احتكار القلة وضعف وزارة الصناعة والتجارة وراء ارتفاع الأسعار في اليمن

الثورة/عبدالله الخولاني –

مثل الارتفاع المستمر في أسعار السلع والخدمات المختلفة خلال السنوات القليلة الماضية أحد الظواهر الاقتصادية الخطيرة التي ألمت بالعديد من الاقتصاديات النامية والمتقدمة ومنها اليمن نتيجة لعوامل ومتغيرات مختلفة محلية وإقليمية ودولية وتزداد خطورة هذه الظاهرة في اليمن كونها لم تقتصر على سلع معينة ومحدودة وإنما امتدت لتشمل غالبية السلع والخدمات فضلاٍ عن ارتباطها بعوامل ومتغيرات هيكلية مرتبطة بجمود العرض الكلي من السلع والخدمات التي ينتجها الاقتصاد وضعف مستوى تنافسية السوق المحلي إلى جانب العوامل والمتغيرات الطارئة.
السلع والخدمات.
تشير البيانات الحكومية إلى أنه رغم انخفاض نسبة التضخم من 12.49% عام 2004 إلى 11.4% عام 2005م إلا أنه ارتفع بصورة كبيرة إلى 18.39% عام 2006م ثم عاود الانخفاض إلى 17.6% عام 2007 ليتجاوز20% عام 2011م كما يتوقع أن يتجاوز 22%خلال العام الجاري 2012م وبذلك يكون متوسط معدل التضخم السنوي خلال الفترة 2004-2012م قد بلغ حوالي16.7% وهو معدل مرتفع مقارنة بمعدلات التضخم التي كانت مستهدفة ضمن الإطار الاقتصادي الكلي للخطتين الخمسيتين الثانية والثالثة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وأزدادت حدة التضخم في جانب السلع الغذائية والأساسية والتي تستحوذ على الجزء الأكبر من إنفاق الأسرة اليمنية خاصة ذوي الدخل المحدود والمتوسط والذين يمثلون الغالبية العظمى من السكان حيث بلغ معدل متوسط التضخم السنوي للغذاء والمشروبات حوالي 22.5% وبلغ اعلى معدل تضخم في هذه الفئة حوالي28.6% .
وفي قطاع خدمات المطاعم والفنادق والنقل والسلع المتنوعة بلغ متوسط التضخم في هذه الفئات 9.8% و8.9% و9.2% على التوالي فيما شهدت بقية المجموعات السلعية والخدمية معدلات نمو متوسطة خلال الفترة حيث بلغ متوسط التضخم السنوي في سلع التبغ والقات 4.7% والسكن3.7% والصحة 5.9% والتعليم 4.6% وسجلت سلع وخدمات الاتصالات معدلات تضخم سنوية متوسطة سالبة خلال الفترة بلغت -0.3% نتيجة التطورات التي شهدها قطاع الاتصالات من ناحية ولما يشهده هذا القطاع أيضا من منافسة عالية بين مقدمي خدمة الاتصالات أسهمت في انخفاض أسعار الخدمة المقدمة لصالح المستهلك بخلاف بعض القطاعات التي تعاني من وجود نوع من الاحتكار فيها مثل قطاع استيراد المواد الغذائية.
أسباب ارتفاع الأسعار
ترجع الدراسات الحكومية ظاهرة ارتفاع الأسعار في اليمن إلى مجموعة من الأسباب والعوامل منها الأسباب الداخلية لظاهرة ارتفاع الأسعار والمتمثلة في ضعف القدرات الإنتاجية للقطاعات الإنتاجية الأساسية وبالذات قطاعي الزراعة والصناعة فعلى سبيل المثال لم تتجاوز نسبة الاكتفاء الذاتي من القمح في اليمن نسبة 6% خلال السنوات الماضية كما أسهم عدم توفر المخزون الاستراتيجي من السلع الأساسية والاستراتيجية في تزايد حدة المضاربة على هذه السلع وبالتالي زيادة التضخم.
وتشير الدراسة التي أعدتها وزارة التخطيط والتعاون الدولي إلى أن اتباع سياسيات مالية ونقدية أسهمت في زيادة مستوى الطلب الكلي في الاقتصاد عن العرض المتاح بالتزامن مع ضعف واضح في سوق النقد الأجنبي في اليمن وضعف المؤسسات المالية والنقدية القادرة على امتصاص فائض السيولة فضلاٍ عن الجمود النسبي في جانب أسعار الفائدة
واشار تقرير رسمي إلى وجود نوع من الاحتكار وبالأخص احتكار القلة حيث يلاحظ قلة المنتجين أو المستوردين للسلع المنتجة محلياٍ والسلع المستوردة وقد لعب هذا الاحتكار دوراٍ هاماٍ في زيادة معدلات التضخم وضعف مستوى الرقابة وعدم فعالية الإجراءات لردع المخالفين.
المعالجات
ولمعالجة ارتفاع الأسعار دعا التقرير إلى انتهاج سياسة نقدية مساندة للحد من ظاهرة ارتفاع الأسعار في اليمن من خلال قيام البنك المركزي بالتحكم في إدارة السيولة المحلية وتخفيض معدلات نمو العرض النقدي بما يتناسب مع معدلات نمو الناتج المحلي الحقيقي ورفع كفاءة أدوات السياسة النقدية وبالذات تحرير أسعار الفائدة وتنويع وتطوير أدوات سوق النقد الأجنبي. وتحديث وتطوير نظام المدفوعات الداخلية وإعادة النظر في السياسة المالية الحالية بأبعادها المختلفة على نحو يجعل من السياسة المالية أحد محفزات الإنتاج والاستثمار من خلال تنمية الإيرادات الذاتية والحد من التهرب الضريبية وإعادة هيكلة النفقات العامة والحد من التوسع في النفقات الجارية فضلاٍ عن الموائمة بين النفقات الاستثمارية والتشغيلية وتقليل اللجوء إلى فتح اعتماد إضافي في الموازنة العامة وكذا دور ومهام وزارة الصناعة والتجارة وأجهزتها ومكاتبها في الرقابة على مستويات وتحركات أسعار السلع والخدمات في الأسواق المحلية ومحاربة الاحتكار وتعزيز مرونة ودرجة انفتاح أسواق السلع والعمل إلى جانب توسيع القدرة الاستيعابية للاقتصاد من خلال تدعيم الاستثمار وتنويع مصادر الدخل القومي وتسريع خطوات الإصلاحات الهيكلية الشاملة بغية تحسين بيئة الأعمال ورفد الإنتاجية في القطاع غير النفطي وإضفاء الحيوية على نشاط القطاع الخاص.

قد يعجبك ايضا