في الحديدة للصوماليين شارع عام < الأوبئة والأمراض تنتقل عبر بلدان المهاجرين واللاجئين


الحديدة/ متابعة/ فتحي الطعامي –

أظهرت الأحداث الأخيرة الخطورة الأمنية التي يتسببها تزايد اللاجئين الأفارقة (غير الشرعيين) المتدفقين إلى بلادنا عبر البحرين الأحمر والعربي .. تلك المخاطر لم تعد مجرد مخاوف تتحدث عنها جهات رسمية أو مراكز متخصصة باللاجئين بل أصبح هؤلاء اللاجئون القادمون من خلف البحر يعتبرون عنصراٍ أساسياٍ في زعزعة الأمن والاستقرار اليمني خاصة بعد أن تأكد مشاركة البعض منهم في العمليات الإرهابية التي دارت في محافظة أبين وانضمامهم الى الكيان الإرهابي (أنصار الشريعة) وعزز تلك الخطورة مشاركتهم في عملية قتل قائد المنطقة الجنوبية الشهيد سالم قطن الذي اغتالته يد الإرهاب الشهر الفائت..
المشاركة في العمليات الإرهابية في أبين للأفارقة لم تكن الأولى وربما لن تكون الأخيرة فقد أكدت مصادر رسمية ومجتمعية عن مشاركتهم في الحروب التي دارت في محافظة صعدة بين الحوثيين والدولة – مشاركة تلك المجاميع في زعزعة الأمن والسلم الاجتماعي اليمني لم يتم التطرق إليها كقضية مهمة عن أسباب تلك المشاركة وهل هي بدافع الحصول على مبالغ مالية ربما لا يتحصلون عليها في بلدانهم المضطربة أم أنهم يتواجدون ويشاركون في تلك الأعمال ضمن خطة ممنهجة تستهدف اليمن واستقراره..

ومع تلك المخاطر الأمنية التي يتسببها وجود اللاجئين في بلادنا إضافة إلى التبعات والمخاطر الاقتصادية والصحية والاجتماعية إلا أنهم ما زالوا يتدفقون يومياٍ بأعداد كبيرة وجماعات وفرادى ويتجولون في الشوارع والمدن والأحياء دون رقيب أو حسيب ..
ورغم تزايد تدفق اللاجئين والتحذيرات الحكومية وغير الحكومية من المنظمات المعنية إلا أن الجهات المعنية ما تزال تقصر في الحد من هذا التدفق الكبير الذي أصبح يشكل قلقا للمواطنين في المحافظات الساحلية خاصة وفي بقية محافظات الجمهورية عامة..
لكن الجهات الرسمية المعنية بحماية الساحل تقول إن قلة الإمكانات البحرية (لدى القوات البحرية وقوات خفر السواحل) إضافة إلى طول الشريط الساحلي لليمن هو السبب الرئيسي في عدم الحد من تدفق اللاجئين الأفارقة إلى بلادنا .
تحذيرات رسمية
ومن جانبها اكتفت حكومة الوفاق الوطني مؤخراٍ بالتعبير عن مخاوفها من تزايد تدفق اللاجئين الصوماليين إلى اليمن خاصة بعد أن كشفت إحصائية رسمية صادرة عن وزارة الداخلية أن عدد اللاجئين الأفارقة في بلادنا وصل إلى مليوني لاجئ فيما لا يزال الآلاف يتدفقون الى السواحل اليمنية شهريا فهؤلاء الأفارقة يعتبرون اليمن هي أقرب دولة آمنة لهم يفرون إليها هروباٍ من الاضطرابات السياسية في بلدانهم …
الإحصائية التي ذكرتها وزارة الداخلية تعني أن اليمن معني بتحمل تبعات دخول هؤلاء اللاجئين إلى اليمن الأمر الذي يثقل كاهل الاقتصاد اليمني ..
إلا أن الأخطر من ذلك أن مجاميع من أولئك اللاجئين تم استخدامهم في أعمال إرهابية مثلما حصل في زنجبار وجعار ولودر بمحافظة أبين فقد قتل العديد من اللاجئين الصوماليين الذين كانوا يحاربون بجوار مقاتلي ما يسمى (أنصار الشريعة).. هذا في أبين الحال لا يختلف كثير في محافظة صعدة فقد أستغلت بعض أطراف الاحتراب في صعدة اللاجئين الصوماليين والأفارقة وحاجتهم للمال للاستمرار في الحياة .. لتستخدمهم في العمليات القتالية وتجعل منهم وقود المعارك في صعدة ..
