارضة التهامية الإضرابات‮ ‬وهو أسلوب عرف في‮ ‬تهامة إبان إمارة حسين الحلالي‮ ‬لتهامة‮ (‬1944‮-‬1948م‮/‬1363‮-‬1368هـ)كما ذكرت جريدة اليقظة العدنية في‮ ‬سياق خبر إضراب عمال البناء في‮ ‬الحديدة وأدى إلى حملة اعتقالات طالت سجن رؤساء العمال وعمال في‮ ‬باجل الحديدة‮ ‬فقد أضرب عمال البناء التابعون احتجاجاٍ‮ ‬على تأخر أجورهم‮ ‬وقد قالوا‮ :- ‬إنهم فقراء لا‮ ‬يقدرون على احتمال تأخير استلام أجورهم‮ ‬وقد علم أن العمال أضربوا جميعاٍ‮ ‬ولم‮ ‬يتنازلوا عن مطالبهم‮ ‬وألقى نائب الإمام في‮ ‬الحديدة القاضي‮ ‬محمد حسين العمري‮ ‬القبض على رؤساء العمال‮ ‬وزج بهم في‮ ‬السجن الشريف وأبرق النائب إلى تعز بالخبر‮ ‬وكان رد تعز أن‮ ‬يحول الرؤساء إلى سجن حجة ولكن بعض تجار الحديدة الكبار اتصلوا بالجهات المختصة بهذا الخصوص‮ ‬فكان تحويل رؤساء العمال إلى سجن باجل الواقعة شمال شرق الحديدة ولا‮ ‬يزالون في‮ ‬السجن المذكور‮ ‬وهذا هو ثاني‮ ‬إضراب للعمال في‮ ‬تهامة‮ ‬فقد كان الأول عندما كان السيد القاضي‮ ‬حسين الحلالي‮ ‬أميرا على الحديدة وقد كان أمر آنئذ بسجن الرؤساء بحجة ولكن عفي‮ ‬عنهم فيما بعد‮.. ‬بعد أن تقدموا بتعهدات لجهات الاختصاص بتعز‮.‬

التعليم
تم إنشاء مدارس أهلية ومدارس ليلية من أجل مكافحة الأمية ونشر التعليم بين مواطني‮ ‬تهامة‮ ‬وظهر نخبة من المدرسين الوطنيين التهاميين وعلى رأسهم مدرسو البعثة التعليمية التهامية إلى صنعاء الذين تربوا على حب الوطن وتعلموا الدعوة إلى الحرية والمباديء الإنسانية العامة على‮ ‬يد أحمد الحورش ومحيي‮ ‬الدين العنسي‮ ‬وأحمد البراق وزيد عنان وعلي‮ ‬الآنسي‮ ‬والغيثي‮ ‬وعبدالله السلال ومحمد مصطفى الحلبي‮ ‬وغيرهم الذين كان لهم الفضل في‮ ‬إخراج هذه البعثة التي‮ ‬عملت بشكل دائب على ترسيخ مبادئ الحرية والدعوة إلى حياة بدون تمييز عنصري‮ ‬أو طائفي‮ ‬والمطالبة بدولة العدل والمواطنة والدستور‮ ‬فتخرجت على أيديهم أجيال تعشق الحياة وتطالب بالكرامة والذين ابتعثوا من هذه الأجيال إلى الخارج رجعوا‮ ‬يحملون أفكار للدولة التي‮ ‬يحلمون بها وناضلوا وعارضوا النظام الإمامي‮ ‬من أجلها فكان منهم رواد وقادة بارزون مثل إبراهيم صادق وحسن مكي‮ ‬ومحمد الهنومي‮.‬

