استطلاع/حافظ حفظ الله –
طقوس شعبية جميلة تقاوم مظاهر العولمة..وتكافل اجتماعي بارز يعيد البسمة إلى الفقراء والمحتاجين…
صناعة وإعداد الكيك والحلوى ونقوش الحناء من أهم المظاهر التي تستقبل بها الأسر العيد المبارك
مع اقتراب نهاية شهر رمضان المبارك من كل عام تستعد الأسر والعائلات في محافظة البيضاء كغيرها من الأسر والعائلات اليمنية للاحتفال بعيد الفطر المبارك بشراء الملابس والهدايا والعطور وحلوى العيد وتجد أنه مهما تغيرت الأحوال والظروف يظل للأعياد بهجتها في بلادنا وفي سائر البلدان العربية والإسلامية وعلى الرغم من أن مظاهر الأعياد تتكرر كل سنة كطقس اجتماعي له أبعاد ثقافية ودينية معينة إلا أن الأمر لا يخلو من المتعة الشيقة ومن الأهمية خاصة في ما يتعلق بإحياء الموروث الشعبي…ولتقريب الصورة أكثر حول هذا الموضوع أجرت”الثورة”الاستطلاع التالي:
الأخ/منصور الصايدي تحدث عن مظاهر عيد الفطر المبارك بمحافظة البيضاء قائلا”: من أبرز مظاهر الاحتفال بعيد الفطر في البيضاء تبادل الزيارات بين الأهل والأقارب والأصدقاء وزيارة الأرحام و”عسب العيد” وتجد أنه طيلة الأيام الأخيرة من شهر رمضان من كل عام ينشغل الأطفال بصب الزيوت الحارقة على “الرماد”وهي مادة يخلفها الحطب بعد إشتعاله ليشكلوا من هذه المادة والزيت الحارق بعد عجنهما (خلطهما)أشكالاٍ كروية متفاوتة الأحجام ومن ثم يقومون بإشعال النار فيها فتتحول هذه الأشكال الكروية إلى لهب يضيء القرى كما يقومون بجمع الحطب ووضعه على هيئة أكوام عالية ومن ثم يقومون بحرقها تعبيراٍ عن فرحتهم بقدوم عيد الفطر المبارك.
إعداد الحلوى
وأضاف: كما تبدو طقوس ومظاهر العيد بارزة_أيضاٍ_ في نقوش الحناء على أنامل وراحة أيادي الفتيات ومن خلال انشغال النساء بصناعة الكعك والحلوى وإعداد الشوكولاتة والجوز واللوز والزبيب والفستق وغيرها من جعالة العيد التي يتم شراؤها من أسواق هذه المنطقة أو تلك بمحافظة البيضاء ووضعها بصورة مرتبة وجميلة في أواني تخصص لمثل هذه المناسبة لتقديمها للضيوف والزائرين ولكافة أفراد الأسرة التي تستقبل من يأتيها زائراٍ(معايداٍ)من الأهل والأقارب والجيران والأصدقاء….
عادات جميلة
وتقول الأخت/أنيسة العزاني: نبدأ من بعد الإفطار إلى ميعاد السحور في اليومين الأخيرين من رمضان نخبز ونحضر الأشكال والأنواع المختلفة من الكعك والبسكويت والبنات صغار السن والفتيات يجلسن ويلعبن حولنا ويشاهدن بعيون تملؤها الرغبة في مشاركتنا تحضير الكعك فأعطي لابنتي قطعة من العجين لتخبز معنا لكن الآن تضاءلت هذه العادات الجميلة وأصبحت معظم الأسر تشتري الكعك جاهزة من أسواق المدينة والمحلات التجارية والمخابز.
بدورها تقول ابنة الأخت أنيسة الطفلة سوسن أنها تصنع الكعك من العجين الذي تجهزه لها والدتها وأنها تعد الكعك بأشكال جميلة وترش عليها بعد ذلك العسل البلدي بفضل ما اكتسبته من خبرة من والدتها.