كل ذلك الأمر يحتم على الدولة اليوم أن تكون أكثر يقضة واحترازا للتعامل مع هذه الظاهرة والأعداد الكبيرة من اللاجئين التي أصبحت تتدفق إلى بلادنا بصورة شبه يومية ..
الشباب المجنون
لقد أصبح العديد من هؤلاء اللاجئين يستلذون المقام في المدن اليمنية الرئيسية .. حيث شهدت مدينة الحديدة خلال السنوات القليلة الماضية تواجداٍ لمجاميع من اللاجئين الصوماليين والأفارقة في شوارع وأسواق وجوامع المدينة ..
فاللاجئ عبدالقادر إبراهيم محمد عبدي (27 عاماٍ) جاء من مدينة مقديشو قبل أسابيع حط الترحال به في منطقة قريبة من الخوخة .. يتكلم بعربية ركيكة حاولنا أن نفهم ما يقول … تحدث إلينا عن سبب هروبه من الصومال بكلمات مختصرة شارحة للوضع هناك قائلاٍ: (صومال في موت .. في رصاص .. الصومال ما في شباب مؤمن مجاهد في شباب مجنون . يقتل …).
حكى لنا عبدالقادر أنه خلف في الصومال أسرة مكونة من أم وأشقاء وشقيقات .. فر وتركهم بسبب أن الشباب المجنون (كما يقول) أرادوا تجنيده لصالحهم ..
وقال إنه يسكن الآن في أحد المساجد الكبيرة في مدينة الحديدة منذ ما يقارب أسبوعين (جامع الفاروق) وحتى لا ينسى طلب عبدالقادر قميصا نظيفا حتى يصلي به يوم الجمعة (بكرة جمعة اشتي قميص نظيف عشان أصلي).
وأضاف عبدالقادر أنه لم يحدد مع رفاقه (12) مدة بقائهم في الحديدة لكن هذا المكوث مرتبط بمدى إعانتهم من قبل المؤمنين (اليمنيين) أو أنهم سوف يتجهون إلى أرض الرسول صلى الله عليه وآله وسلم (السعودية) – كما قال .
عبد القادر ورفاقه مجموعة من المئات من الصوماليين الذين أصبحت تمتلئ بهم شوارع الحديدة الأمر الذي يثير مخاوف الجهات المعنية والمواطنين على حد سواء من أن يتم استئجارهم لصالح تنظيم القاعدة كما حصل مع عدد من اللاجئين الصوماليين..
شارع الصوماليين¿!
وفي مدينة الحديدة أيضا أصبحت بعض الشوارع في المدينة تعرف بشارع الصوماليين مثل الشارع المقابل لشركة جمعان في الحديدة ..
فهناك لقينا عشرات الصوماليين الممتدين على الرصيف وفي الأزقة القريبة من الشارع العام .. الذين حولوا هذا المكان إلى مقر لتواجدهم ومكوثهم وقالوا بأنهم يتعاونوا فيما بينهم ويعطي من لديه فلوس للآخرين..
حسن عبدي قدم من الصومال هو الآخر يقول إن أصدقاء له قدموا به إلى هذا المكان حيث وجد بعض الخيرين يمرون بالمأكولات ويتصدقون عليهم بم تجود به النفوس ..
لم يصرح حسن عبدي بالفترة الزمنية التي سيمكثها في الحديدة لكنه قال:» أهل اليمن هم أهل الإيمان وهم إخواننا» ..
شارع شركة جمعان في الحديدة هو أحد الشوارع التي يتواجد فيها عدد من اللاجئين الصوماليين والأفارقة المنتشرين بشكل كبير في شوارع وطرق وأسواق مدينة الحديدة .. لكن الحال لا يقف هنا عند هذه التجمعات بل إن أخطار عديدة تهدد المجتمع بسبب تدفق الصوماليين والأفارقة لليمن ومنها ما يخص محافظة الحديدة على وجه الخصوص ..
خسائر اقتصادية
وفقا لخبراء اقتصاديين فإن اللاجئ الواحد يكلف الدولة سنويا خمسمائة ألف ريال أي ما يعادل (2300) دولار مقابل إقامته ومعيشته وتوفير الجانب الصحي والتعليمي والسكن والتنقل .. أي أن مليوني لاجئ صومالي وإفريقي سيكلف الدولة ما يصل إلى 4.6 مليار دولار وهو مبلغ كبير خاصة وأن أغلب هؤلاء لم يتم تسجيل أسمائهم في كشوفات مفوضية اللاجئين كي يشملهم الدعم الدولي وهو ما يعني أن تتحمل اليمن تكاليف مئات الآلاف من الصوماليين والأفارقة الذين لا يخضعون لتسجيل أنفسهم في المخيمات الرسمية التي تشرف عليها منظمات دولية.