الخطب والندوات
أتبعت حركة المعارضة التهامية أسلوب آخر وهو الخطابة في‮ ‬الأماكن والمساجد وفي‮ ‬المناسبات التي‮ ‬يحتفل بها الشعب التهامي‮ ‬ومنها عيدي‮ ‬الأضحى والفطر والمولد النبوي‮ ‬والمعراج والبهجة وهي‮ ‬ليلة الخامس عشر من شعبان وغزوة بدر‮ ‬وكذلك ممارسة الخطابة في‮ ‬الاحتفالات بمواليد أولياء تهامة وزياراتهم السنوية وارتياد الأسواق الأسبوعية الشهيرة‮ ‬ومن أشهر الخطباء الخطيب العلامة عبدالقادر الأهدل والذي‮ ‬أمر الإمام أحمد بإعدامه كما سيأتي‮.‬
تشكيل أندية وإنشاء اتحادات
سعى مجموعة من الشباب التهامي‮ ‬المستنير في‮ ‬مدن تهامة إلى تأسيس أندية ثقافية خاصة بهم في‮ ‬تهامة لنشر مبادئ الحرية والوعي‮ ‬الثوري‮ ‬وتقبل التغيير والانتقال إلى نظام تقدمي‮ ‬منفتح على العالم‮ ‬ومن أشهر هذه الأندية نادي‮ ‬العريش والمقاهي‮ ‬الشعبية وأشهرها مقهاية محمد التركي‮ ‬بالحديدة ومبارز الشخصيات الاجتماعية والثقافية ومنازل العلم والأربطة الدينية وبعض المحلات التجارية والمنازل‮.‬

نادي‮ ‬العريش
تأسس هذا المنتدى في‮ ‬مدينة بيت الفقيه في‮ ‬1370هـ‮ / ‬1950م‮ ‬وسمي‮ ‬بنادي‮ ‬المعلمين لكون أغلب رواده هم من المعلمين‮ ‬وسمي‮ ‬أيضاٍ‮ ‬بمنتدى العريش نسبة إلى عريش كان‮ ‬يجتمع فيه مؤسسو المنتدى ورواده وضيوفه‮ ‬والعريش بناءَ‮ ‬مستطيل من الأشجار ويكون للراحة والمقيل والنوم‮ ‬وله أصل لغوي‮ ‬فهو من‮ (‬عرِش‮ ‬يِعúرش ويعرْش عِرúشاٍ‮ ‬أي‮ ‬بنى بناءٍ‮ ‬من خشبُ‮ ‬والعِريشْ‮ ‬خيمة من خشب وثْمام‮…‬وأحياناٍ‮ ‬تسوى من جريد النخل ويطرح فوقها الثمام وجمعها عْرشَ‮.‬
كما تطرق الكاتب الى دور ابناء تهامة في‮ ‬الدعم والإسهام في‮ ‬ثورة‮ ‬26‮ ‬سبتمبر وعن الخلايا الثورية للضباط الأحرار في‮ ‬تهامة وعن دور أبناء تهامة في‮ ‬مطاردة فلول الإمامة وتضحياتهم في‮ ‬تلك المعارك والتي‮ ‬امتدت الى مناطق أخرى‮.‬
ليختتم الباحث الأكاديمي‮ ‬بتراجم عن العديد من المناضلين في‮ ‬تهامة سواء الذين قاوموا الإمام‮ ‬يحيى وأبناءه أو المناضلين في‮ ‬الداخل والخارج في‮ ‬عهد الإمام أحمد‮.. ‬ومنهم أحمد فتيني‮ ‬الجنيد الشخصية الكارزمية التي‮ ‬جمعت قبائل تهامة وحاربت ضد الحكم الإمامي‮ ‬الظالم إضافة إلى العديد من المناضلين أمثال‮ ‬يوسف الشحاري‮ ‬ومحمد الأهنومي‮ (‬من الضباط الأحرار‮.. ‬ناهيك عن العشرات من المناضلين أمثال الاستاذ محمد عزي‮ ‬صالح وعبدالله الصيقل ومحمد محسن الحيدري‮ ‬ويوسف هبه وعلي‮ ‬حمود عفيف ومحمد بن علوي‮ ‬الجفري‮ ‬ومن قادة الخارج أبكر‮ ‬يوسف بيرو وعلي‮ ‬عبدالعزيز نصر‮ (‬في‮ ‬الداخل‮).. ‬وغيرهم من المناضلين الذين عمد الكاتب على عمل تراجم لهم‮.‬
وأيا ما تكون القراءة فإن كتاب حركات المقاومة والمعارضة في‮ ‬تهامة‮ (‬1918‮ – ‬1961م‮) ‬يظل مرجعا تاريخيا هاما احتوى على العديد من الوثائق التاريخية النادرة التي‮ ‬بذل فيها الكاتب جهدا كبيرا وزار كما قلنا العديد من القرى والأرياف والمعالم والسفارات التي‮ ‬حصل من خلالها على الكثير من المعلومات‮.. ‬ويعد الكتاب مرجعا تاريخيا بارزا لتاريخ اليمن في‮ ‬تلك الحقبة عموما ولتاريخ منطقة تهامة في‮ ‬مرحلة تاريخية هامة‮.‬

قد يعجبك ايضا