
ü .. باريس/ وكالات –
تبدو بعض وسائل الإعلام الغربية في حيرة من أمرها تجاه الإمارات العربية المتحدة. فبإمكان المْتابع للشأن الإماراتي في العديد من الصحف الغربية رصد هذا الخطاب المْزدوج الذي لا يختلف كثيرا عن خطاب جماعة الإخوان المْسلمين.
فالعديد من الصحف البريطانية والأمريكية والفرنسية والألمانية وغيرها لا تتوانى عن الانبهار بدْبي وأبوظبي وفي نفس الوقت تتحين الفْرصة لتوجيه سهام النقد للإمارات من خلال قضايا مْفبركة هدفْها زوع الفوضى فيها.
فقد تباكت “الفينانشال تايمز” خلال الأيام القليلة الماضية على “حملات القمع ضد نْشطاء حقوق إنسان إسلاميين واعتقالات لصحفيين إلكترونيين ومدونين على صلة بحركة الإصلاح الإسلامية المحظورة والتي تعتبرها أبوظبي الوكيل المحلي لجماعة الإخوان المْسلمين التي اكتسبت شعبيتها أرضا خلال انتفاضة العالم العربي”.
وتسلحت زميلتاها “الغارديان” و”التلغراف” بتقرير مْنظمة “مراسلون بلا حدود” التي يْوجد مقرها في باريس والتي اتهمت سْلطات الإمارات بـ”تعمد اتهام أي طيف ينتقد النظام بتعريض الأمن القومي للخطر وذلك بْغية خنق أي معارضة”.
لماذا لم يزرع “الربيع العربي” الفوضى في الإمارات¿
وأستشهدت نظيرتْها الأمريكية الـ”وول ستريت جورنال” بمنظمات دولية لحقوق الإنسان مثل “منظمة العفو الدولية” و”هيومان رايتس ووتش” للتعبير عن “القلق إزاء موجة الاعتقالات العشوائية لإصلاحيين يْناضلون من أجل الحقوق المدنية ودعم الديمقراطية”.
وأشارت الـ”نيويورك تايمز” إلى أن “الإمارات وعلى النقيض من دول عربية عديدة لم تتأثر بالاضطرابات التي انتشرت في أنحاء المنطقة منذ بداية الربيع العربي قبل 18 شهرا”. وكأن الصحيفة تتمنى زرع الفوضى في بلد احتل المركز الأول عربياٍ في أول مسح قامت به الأمم المتحدة لمؤشرات السعادة والرفاه للمواطنين.
وأضافت الصحيفة: “لكن في الوقت الذي يحاول فيه الزعماء هناك الحفاظ على التوازن بين الطبيعة الأكثر محافظة لجيرانهم وبين الرغبة في الإبقاء على وضع البلاد كمركز للأعمال على النمط الغربي والتمتع بالحياة الرغدة ظهر جدل بشأن حرية التعبير والحريات السياسية بين الإماراتيين وهناك مجموعة من الناشطين تبذل جهودا ملحوظة من أجل الحصول على مشاركة سياسية وتود أن ترى الإسلام يلعب دورا أكثر أهمية في الحياة اليومية للإمارات”.
وفي إطار الحرب الإعلامية الغربية المْستعرة التي تستهدف إشعال الساحة الإماراتية والتي تصاعدت بعد غلق مكاتب منظمات “غير حكومية” ممولة أمريكياٍ وألمانياٍ وتروج لزرع الفتن تحت غطاء الدعوة إلى “الديمقراطية” تحدثت “الإيكونوميست” البريطانية والـ”شيكاغو تريبيون” الأمريكية عن “تعهد الناشط الحقوقي الإماراتي أحمد عبدالخالق بمواصلة النضال نْصرة لقضية البدون” ( جنسية).
وأطنبت “التايمز” و”الاندبندنت” البريطانيتين والـ”سيدني مورنينغ هيرالد” الاسترالية في الحديث عن أطوار قضية رجل الأعمال البريطاني صافي قرشي الذي اشتهر عندما اشترت شركته جزيرة في دبي على شكل بريطانيا بْنيت فوق مشروع “العالم” المشروع العقاري “الباذخ والمشؤوم” بحسب “الاندبندنت” والذي أضرب عن الطعام في سجن دبي احتجاجا على حكم صادر بحقه بسبب شيكات مسترجعة.
“أرض السعادة”
لكن نفس الصحف وكثير من وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية ـ بكبيرها وصغيرها ـ الغربية لا تكادْ تخلو يوما من مقالات وتقارير مْفعمة بالإطراء ومشْوب بالغزل عن “المشروعات العقارية الرائدة” و”المْنتجعات الاسطورية” و”الإنجازات الإقتصادية الإعجازية” في الإمارات السبع وبالخصوص دبي وأبو ظبي.
وقائمة العناوين بلا نهاية تبدأ من “دبي الأرض السحرية ولا تنتهي بأبو ظبي “أرض السعادة” كما جاء في آخر مقال صدر في لندن بـ”سبيرز بريس” تحت عنوان “العْثور على السعادة في أبو ظبي”.
مما جاء في مقال الكاتبة صْوفي ماكبان أن أبوظبي على الرغم من أنها اقل شْهرة من دبي إلا أنها تْتابع إعادة ابتكار نفسها كمقصد ثقافي عالمي ففي أبو ظبي هناك خطة تحمل ببساطة إسم ‘ خطة أبو ظبي لعام 2030م وحتى الآن تمضي بصورة طيبة”.
“والسعادة ـ كما يوحي اسم جزيرة ‘السعديات’ ـ التي ترعاها الدولة هي مفهوم تصر الأسرة الحاكمة الإماراتية على دفعه إلى حدود جديدة. وإذا ما مضت الحكومة في خطتها فإن التجسيد الأخير لأبو ظبي كعاصمة ثقافية عالمية يْمكن أن يكون هو الأكثر إثارة حتى تاريخه”.
وتساءل الكاتب الهندي راجيش سينغ أواخر (ديسمبر) الماضي “لماذا يتحاشى الربيع العربي الإمارات¿”.
وأجاب “لأن شعب الإمارات لم يشعر قط بالحاجة إلى الانتفاض ضد ما يراه المواطنون في بلدان أخرى أن أنظمتهم دكتاتورية واستبدادية وقمعية. ولم يسبق لشعب الإمارات أن شعر أنه مقموع أو مْستثنى من نعم الازدهار التي خْلقت للحكام ودولتهم”.
بل ذهب الكاتب سيمون بيترسن إلى القول بأن “الربيع العربي أصبح صيفا” بالنسبة للإمارات إذ أن “السحابة الاقتصادية التي سببها الربيع العربي كان لها بلا شك جوانب إيجابية للإمارات وساهمت في إبراز مكانتها كمنطقة رائدة في مجال الأعمال والسياحة والمكان الأكثر استقرارا في الشرق الأوسط”.
وهذا ما أكده القائد العام لشرطة دبي ضاحي خلفان حين كشف الأربعاء عن “مؤامرة دولية ضد دول الخليج خاصة والدول العربية عامة الهدف منها الاستيلاء على ثروات العرب” محذرا الإخوان المسلمين وإيران وسوريا بأن “الخليج خط أحمر”.