تبادل الزيارات
الأخ/علي محمد البيضاني قال من جانبه:ما أن يهل عيد الفطر السعيد على أبناء محافظة البيضاء إلا وتشاهد وجوه الجميع متهللة فرحة مبتسمة يتبادلون الزيارات في ما بينهم صباحاٍ وفي أوقات الظهيرة والعصر وفي ليالي العيد تجد الشباب وأغلب كبار السن في المدن وفي القرى يقضون ساعات طويلة في تناول القات بأحد دواوين الحي أو القرية التي تتسع لأعداد كبيرة من الناس ولا ينامون إلا في أوقات متأخرة من الليل وما أن يتنفس الصبح خلال أيام العيد إلا وقد صحى أغلب المواطنينالرجال منهم والنساء والأطفال ليستعد كل منهم للقيام بممارسة طقوسه العيدية المعتادة حيث يقمن النساء بإعداد وتقديم الكعك وجعالة العيد لأفراد الأسرة ولمن يأتي اليهم معايداٍ من أقاربهم أما الرجال والشباب والأطفال فيذهبون جميعاٍ لأداء صلاة العيد في ما يسمى “المصلى” ويكون المصلى في الغالب إحدى الأماكن المفتوحة الواسعة أو في الجامع وبعدها يتوجه كل منهم إلى قريباته ليصلهن وإلى معايدة بقية أقاربه وأهله..وعقب ذلك يعود البعض منهم إلى منازلهم لذبح الماعز والأغنام التي يشترونها خصيصاٍ لعيد الفطر المبارك ويتجه البعض الآخر إلى الأسواق والساحات التي تذبح فيها المواشي لشراء اللحوم بحسب ظروف كل واحد منهم فيما يتجه الأطفال لممارسة طقوسهم الخاصة التي تتوزع بين اللهو واللعب واقتناء وشراء حلويات وجعالة العيد قبض عسب العيد من أقاربهم..كما يذهب الأطفال لتبادل الزيارات العائلية التي يتخللها تقديم عسب العيد لهم من قبل الأقرباء المضيفين أو المستقبلين للمعايدين.
التقاء الأحبة
من جانبها قالت الأخت سلوى محمد: تتميز أيام العيد بتجمع والتقاء الأهل والأقارب بعد فراق طويل يمتد لعام وهو فراق تستدعيه ضرورة المعيشة وظروف الدراسة في المدن البعيدة كصنعاء وعدن والحديدة….كما يتميز بتبادل الزيارات بين الأهالي والأصدقاء وبصلة الأرحام وفي أيام عيد الفطر المبارك تنشغل النساء بإعداد مختلف حلوى العيد وبعمل الغداء فغداء أول يوم من العيد يتناوله المواطنون في منازلهم وتتشكل وجبة الغداء”الفتوت” و”العصيد” و”الملوج” والارز والسلتة وهي عبارة عن الحلبة المدقوقة وقطع البطاطا المطبوخة مع قليل من اللحم والأرز والبيض وتحرص النسوة على تقديم أصناف من الطعام للضيوف في العيد أهمها: بنت الصحن وهي عبارة عن رقائق من الفطير متماسكة مع بعضها البعض ومخلوطة بالبيض والدهن البلدي والعسل الطبيعي. أما بقية أيام العيد فيضايف المواطنون بعضهم بعضاٍ بوجبات الغداء.
