يبدو المشهد في مدينة تعز مؤلماٍ للغاية فآلة الحرب المدمرة التي تشهدها المدينة منذ أكثر من خمسة أشهر لم تستثن أي شيء جميلُ في المدينة التي تعاني من غياب شبه تام لأبسط الخدمات الأساسية التي يتطلبها العيش اليومي للمواطن أْسر تمكنت من النزوح وأضعافها لا تزال قابعة تحت وطأة الحرب وبالمقابل هناك جهود تبذلها السلطة المحلية بالمحافظة عبر مؤسساتها ومكاتبها الخدمية لحل مشكلة انعدام الخدمات الأساسية للتخفيف من معاناة المواطنين وأهمها خدمات الكهرباء والمياه والنظافة “الثورة” وفي هذا التقرير تستعرض جانباٍ من المعاناة تحديداٍ في خدمة المياه والمتوقفة عن الضخ وتزويد الكثير من الأحياء, الأمر الذي ضاعف من المعاناة القائمة في المدينة علاوة على تسليط الضوء على الأضرار التي شملت شبكة المياه جراء تلك الاشتباكات والصعوبات والمعوقات الأخرى وسبل معالجاتها من قبل السلطة المحلية ومؤسسة المياه والجهات الداعمة دولياٍ (المنظمات الإغاثية) وفقاٍ للإمكانيات المتاحة والمتوافرة حالياٍ.
* ما إن بدأت الأزمة التي تشهدها المدينة منذ نحو خمسة أشهر أو يزيد واندلاع العدوان والمواجهات المسلحة وانقطاع خدمة التيار الكهربائي علاوة على ندرة المشتقات النفطية خصوصاٍ مادة (الديزل) وصعوبة توفيرها لجأت السلطة المحلية بالمحافظة إلى العمل لحل مشكلة توقف عمليه الضخ واستئنافها للمواطنين ومعها جهود مماثلة لمنظمات إغاثية كالصليب الأحمر إلا أن الخدمة لاتزال متوقفة في كثير من الأحياء .. يقول محمد غالب سعيد -أحد سكان حي الجحملية بمديرية صالة ” منذ خمسة أشهر أو تزيد نقطع مشيا على الأقدام مسافات طويلة للبحث عن شربة الماء نقاوم شظف العيش التي تشهدها المدينة جراء انعدام كل مقومات الحياة فيها”.
ويضيف متسائلاٍ: “إلى متى سنستمر في هذا الحال¿!” ويردف: المواطن ليس بمقدوره تحمل المزيد من الأعباء وهنا يجب على كل الأطراف أن تسعى للتخفيف من الآلام والأوجاع من خلال توفير الخدمات الأساسية وأولها قطرة الماء الذي هو أساس الحياة.
تلاعب في الدعم
فيما يشير الناشط الحقوقي والمحامي توفيق الشعبي إلى أن القائمين على مؤسسة المياه في تعز ليسوا أهل ثقة حيث يقومون بنهب آلاف اللترات من الديزل والبنزين التي تقدمها المنظمات الإغاثية كالصليب الأحمر من أجل استئناف عملية ضخ المياه إلى المواطنين وهذا ما يزيد من حجم المشكلة ويضاعفها (حسب قوله).
منوهاٍ بأن منظمة الصليب الأحمر دعمت المؤسسة بآلاف اللترات من الديزل لكن هناك تلاعب في تلك الكميات, وغيرها من المنظمات, داعياٍ إلى عمل مراقبة مجتمعية دقيقة لمصير الدعم الواصل إلى المؤسسة والجهات الأخرى لضمان الاستفادة منها للتخفيف من معاناة المواطنين وتقديم الخدمات الأساسية لهم.
ويشير المواطن “خالد محمد عبدالواسع” من أبناء حي الضربة ـ مديرية القاهرة إلى أن حاجته من الماء يستقدمها عبر وايتات الماء بأسعار باهظة ومضاعفة , منوها بأن المياه الحكومية تكاد تكون غائبة عن جميع أحياء المحافظة.. داعياٍ إلى إيقاف الحرب وإنهاء الاقتتال العبثي الذي تشهده حالياٍ مدينة تعز وألحقت أضراراٍ جسيمة بالمواطنين جميعاٍ.
