عبدالباسط محمد النوعة –
يدرك الجميع أن العبث والإهمال وصل في مدننا التاريخية إلى حد لا يمكن السكوت عليه فمدينة زبيد ذات الثراء الحضاري والتاريخي الكبير الذي استمدته من عصور ودهور غابرة يضيع يوما بعد اخر وهاهي ذي صنعاء القديمة ذات الصيت العالمي الواسع والتاريخ المتفرد بعبقرية المعمار الجميل بدأ ناقوس الخطر يحوم حولها لينذر بأسا شديدا على هذه المدينة الفاتنة والتجاهل والصنج صفة بارزة لمن بأيديهم القرار في التعامل مع التراث بشكل عام وإلا كيف تركوا زبيد تصل إلى ما وصلت إليه وكيف يتجاهلون الخطر المحدق بصنعاء القديمة حتى وصل بها الحال إلى اتساع رقعة السرطان الخبيث الذي يهدد سائر المدن التاريخية وهو المعمار المعتمد في تكويناته على الاسمنت والحديد وغيرها حتى وصلت الحالات المرضية (التشوهات المعمارية ) في صنعاء القديمة إلى ما يزيد عن 2000 حالة معظمها حسبما يقول المختصون حالات مستعصية (مخالفات جسيمة) والى جانب هذا المرض السرطاني الخبيث الذي ينتشر ولم يجد له السياسيون دواء أو أنهم لم يحاولوا إيجاد الدواء وكأن الأمر لا يعنيهم أو على الأقل عملوا على الحد من انتشار هذا المرض الخطير ومع كل ذلك لم يقف الامر عند هذا الحد فهناك أخطار تتهدد هذه المدينة وبدأت ملامحها تظهر بشكل واضح ونجد أن أجهزة الدولة تقف وراء هذا الخطر المتمثل بالمجاري (الصرف الصحي) وكذا شبكة المياه ولعل الجميع يعرف ما حل بعدد من المنازل في حارة الجامع الكبير والتي تهدمت وتشققت جراء تسرب المياه إلى اساساتها وهاهي السنون تمضي وتلك المنازل على حالها باستثناء بعض الأعمال التي تمشي كسلحفاة مع أن هذا المشروع المتمثل بمعالجة تلك المباني معتمد إلا أننا لا نعلم لماذا هذا البطء في التنفيذ فسنوات مضت منذ بداية المشروع وما نفذ على أرض الواقع لا يكاد يذكر.
يقول عدد من المختصين ومنهم الدكتور عبدالله زيد عيسى رئيس هيئة الحفاظ على المدن التاريخية السابق أن أساسات مباني صنعاء القديمة بسيطة وضعيفة وغير متعمقة في الأرض بما يتناسب مع الطوابق التي تحملها وبالتالي تكون تأثيرات أي تسرب سواء للمجاري أو شبكة المياه سريعة وقوية.
ويؤكد المهندس جميل شمسان القائم بأعمال رئيس هيئة الحفاظ على المدن التاريخية أن شبكة المجاري تعتبر قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة مخلفة وراءها كارثة إنسانية وحضارية غير مسبوقة ولعل ما حدث في حارة الجامع الكبير يدل على ذلك وإذا حدث شيء مشابه فسوف تكون الأضرار أكبر بكثير مما حل في حارة الجامع الكبير.
وأشار شمسان إلى أن استخدام التقنيات الحديثة لأعمال الصيانة والترميم في المدن التاريخية حساسة جدا فإذا لم يتم استخدامها بطريقة صحيحة وبحذر شديد يتواءم مع خصوصية تلك المدن وخاصة المجاري المياه فحتما ستكون العواقب وخيمة وكارثية على المدن التاريخية.
خطر آخر يتهدد مدينة صنعاء القديمة أفصح عنه المختصون وهو استحداث فتحات كبيرة في الطوابق الأولى من المنازل(دكاكين) محاولة من الأهالي لتحسين الدخل من خلال تأجير تلك الفتحات وهم بذلك غير مدركين أنهم يساهمون في تسريع نهاية تلك المنازل القديمة وحول هذه النقطة يقول المهندس شمسان: نخشى أن تتحول صنعاء القديمة إلى أسواق تفتح في معظم مبانيها دكاكين وبالتالي سيكون هذا بداية النهاية لهذه المدينة لأن استحداث فتحات كبيرة في الطوابق السفلية يعمل على إضعاف أساسات المباني التي تحمل(5-6) طوابق وهذه كارثة ينبغي الانتباه لها ووضع المعالجات للحد من الظاهرة واتخاذ إجراءات حاسمة لمنع استحداث هذه الفتحات.
Next Post
قد يعجبك ايضا