العودة إلى القديم
الاخ أحمد العواضي قال هو الآخر: يلاحظ في مثل هذا العيد المبارك وفي غيره من الأعياد والمناسبات الدينية أنِ معظم التقاليد والمظاهر العيدية المتوارثة تظل صامدة في محافظة البيضاء رغم التغيرات التي باتت تجتاح اليمن وكافة البلدان العربية والإسلامية بفعل العولمة والغزو الثقافي والفكري بالإضافة إلى الغزو التجاري والاقتصادي للسوق المحلي والسوق العربي ومع أن هنالك الكثير من آبائنا وإخواننا وأبنائنا اليمنيين في معظم محافظات الجمهورية أصبح لديهم هواية باقتناء وممارسة ما يعتقدون أنه جديد والذي يأتي على حساب أشياء جميلة وأصيلة إلا أن أبناء البيضاء لم يدخلوا مضمار هذا التسابق السيئخاصة ابناء الريف الذين يتسابقون لاقتناء ملابس وحلي شعبية بدلاٍ من التسابق نحو اقتناء آخر صرعات الموضة وكذا لا تزال أطباق العيد في منازل المواطنين في مختلف مديريات المحافظة تحتفظ بأصناف الزبيب البلدي والجوز واللوز رغم إغراق الأسواق بأنواع مختلفة من الأصناف المقلدة والحلويات والشوكولاتة المصنعة محلياٍ والمستوردة من الخارج وهي الميزة التي تكاد تجعل من العيد في البيضاء متفرداٍ بطقوسه من خلال العودة إلى القديم وعدم استساغة إدخال مفردات ووسائل جديدة في طقوس الاحتفالات العيدية.
إعادة البسمة إلى الفقراء
ويؤكد العواضي قائلا: وفي ما يتعلق بالرقصات الشعبية وأداء الزوامل فهي الأخرى مازالت تقاوم العولمة حيث يتجمع العديد من المواطنين في الساحات العامة لإحياء الموروث الشعبي والفني المتمثل في الرقصات الشعبية والبرع والزوامل التي يؤدونها ابتهاجا وفرحا بقدوم عيد الفطر المبارككما أن عيد الفطر المبارك يعتبر فرصة مناسبة للتسامح والصفاء والنقاء وإشاعة السلام والمحبة بين المواطنين في المحافظة وفي بقية محافظات الجمهورية وترى الناس فرحين مسرورين بالعيد خاصة الأطفال وكذلك يتحسس الميسورون أقاربهم وجيرانهم وغيرهم من المساكين والفقراء والأيتام ويقدمون لهم العون والمساعدة فالعيد يعني إعادة البسمة إلى الفقراء والأيتام لذلك يعد هذا العيد المبارك وغيره من الأعياد والمناسبات الدينية فرصة كبيرة للإنسان لكي يعمل الخير ليكتب الله له الأجر العظيم والثواب الجزيل. وأشار إلى أن العيد بالنسبة للنساء في المحافظة يمثل لهن فرصة ثمينة لالتقائهن ببعض ولم شملهن في مقايل(مجالس) خاصة يتجاذبن فيها أطراف الحديث حول العديد من الشئون الخاصة والعامة كما أنه لا تخلو مجالسهن من القات ومن السياسة – أيضاٍ- مثلها مثل مجالس إخوانهن الرجال.
“جعالة العيد”
وتحدث الأخ/علي الرداعي بالقول: مايزال للعيد في البيضاء خاصة وفي اليمن عامة طقوس وعادات جميلة ومميزة مستلهمة من تاريخ بلادنا الحضاري المترع بالجمال والأصالة لهذا تجد أن الطقوس والمظاهر والتقاليد والعادات في الريف لا تختلف كثيرا عن المدينة والمواطن في محافظة البيضاء كغيره من المواطنين في بقية محافظات الجمهورية يستقبل عيد الفطر المبارك بشراء وتجهيز الملابس الجديدة ومختلف أنواع الحلوى والتي يطلق عليها في معظم مناطق ومديريات ومحافظات الجمهورية “جعالة العيد”.
وأضاف: كما أن للعيد طقوساٍ أخرى تتمثل بتجمع الأهالي والأصدقاء في دواوين(مجالس)بمنازل شخصيات اجتماعية ومشائخ وغيرهم لمضغ “القات”وتبادل التهاني والأحاديث وهذا تقليد يومي طيلة إجازة عيد الفطر المبارك بعكس الأيام العادية التي لا يكون فيها تجمعات كهذه التي تحصل أيام العيد وتشهد أسعار “القات” ارتفاعاٍ كبيراٍ في مثل هذه المناسبة الدينية المباركة لكنه يبقي من أهم طقوس العيد وفي مقدمتها ولا يمكن أن تجد أي مواطن يستغنى عنه حتى وإن ارتفع سعره بصورة كبيرة.