مدير عام الآثار والمتاحف بمأرب مبخوت مهتم لـ(الثورة):
العدوان يقود هجمة شرسة وانتقامية ممنهجة لتدمير آثار مارب
تواجه معالم الحضارة والتراث في محافظة مارب هجمة شرسة واستهدافا ممنهجا من قبل طائرات العدوان السعودي التي جعلت من المواقع الأثرية أهدافاٍ لصواريخ طائراتها , ومنذ بداية العدوان قبل أكثر من خمسة أشهر أقدمت هذه الطائرات الحاقدة على استهداف العديد من المواقع والمعالم الأثرية في محافظات عدة ومحافظة مأرب على وجه الخصوص كونها محافظة تزخر بالكثير من مواقع التراث الحضاري , وهذا ليس بغريب على مارب التي كانت حاضرة للعديد من الممالك القديمة ذات المكانة المرموقة في التاريخ القديم وعلى رأسها بالطبع مملكة سبأ , ولهذا يعمد العدوان إلى النيل من حضارة هذه المحافظة كما يقول عدد من المعنيين والمختصين .
أو أخر الأسبوع الماضي تجدد القصف على مدينة براقش وهذه هي المرة الثانية التي تستهدف فيها طائرات العدوان هذه المدينة الأثرية الهامة إلا أن الضربة الأخيرة كانت أشد وأكثر ضراوة وتدميراٍ لهذه المدينة الأثرية .
هذا ما تحدثنا حوله مع الأخ مبخوت محسن مهتم مدير عام الآثار والمتاحف في محافظة مأرب في لقاء خص به الثورة وتحدث فيه عن حجم الدمار الذي لحق بالمعالم والمواقع الأثرية في مأرب جراء استمرار مسلسل التدمير الممنهج من قبل طائرات العدوان السعودي . حيث أشار مهتم إلى أن نسبة الدمار الذي لحق بمدينة براقش الأثرية جراء الاستهداف الذي تعرضت له أواخر الأسبوع الماضي بلغت 80% حيث هدم المعبد الأثري الهام وكذلك هدمت أسوار المدينة والمباني الموجودة في محيط المنطقة الأثرية خاصة في الأجزاء العليا من السور الأثري والبوابات بمعنى أخر أن كل المنطقة التي تم حفرها خلال التنقيبات السابقة تدمرت بشكل كبير .
وتساءل مهتم: كيف يعقل أن يتم استهداف مدينة صغيرة وبسيطة كبراقش عبارة عن أطلال هشة بخمسة غارات في المرة الأخيرة وكانت مركزة على المدينة فقط وفي وسطها بينما كان القصف الأول قبل حوالي أربعة أشهر على حرم المعبد المحيط الخارجي وصاروخ سقط في المقبة الأثرية المجاورة لبراقش أما القصق الثاني قبل أيام فكان مكثفا ومركزا بصورة عنيفة على المعبد والمعالم الأخرى الأثرية داخل المدينة الأثرية .
وأكد أن براقش لم يكن فيها أي مظاهر أو تجمعات مسلحة أو كانت قريبة من مواقع الاشتباكات على العكس من ذلك تماما فهي بعيدة جداٍ عن أماكن الصراعات والاشتباكات الواقعة على الخط الإسفلتي وفي أعالي الجبال كما أن المدينة الأثرية لا يمكن لأي جماعة مسلحة التحصن أو التمركز فيها لأنها ستصبح أهدافا مكشوفة للطرف الآخر بحكم انه لا يمكن الاختباء خلف بقايا وأطلال مهدمة وليست مرتفعة ولهذا لا نعلم لماذا تم استهداف هذه المدينة ومهما كانت المبررات والأعذار التي يمكن أن تتذرع بها دول العدوان فهي غير مقبولة ولا يمكن تصديقها .
مواقع أثرية تم استهدافها
وقال مدير عام الآثار والمتاحف بمأرب : إن استهداف طائرات العدوان لم يقتصر على مدينة براقش الأثرية بل شمل مواقع ومعالم أثرية أخرى منها مدينة صرواح الأثرية بنقوشها وأسوارها الهامة وهذه المدينة كذلك تعرضت للقصف مرتين وحقيقة فصرواح ظلت طيلة أيام العدوان مستهدفة وسقط عليها العديد من الصواريخ إلا أن البعض منها والحمدلله لم تنفجر وهذا من حسن حظ هذه المدينة وابرز تلك الصواريخ التي نحمد الله انه لم ينفجر ذلك الصاروخ الذي سقط جوار أشهر واكبر نقش في الوطن العربي وهو نقش النصر الذي يحوي أكثر من ألف كلمة ويسمى أيضا نقش الوحدة الذي يعود إلى مؤسس أول وحدة تاريخية لليمن في القرن الثامن قبل الميلاد وهو الملك كربئيل وتر ويعد من أجمل النقوس وأهمها خاصة في مجال دراسة التاريخ اليمني والعربي وإذا ما كان هذا الصاروخ انفجر كانت كارثة حضارية بكل المقاييس ولكن للأسف الشديد مخزن صرواح الأثري الذي يحتوي على الكثير من القطع الأثرية تعرض للتدمير وتناثر القطع وتأثرها بشكل كبير وهو مخزن بسيط وصغير , ومن المواقع التي تم استهدافها أيضا مدينة مأرب التاريخية بكامل محيطها وبواباتها ومبنى الموروث الشعبي والبيوت القديمة الموجودة فوق التلة وتدمرت البوابتين الشمالية والغربية التي كانتا لازالت شاخصة للعيان ومن حسن الحظ أيضا أن مدينة مأرب الأثرية لازالت أجزاء كثيرة منها مطمورة ومدفونة تحت الأرض كما تعرض مسجد سليمان الأثري للتدمير وهذا المسجد الموجود تحت التلة بني على معبد كبير بعض أثاره لازلت ظاهرة منها الأعمدة وبعض الجدران , كذلك استهدف العدوان ولمرات عديدة سد مأرب القديم فالمصرف الشمالي انتهي تماما تدمر بشكل كامل حتى الأجزاء التي تم ترميمها من قبل المعهد الألماني للآثار كذلك تضرر المصرف الجنوبي وبشكل كبير حتى السد الجديد تضرر أيضا نتيجة الضربات فالبوابة لم تعد تغلق وتركز الضرر بشكل تقني , كذلك رصدت بعض الأضرار في منطقة حفينة الأثرية , واصبحنا الآن نخشى أن يتم استهداف معبد أو أم ومعبد بران فقد أصبح العدوان بحالة استهداف مستمر وغير منطقي لمعالم الآثار والتراث في مأرب ألا أن هاذين المعبدين تأتي إليها أعيرة نارية خفيفة وثقيلة نتيجة الاشتباكات التي في بعض الأحيان تقع بالقرب منهما .