مخاطر صحية
ويؤكد الأطباء والمعنيون بمكافحة الأوبئة في القطاع الصحي أن أغلب الأوبئة التي تتعرض لها محافظة الحديدة تأتي عن طريق هؤلاء اللاجئين الذين يدخلون البلاد بطريقة غير شرعية.
وعن المخاطر الصحية يتحدث أ.د خالد عبده ثابت الصلوي عميد مركز طب المناطق الحارة جامعة الحديدة- قائلاٍ (من المعروف أن الهجرة غير الشرعية تترافق معها تجارة المخدرات والدعارة وفقا للدراسات التي تمت بهذا المجال وهو ما يجعل بلادنا مهددة بالأمراض التالية:
-الأمراض الجنسية كالزهري والسفلس أو الزهري والجنوريا – الايدز
(وهي أمراض مثلاٍ يمنع النظام الصحي الكندي حامله من الدخول للأراضي الكنديه كما يمنع النظام الصحي السعودي حاملي أمراض الكبد الفيروسية من الدخول إلى المملكة العربية السعودية).
-الأمراض المتوطنة في بلدان القرن الافريقي كحمى الوادي المتصدع والايبولا إضافة لأمراض كالتهاب الدماغ الياباني والجذام وحمى الضنك والتي تم التخلص منها في معظم أنحاء العالم.
وأضاف الدكتور الصلوي:
كما أن تواجد المهاجرين في مخيمات غير صحية يهدد بتحول نمط الأمراض المستوطنة لديهم إلى النمط الوبائي في المخيمات اليمنية ويشكل خطراٍ على الجميع.
من المعرف مثلا أن اليمن أعلنت خلوها من شلل الأطفال ولكن هذه الهجرات تهدد المنجزات الصحية بعودة الأمراض التي تم التخلص منها بما يسمى الحالات الوافدة من الخارج وقد عادت أوبئة كالملاريا مثلاٍ لبعض العواصم الأوروبية عبر ما يسمى بالحالات الوافدة هذه المخاطر موجودة في دول بنظام صحي قوي ومتكامل وعليك أن تتخيل حجم المخاطر في دولة شبه فقيرة ونظام صحي متخلف لا توجد به أنظمة للمحاجر الصحية ولا يتبع نظم الوقاية الأولية لمواطنيه فما بالك بالوافدين عليه.
خلاصة الأمر أن الهجرات الحالية تهدد بانهيار المنجزات المتواضعة لبلادنا على صعيد الرعاية الصحية الأولية أساس الصحة لأي مجتمع.
التزام دولي بالإيواء
وبالرغم من هذا الوضع الذي تعيشه بلادنا في شتى المجالات بسبب تدفق اللاجئين إلا أنها لا تستطيع التنصل أو رفض قبول إيوائهم بسبب أن اليمن وقعت على اتفاقيات مع الأمم المتحدة تلتزم اليمن فيها باستقبال اللاجئين الصوماليين على وجه الخصوص مقابل دعم مالي من قبل مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة ومن قبل المنظمات الداعمة في هذا المجال .. ولهذا لا يستطيع اليمن التنصل من هذا المجال خاصة كما أسلفنا أن الأمم المتحدة والداعمين يدعمون بلادنا في ما تم اعتماده من الأسماء المقيدة لديهم ..
المأوى الأول للاجئين
ستظل اليمن المأوى الأول للاجئين الصوماليين والأفارقة والدولة العربية الأولى في استقبالهم حسب تقارير دولية بسبب قربها الجغرافي وضعف القدرات وشحة الإمكانيات لدى خفر السواحل اليمنية إلا أن الأمر يحتاج إلى جدية في التعامل مع تلك الأعداد الكبيرة التي أصبحت تشكل خطرا اجتماعيا وصحيا وأمنيا في البلد .. وأصبح من الضروري على الحكومة والجهات المعنية فيها إيجاد حلول من شأنها توسيع مخيمات اللاجئين ومنع تنقلاتهم بين القرى والمدن .. ومن الضروري والإنساني توفير حياة كريمة لهؤلاء اللاجئين الذين فروا بحثاٍ عن مكان آمن يقيهم من خطر الجماعات والطوائف المتحاربة في بلدهم.

قد يعجبك ايضا