أيها القتلة.. ما ذنب “عبد الوهاب”¿!

محدثاٍ أخيه قبل مغادرته المحل ” ضع مولد الكهرباء خارج المحل, وسأقوم بتشغيله عند عودتي من الصلاة” وذهب إلى المسجد بهدف الفوز برضاء الله.. إلا أن أعداء الحياة والإسلام وكل الأديان السماوية وكذا القوانين الإنسانية أصروا على أن لا يعود الشاب إلى محله ويشغل مولده الكهربائي.
“عبدالوهاب يحيى ناجي علي الشغدري” ليس له ذنب سوى أنه سارع نحو المسجد فور سماع مناداة  المؤذن بهدف أداء فريضة صلاة المغرب بالجامع.. ليتحول هناك جسده الساجد بين يدي الله إلى جثة هامدة وتصعد روحه الخاشعة لله إلى السماء  ضمن 32 شهيداٍ وإصابة  98 آخرين وتضرر الجامع وعدد من المنازل المجاورة والممتلكات العامة والخاصة إثر أقدام انتحاري على تفجير نفسه بجامع المؤيد مساء الأربعاء الماضي.

“عبد الوهاب” لا ينتمي إلى أي طائفة أو مكون سياسي.. ولم يطلع أو يقرأ عن تفاصيل المذاهب الدينية.. ولم يستمع يوماٍ أو يلتفت لدعاة التفرقة والتشتت والعنصرية المذهبية.. فقط كان يعمل في محله بكل تواضع.. يستقبل زبائنه بإتسامة صادقة وقلب نظيف.. لم يسأل عميلاٍ أو زبونا عن انتمائه السياسي أو المذهبي.. لأنه يعمل في وطن اسمه “اليمن” وتحت دين يدعى “الإسلام”.
مديرية الشغادرة ـ محافظة حجة ـ  كانت ما تزال  تداوي جراح وآلام فراقها لشابين من أفضل وأروع شبانها, أحدهم ” أسيد البحري” سقط بمحافظة مارب, وآخر ” الدكتور رياض الراجحي   ”   توفي نتيجة تعرضه لحادث مروري وهو في مهمة البحث عن العلم بدولة الجزائر.. حتى أتاهم نبأ استشهاد عبد الوهاب بجامع المؤيد.
لم يستوعب أحداٍ نبأ استشهاد الشاب.. الصمت يعم الشوارع والحواري.. الظلام زاد من ظلمته وزد الليل من وحشته.. الجميع منذهل.. الصمت سيد الموقف.. لا أحد يجرؤ عن الحديث.. القلوب تعتصر.. الدموع تنهمر.. والنجوم في السماء تبدو حزينة مما حدث لـ “عبد الوهاب” والمصلين بجامع المؤيد بأمانة العاصمة.
نقلت جثة الشهيد من صنعاء مساء الحادث الإرهابي نحو محافظة حجة ليدفن  جثمانه بقريته.. الجميع هناك غير مصدق ومستوعب الأمر.. مجموعة أسئلة تناثرت هناك دون أن تجد إجابة مقنعة أو شافية أو حتى غير ذلك. 
ما ذنب عبد الوهاب .. حتى يتحول جسده جثة هامدة..¿ لأنهِ أرد الصلاة.. ويخاف من عذاب النار..ويسعى لرضاء الرب¿ ألم يكن ينتمي للدين الذي يدعي الانتحاري “القاتل” الانتماء له.. وقتله وآخرين بدعوة نصرته¿!!!!.
عبدالوهاب.. كان لديه طموحان كما حدثني يوماٍ ما.. الأول: فتح مشروع مستقل لذاته.. وتحقق قبل أشهر.. والثاني: الزواج بفتاتة التي عشقها ويجري حبها في أوردته.. كان يسعى جاهداٍ لتحقيق الهدف الثاني في حياته.. لكن أعداء الحياة والعيش والسلام والأمن والأمان حالوا بينه وبين حلمه الآخر.. أرسلوا إليه شيطانا مفخخا قلبه أسود.. لا ينتمي إلى أية ديانة سماوية أو يعترف بقوانين ومشاعر إنسانية.. جسد في هيئة بشر.
تنظيم داعش أعلن مسؤوليته عن الهجومين  الإرهابيين اللذين تعرض لهما مسجد المؤيد في صنعاء مساء الأربعاء الفائت وذلك في بيان على موقع تويتر.
وبينما ما يزال نزيف دماء ضحايا الجرائم الإرهابية التي استهدفت جامع المؤيد بأمانة العاصمة صنعاء مستمراٍ .. حتى أنبرى البعض لمحاولة تبرير تلك المجازر بإضفاء صبغة مذهبية عليها وتسويق إيحاءات تصور التفجير الإرهابيه بالمصلين في المسجد بأنها “رد فعل للتطورات السياسية والأمنية على الساحة المحلية وتصدر مكون سياسي بعينه المشهد”, وذلك على نحو يخدم توجهات خارجية لقرع طبول تفجير حرب أهلية في اليمن على أساس مذهبي وطائفي.
وفي الواقع أن جرائم استهداف المساجد يأتي امتدادا لسلسلة مجازر إرهابيه بشعة جبانة وغادرة أنكب على تنفيذها تنظيم القاعدة وجماعاته الإرهابية في طول اليمن وعرضه وعلى نحو لافت ومكثف منذ العام 2011م وحصدت جلها ضحايا يمنيين من مختلف المذاهب والفئاتº من دون تمييز لكبار أو صغار رجال أو نساء أصحاء أو مرضى مدنيين أو عسكريين مسؤولين حكوميين أو مواطنين عاديين.
وقد أمعنت التنظيمات الإرهابية خلال الأشهر الماضية في استهداف المساجد بأمانة العاصمة وعدد من محافظات الجمهورية.. وهي تعتبر وسيلة من وسائل العدوان الذي يسعى من خلالها إيجاد حروب طائفية ومذهبية في اليمن رغم أن الاستهداف لا يقتصر في حق جماعة بحد ذاتها وإنما  يستهدف كل المتواجدين بالمساجد وهم من مختلف المكونات والتيارات الفكرية والحزبية.. وبهدف إشعال حرب طائفية ومذهبية بالوطن.
وتوسع العمليات الإرهابية خلال الأشهر الماضية يأتي نتيجة للعدوان السعودي على اليمن.. وهذا ما أكدته 34 منظمة يمنية وعربية في بيان وقعت عليه سابقاٍ أن الحرب على اليمن والتدخل العسكري الخارجي لا يخدم سوى الجماعات الإرهابية ويساعدها على انتشارها إلى دول المنطقة.. 
 في السياق ذاته يؤكد الناطق باسم القوات المسلحة والأمن العميد الركن شرف غالب لقمان أن العدوان السعودي الغاشم على اليمن أتاح الفرصة لانتعاش تنظيم القاعدة ووفر له إمكانية إعادة ترتيب أوضاع خلاياه وعناصره الإرهابية من خلال إضعاف الجيش وتمزيقه ومحاربته وتدمير اسلحته.. مضيفاٍ : أن العدوان يساعد تنظيم القاعدة وذلك بمنع أفراد القوات المسلحة والأمن واللجان الشعبية من تصفية دحر هذه العناصر من المناطق المتواجدة فيها.

قد يعجبك ايضا