جريمة إنسانية
بما أن مواقع ومعالم الآثار في مأرب بعيدة عن أماكن الاشتباكات وليست ثكنات عسكرية ولاوجود لمجاميع مسلحة فيها فلماذا يتم استهدافها بهذا الشكل وهنا يجيب مبخوت مهتم قائلا : عندما نحاول أن نقرأ الواقع وما يقوم به العدوان نجد أن هناك تركيزاٍ ونية لتدمير مواقع التراث في مأرب فلا يوجد أي مبرر لقصف هذه المواقع مهما كانت الوقائع على الأرض وهذا يؤكد أن هناك استهدافاٍ حقيقياٍ وممنهجاٍ لهذه المعالم التي تقصف بصواريخ فتاكة في جريمة إنسانية لم تشهدها اليمن من قبل في فترات تاريخية سابقة وهنا يمكننا القول أن العدوان يقود هجمة شرسة وانتقامية وعدائية بالفعل لمواطن التراث في مأرب كونها المحافظة الأغنى بمواطن التراث والحضارة .
جواب محافظ مارب
وحول ما قام به مكتب الآثار من جهود وخطوات لتجنيب استهداف هذه المعالم ولإظهار جرائم العدوان بحق تراث مأرب لفت الأخ مبخوت مهتم إلى انه تم نقل الصورة كاملة لما حدث ويحدث لمعالم ومواقع الآثار للمنظمات والجهات المهتمة داخلية وخارجية وعلى رأسها اليونسكو التي تبدي اهتماماٍ كبيراٍ لما يحدث لأثار مأرب وقد تم تقديم تقريرين في مؤتمر لليونسكو عقد قبل نصف شهر في باريس وكان التقريران حول المواقع التاريخية ومواقع الآثار وتم إيضاح الواقع الذي تعيشه خلال فترة العدوان وما تتعرض له من تدمير كما يعمل المكتب على رفع تقارير مستمرة إلى هيئة الآثار الديوان العام وحاولنا التواصل مع الجهات ذات العلاقة رسمية ومنظمات المجتمع المدني في محاولة لتجنيب المواقع الأثرية القصف كذلك تم التواصل مع محافظ مأرب سلطان العرادة ولكن للأسف الشديد لم تلق آذاناٍ صاغية أو تفاعلا منه وما وجدناه إجابة مفادها الحرب ليس لها أخلاق .
البعثات الأثرية والحرج الشديد
وأضاف : ما حصل من عدوان لمواقع الآثار في مأرب سوف يعيدنا كثيرا إلى الوراء وسوف يعمل على خلخلة السلسة التاريخية لليمن القديم الذي كانت مأرب منطلقا أساسيا له كذلك سوف تتأثر مأرب على صعيد التنمية فقد كانت هذه المواقع التي تم تدميرها تخضع للدراسة والتنقيب والترميم من قبل بعثات عالمية ما زالت أعمالها مستمرة منذ سنوات لم تنتهي فقط توقفت بفعل الأحداث مثلا سد مأرب القديم يخضع للدراسة والترميم من قبل المعهد الألماني للآثار في برلين على مدى أربع سنوات في المصرف الشمالي الذي تم تدميره كل شيء تدمر القديم وأعمال الترميم وهذا الأمر سوف يدخلنا في إحراج مع البعثات العلمية التي تعمل في المواقع الأثرية فهل نضمن أن يستمر التنقيب والترميم لهذه البعثات بالصورة التي كانت عليها في السابق أم أن الأعمال قد تنقطع وفي كلتا الحالتين لا يمكن ان تلتزم البعثات بإعادة ما تم تدميره .
عدوان غير منطقي
ونوه الى ان معالم الآثار في مأرب لازالت مستهدفة ولا يمكن ضمان عدم تعرض هذه المواقع أو ومواقع أخرى للاستهداف من قبل الطائرات فالعدوان والانتهاك مستمر ومتواصل لم يتوقف حتى اللحظة .
وطالب مدير عام آثار مأرب إيقاف العدوان على المعالم الأثرية بمأرب فورا كونه غير مبرر وغير منطقي وسيعمل مكتب الآثار بعد توقف القصف على تقييم وحصر الأضرار في المواقع والمعالم التي تم استهدافها وتوثيقها بصورة دقيقة وما تم التحدث به عن الأضرار تظل أولية فقط تم رصد الأشياء الظاهرة بحكم تواصل القصف من قبل الطائرات بالكاد يتم اخذ صور بشكل سريع خوفا من التعرض للقصف وهذا يجعل الأضرار مرشحة للزيادة والارتفاع .