الاعتماد على وايتات المياه
عاقل حارة الموشكي بمديرية القاهرة سمير علي قاسم, يؤكد هو الآخر أن الحي منذ أكثر من أربعة أشهر لم تصله خدمة المياه إطلاقاٍ وأن أبناء الحي يعتمدون بشكل أساسي حالياٍ على وايتات المياه والتي تكلفهم مبالغ باهظة, حيث يتراوح معدل الاستهلاك الشهري للأسرة الواحدة من 2ـ3 وايتات مياه وبقيمة لا تقل عن عشرين ألف ريال شهرياٍ.. مؤكداٍ أن حالة المواطنين متعبة والمعيشة صعبة جداٍ وليس بإمكانهم مواجهة كل هذه الأعباء الكبيرة.
جهود مضاعفة
وقال مدير عام المؤسسة المحلية للمياه بتعز محمد إبراهيم أن المؤسسة لم تدخر جهداٍ وعملت بكل الإمكانيات المتاحة وبجهود مضاعفة للإسهام في توفير خدمة المياه في ظل هذه الأوضاع الصعبة التي تمر بها المدينة حالياٍ وصعوبة العمل والمعوقات الجمة التي تعترضنا, مشيراٍ إلى أنه تم الاتفاق مع منظمة الصليب الأحمر على توفير 50 ألف لتر من مادة الديزل ومع منظمة اليونيسف على توفير 197 ألف لتر من مادة الديزل لتزويد محطات الآبار وتشغيلها وبدأنا في استلام كميات منها وتمت عملية الضخ من الآبار إلى الأحياء السكينة بالمدينة, منوهاٍ باستمرار عملية إصلاح مواسير ومعدات الضخ المتضررة بالإضافة إلى عملية تأمين خطوط النقل وتوفير التكاليف اللازمة لعملية التشغيل.
دور السلطة المحلية
* وبشأن دور السلطة المحلية بالمحافظة يقول المهندس مهيب الحكيمي -وكيل المحافظة المساعد لقطاع الشئون الفنية والبيئية: إن السلطة المحلية ممثلة بالأخ الأمين العام للمجلس المحلي محمد الحاج تعمل في الإشراف والمتابعة المستمرة وفقاٍ للإمكانيات المتاحة لاستئناف عملية ضخ المياه حيث عملت على تزويد المؤسسة المحلية للمياه بكميات من الديزل وكذا التنسيق مع جهات الدعم كالصليب الأحمر واليونيسف ومنظمات أخرى علاوة على متابعة إصلاح معدات ومضخات المياه التي تعاني كثيراٍ منها لأضرار نتيجة الأحداث التي تشهدها المدينة, لافتاٍ إلى أن الكثير من الأحياء لم تصلها الخدمة لجملة من المعوقات أبرزها رفض بعض العناصر المسلحة التعاون مع المؤسسة لإصلاح المواسير لتوصيل المياه إلى الأحياء التي يسيطرون عليها بالإضافة إلى انعدام الديزل وانقطاع الكهرباء في الفترة الماضية.
ولفت إلى أن بعض المنظمات للأسف لا تنسق مع السلطة المحلية في دعم مؤسسة المياه وإنما تقوم بالتنسيق المباشر مع المؤسسة متجاهلة السلطة المحلية وهو ما يعيق عملية الإشراف والمتابعة والتقييم التي من صميم مهام وعمل السلطة المحلية ويجعلنا محل مساءلة من المواطنين والمجتمع, وفيما يخص تناول بعض المنظمات لقيام المؤسسة بنهب كميات كبيرة من مادة الديزل التي تقدمها المنظمات الدولية لتشغيل مضخات المياه, يقول الحكيمي: “نحن على استعداد كامل لمعاقبة قيادة المؤسسة إذا ثبت تورطها في أي عمليات نهب وسنبذل كل الجهود بالتنسيق مع منظمات المجتمع المدني والأجهزة المختصة للتأكد من صحة البلاغات واتخاذ ما يلزم بشأن ذلك وفقاٍ للنظام والقانون , مؤكداٍ أن المرحلة صعبة وبحاجة إلى الإخلاص وتضافر الجهود الوطنية المسئولة لإصلاح الأوضاع وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين.