السحل وقتل الأسرى ثقافة “داعشية”

لم تكن الأولى ولا يبدو أنها ستكون الأخيرة.. مجزرة قتل الأسرى وسحبهم والتمثيل بهم في مدينة تعز.. والتي  تأتي امتداداٍ لجرائم سابقة مماثلة تصاعدت بالتزامن مع شن النظام السعودي وحلفائه, عدوانه الغاشم على اليمن وبصورة تؤكد بأن تحالف النظام السعودي وأعوانه مع التنظيمات الإرهابية يلتقون ويتفقون  في الغايات وإن اختلفت المسميات والوسائل الإجرامية والإرهابية.

ما يعرف بـ “القاعدة” ومن بعده “أنصار الشريعة” ثم “داعش”.. تنظيمات إرهابية سعودية الفكر والتمويل والدعم .. ظل ينكر وجودها في اليمن بعض التيارات والأحزاب والقيادات وبعض المسؤولين في الدولة, في ما هم يمهدون لانتشارها في اليمن ويمكنونها من بسط سيطرتها على جنوب اليمن ومنه إلى عموم الوطن.
لم يعد سراٍ أو محل شك العلاقة الوثيقة بين النظام السعودي والتنظيمات الإرهابية فكراٍ وتمويلاٍ وتسليحاٍ وتمكيناٍ وتحالفاٍ.. وبجانب اعتراف الناطق باسم ما يعرف بتنظيم القاعدة بجزيرة العرب “خالد باطرفي” في تصريح متلفز بثته قناة “الملاحم” “بأنهم يقاتلون قوات المخلوع صالح ومليشيات الحوثي في إحدى عشرة جبهة داخل اليمن”يسميها تحالف العدوان السعودي “المقاومة الشعبية” ويجاهر بدعمها ومدها بالسلاح والمال مظلياٍ وحمايتها بالغطاء الجوي.
هذه الاعترافات تأتي بعد اعترافات مماثلة جاءت على لسان الناطق باسم قوات التحالف بما يسمى عاصفة الحزم مستشار وزير الدفاع السعودي العميد أحمد عسيري وتأكيده غير مرة في مؤتمراته الصحفية أن “قوات التحالف لا تستهدف باليمن تنظيم القاعدة أو داعش” .. وتأكيده أيضاٍ أن “تنظيم القاعدة ليس من أولويات قوات التحالف”.
يضاف إلى هذه الشواهد ثبوت انتماء غالبية منتسبي هذه التنظيمات ومنفذي هجماتها إلى السعودية جنسيةٍ وفكراٍ وإقرار الفار هادي في وقت سابق ورئيس الأمن القومي السابق علي الأحمدي بأن “70 % من عناصر تنظيم القاعدة باليمن هم من جنسيات أجنبية” لم يفصحا  عنها حينها .. لكن الأحداث ظلت تكشف أنها سعودية في غالبها.
في المقابل التنظيمات الإرهابية ما يسمى بـ “القاعدة” و”أنصار الشريعة” و “ولاية داعش” في عدن وصنعاء لا تتحرج من الإشهار عن وجودها باليمن والإقرار بتبني عملياتها “جرائمها” الإرهابية التي نفذتها وتنفذها في جنوب وعدد من المحافظات.
وبجانب تزامن تصعيد هذه التنظيمات الإرهابية هجماتها مع شن العدوان السعودي عبر تفجيرات إرهابية متسلسلة بواسطة عبوات ناسفة وسيارات مفخخة استهدفت مساجد وأضرحة وشخصيات وفقهاء دين على أساس مذهبي بحت.. كثفت هذه التنظيمات من هجماتها على السجون وتهريب عناصرها المدانة ومهاجمتها على المعسكرات ومرافق مؤسسات الدولة والبنوك والمصارف.
