تحقيق/أسماء حيدر البزاز –
صفــاء القلـــوب يعـــزز روح التـــكافل الاجتــــماعــي.. وجــمال الطبـيــعة يجـعل كـل أيامها أعياداٍ مبــاركة
المواطنون يودعون رمضان بنفوس راضية مرضية ويستقبلون عيد الفطر بسعادة غامرة
تعيش محافظة ريمة هذه الأيام أجواء فرائحية مبهجة إبتهاجاٍ بعيد الفطر المبارك وصفاء للقلوب يعزز روح التكافل الإجتماعي.. ويزيد المحافظة جمالاٍ وبهاءٍٍٍ إلى جمالها وبهائها الطبيعيين الآسرين التي تجعل أيام ريمة كلها أعياد مباركة..
كانت بداية انطلاقة هذا التحقيق من منطقة (عينه) التابعة لمديرية كسمة بريمة حيث تكثر فيها السهول والعيون بجمال يعكس جمال نفوس أصحابها ليقول لنا هناك الأخ عثمان الوادي: في الحقيقة عيد الفطر المبارك كان وما زال بالنسبة لنا مدرسة روحانية إيمانية عظمى نستشعر منها لذة العودة الصادقة إلى الله نابذين بذلك زمام التفرقة والأمور التي من شأنها أن تشرخ الصف وتزيد دوائر الخلاف والشتات فكانت هذه التجمعات الماثلة أمامكم نقطة تجمعنا واتفاقنا وتآخينا نسعد فيها معاٍ ونصلي معاٍ ونتبادل السهرات الرمضانية المليئة بالأناشيد والموشحات الدينية والأذكار والاستغفار أيام وليالي عيد الفطر المبارك وتلك المجالس الذي بدأت لحظة غروبه في الأفق يوما بعد يوم..
موضحاٍ: وفي الحقيقة قبل أيام قليلة من قدوم عيد الفطر المبارك نتجه إلى الأسواق والمحلات ابتهاجاٍ بهذا الضيف الكريم وأكثر ما تلاحظوه هنا روح التكاتف المجتمعي بين أبناء مناطق وقرى ريمة فالذي لا يملك زادا أو مالا يسعد به أهله وأفراد أسرته قبل قدوم العيد يبادر المقتدرون إلى الوقوف معه ومساعدته وإدخال السرور وفرحة العيد إلى منزله حتى الأضاحي قد تكون مكلفة على البعض نوعاٍ ما إلا أنهم بروح الأخوة الواحدة يشتركون في شرائها ويجتمعون في أكلها وتوزيعها فما أن يأتي العيد حتى ترى ريمة قد دخلت السعادة والفرحة إلى كل منزل من منازلها فليس هناك محروم ولا شقي أو تعيس الحظ بيننا!!
فسحة الزمن
وفي منطقة الجبين عاصمة المحافظة يقول فهد المزلم: العديد من شباب ريمة يهاجرون إلى صنعاء للبحث عن عمل يفي باحتياجاتهم ومتطلبات أسرهم المعيشية خاصة في هذا الشهر المبارك فهم يكدون ويجتهدون في مختلف الأعمال الحرة ليلاٍ نهاراٍ حتى يتمكنوا من الراحة مع أسرهم في فترة إجازة عيدالفطر بعد أن تمكنوا من اقتناء مستلزمات هذا العيد من مأكل ومشرب وملبس وبهذا يعول عليهم كل أفراد أسرتهم هنا.
وأضاف المزلم: وهكذا نقضي هذا الشهر ما بين العبادة والعمل والجهد المضاعف ليأتي لنا العيد ونحن نستشعر ذلك الجزاء الجميل ولذة الفرحة الغامرة التي لا تكتمل إلا بصلة الأرحام وإزالة أسباب التشاحن والتغاين وجمعة القريب والبعيد بين أفياء مجلس واحد..
حب الإيثار
ومن منطقة الجعفرية طه الريمي يقول: في نهاية شهر رمضان المنصرم كان الناس يقبلون بأعداد كبيرة وبكم هائل إلى دور الذكر والمساجد وحلقات القرآن والاعتكاف وسماع مختلف الخواطر والمحاضرات الدينية التي تبين فضل هذه الليالي وعظمتها عند الله وضرورة الاستزادة بكل دقيقة وساعة من أيامها المباركة والمقابل تبين السلوكيات والأعمال المستحب والواجب عمله في أيام العيد وهكذا ترى الأقرباء يتقاسمون أيام العيد بينهم في الزيارات والعزائم والولائم وترى كبار القوم منهم يتسابقون ويتنافسون في الصدقات والخيرات للإحسان إلى الفقراء والمساكين والأيتام والأرامل وهذا هو حالهم وشأنهم..
نقشة الحناء
ومن جهتها تقول أم أميرة: النساء والفتيات هنا في المحافظة قبل حلول العيد وفي كل عام يحرصن على التحلي بالنقوش الجميلة على أيديهن وخاصة نقشة الحناء فالعيد بالنسبة لنا جميعا بمثابة عرس الكل يحتفي به ويعد له عدته ثم نقوم بعد ذلك بتجهيز كعك العيد التي لها هنا في ريمة ميزة خاصة ونكهة مختلفة عن بقية المحافظات اليمنية إذ تسمى عندنا (المفتوق) بالذرة وهي الأكلة الأساسية في العيد وما من بيت إلا ويقوم بتحضيرها وتوزيعها صباح العيد وهكذا نجتمع نحن النسوة في هذه الليالي بإعدادها وتجهيزها بكميات كبيرة.
غبار الشوق
حقا عملنا هنا في صنعاء ودراستنا ولكن ما أن يأتي العيد حتى ننفض غبار الشوق للعودة إلى محافظتنا الحبيبة ريمة.. هكذا استهل صالح الدروبي حديثه معنا موضحا: العيد في ريمة محفوف بالجمال الرباني والخضرة المنعشة في النفس معاني الغبطة والسرور بعيدا عن ضوضاء المدن وإزعاجها لتشعر بأنك هناك في جنة الأرض حال رؤيتك للمدرجات الزراعية المكسية بحلل متناثرة من الأحزمة الخضراء وهوائها العليل الشافي للنفس من أدران مشاغل الحياة وهمومها وأتعابها.
مضيفا: ولهذا نشد الرحال الآن أنا وزمرة من أصدقائي ومعارفي للعودة إلى ريمة ففيها العيد أهنأ والعيش أطيب.
وهذا ما أكده صادق الروم مضيفاٍ إلى حديث صديقه: لي في صنعاء أكثر من 20 سنة بمعية الأسرة ولكن من المحال والمستحيل أن يمر علينا عيد من الأعياد إلا ونقضيه في بلاد السحاب ريمة ولو علم الناس سحرها وجمالها لرأيتهم من كل صوب وحدب يأتون إليها فكل أيامها عيد ولهذا فقد قررنا حال انتهاء أبنائي من دراستهم أن نعود للعيش هناك بين أهلنا وذوينا على الدوام ودون أي انقطاع ومن هنا أدعو الجميع ليس أبناء ريمة فحسب بل اليمنيين عامة لقضاء إجازة عيد الفطر المبارك على سفوح ومرتفعات وسهول وجبال ريمة عروسة السماء.
> تصوير/ صادق هزبر