هناك العديد من المدنيين والعسكريين والأمنيين سقطوا ضحايا للتنظيمات والجماعات بمختلف وسائل القتل “ذبحاٍ وقذفاٍ من على البنايات وحرقاٍ وعبر الأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة” وغيرها من الوسائل الإجرامية البشعة التي تنبذها الإنسانية وأخلاقيات كل التنظيمات ما عدا تلك التنظيمات التي تجد القتل والإرهاب والإرعاب وسيلتها الوحيدة وطريقتها الفريدة لإثبات تواجدها بأي أرض تحل فيها.
السحل والتمثيل
التنظيمات الإرهابية تعمدت اقتراف جرائم ومجازر بشعة عبر الإمعان في وحشية القتل لمخالفيها وللنظام السعودي فكرياٍ وسياسياٍ وعمدت إلى توثيق مجازر قتل وسحل أسرى مدنين وعسكريين والتمثيل بجثثهم شنقاٍ وصلباٍ ونحراٍ وسحلاٍ وقذفاٍ من البنايات وغيرها من أساليب تنظيم داعش على المنطقة.
كثيرة هي الجرائم التي ارتكبتها الجماعات الإرهابية والتي تؤكد أن ما حدث في تعز خلال الأسبوع الفائت من جرائم السحل والحرق والصلب إلا جزء بسيط من مسلسل إجرامي ينفذه تنظيم القاعدة منذ فترة ضد أبناء اليمن وبحسب الهوية.. هي عديدة الجرائم التي تؤكد بشاعة الفكر الذي يعتنقه التنظيم, شهدت مدينة الحوطة واحدة من تلك الجرائم المنافية للإنسانية.. وذلك حين أقدم تنظيم القاعدة على ارتكاب جريمة بحق 14 جندياٍ, تم إعدامهم ذبحاٍ  بالسكاكين في منطقة حوطة أحمد بن زين بوادي حضرموت بعد اختطافهم من على متن حافلة ركاب في شبام حضرموت.
عناصر القاعدة, لم يخافوا بفعلتهم وجريمتهم هذه التي ارتكبوها في أغسطس 2014م, إنما ذهبوا بالجنود المأسورين إلى ميادين المدينة وحشدوا المواطنين  وقاموا بإعدام الجنود وهددوا بذبح المزيد ممن يقع في أيديهم.. سبقت وتلت هذه الجريمة العديد من الجرائم البشعة, كان آخرها ما شهدته مدينة تعز.
مثلما كشف العدوان السعودي عن عملائه وأدواته ومرتزقته داخل اليمن وعرى ارتهانهم له صراحة أمام اليمن كافة .. فإن جرائم هذه التنظيمات الإرهابية ومجازرها الوحشية كشفت هي الأخرى مؤيديها والحاضنات الفكرية لها .. أكان بالتزامها الصمت حيال الجرائم الإرهابية لهذه التنظيمات أو إحجامها عن إدانتها أو إقدامها على تبرير هذه الجرائم وتسويقها وإظهار التعاطف مع مقترفيها أو بالتشفي والسخرية من ضحاياها.
لكن رغم هذه الفظاعة والبشاعات التي تنشد تنفيذ السيناريو نفسه في العراق وسوريا وليبيا داخل اليمن وسعيها لبث الرعب في نفوس اليمنيين وإخضاعهم بحد السيف والسكين لفكر وغايات هذه التنظيمات ومن يتبعها.. إلا أن اليمنيين في غالبيتهم يظهرون وعياٍ بما يحاك لليمن ومرامي المتآمرين على وحدة الوطن أرضاٍ وإنساناٍ ونسيجاٍ مجتمعياٍ ويرفضون الانجرار إلى أتون فتنة الاقتتال الأهلي على أساس مناطقي أو مذهبي أو طائفي ولا ينفكون يؤكدون عبر مسيراتهم وبيانات منظماتهم المدنية السياسية والمجتمعية إدانتهم الإرهاب والعدوان السعودي وأعوانه ومرتزقته وأنهم سيظلون لهم صفاٍ واحداٍ لهم بالمرصاد.

قد يعجبك ايضا