الإرهاب.. تعددت وسائله.. وتوحدت ضحاياه

> أبرياء يسقطون لا ذنب لهم سوى رغبتهم بالصلاة

> الأوقاف تدين تفجير الجوامع.. والداخلية تشدد على رفع اليقظة الأمنية

ما يزال نزيف دماء ضحايا الجرائم الإرهابية التي تستهدف المساجد في أمانة العاصمة صنعاء وبعض المحافظات, مستمراٍ .. حتى انبرى البعض لمحاولة تبرير تلك المجازر بإضفاء صبغة مذهبية عليها.
ذهب هذا البعض إلى تسويق إيحاءات تصور التفجيرات الإرهابية بالمصلين في المساجد بأنها “رد فعل للتطورات السياسية والأمنية على الساحة المحلية وتصدر مكون سياسي بعينه “المشهد” وعلى نحو يخدم توجهات خارجية لقرع طبول تفجير حرب أهلية في اليمن على أساس مذهبي وطائفي.
لكن الواقع أن جرائم استهداف المساجد يأتي امتداداٍ لسلسلة مجازر إرهابية بشعة جبانة وغادرة انكب على تنفيذها جماعات إرهابية في طول اليمن وعرضه وعلى نحو لافت ومكثف منذ العام 2011م وحصدت جلها ضحايا يمنيين من مختلف المذاهب والفئاتº من دون تمييز لكبار أو صغار رجال أو نساء أصحاء أو مرضى مدنيين أو عسكريين مسؤولين حكوميين أو مواطنين عاديين.
3 يونيو 2011م
كانت أبرز هذه المجازر الإرهابية التي نفذتها جماعات إرهابية في البلاد خلال الأربع سنوات الماضية جريمة تفجير مسجد دار الرئاسة والتي استهدفت رئيس الجمهورية السابق علي عبدالله صالح وكبار قيادة الصف الأول في الدولة والحكومة والبرلمان ومجلس الشورى ومؤسسات رسمية ومدنية أثناء تأدية صلاة أول جمعة من شهر رجب الحرام, الانفجار الأول كان عبارة عن عبوات ناسفة تم زراعتها في منبر الجامع, أعقبها تفجير عبوات ناسفة أخرى زرعت في خزانات الغاز تلاها قصف مدفعي من بنايات, راح ضحية ذلك الاستهداف الجبان والغادر عدد من جموع المصلين على رأسهم الشهيد عبدالعزيز عبدالغني رئيس مجلس الشورى وإصابة آخرين بجروح خطيرة منهم رئيس الدولة الذي نقل ومعه العديد من رجال الدولة إلى المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول لتلقي العلاج.
20 مارس 2015م:
ضمن مسلسل جرائم الإرهاب في حق اليمنيين, استهدف أربعة عناصر إرهابية انغمست بين جموع المصلين في مسجدي “الحشوش وبدر” في العاصمة صنعاء استخدموا نفس الأسلوب في التمويه وإخفاء أدوات التفجير تحت مادة “الجبس” على سيقانهم ليظهروا وكأنهم في حالة إعاقة.
تلك الجريمتان اللتان نفذتا في وقت واحد وبأسلوب واحد.. قد خلفت أكثر من 137 شهيداٍ بينهم عدد من الأطفال و نحو 357 مصاباٍ بينهم أربعين شخصاٍ إصابتهم بالغة .. وهو الموقف والمشهد الذي كان أكثر إيلاماٍ لليمنيين بعد جريمة استهداف جامع دار الرئاسة.
17 يونيو 2015م:
لم يكن مساء هذا اليوم عادياٍ بالنسبة لليمنيين, لما شهدته العاصمة صنعاء من انفجارات كبيرة نفذتها جماعات إرهابية في وقت واحد.. إذ قال مصدر أمني بأمانة العاصمة آنذاك إن أربع سيارات مفخخة استهدفت جامع الحشوش في الجراف وجامع الكبسي بحي الزراعة وجامع القبة الخضراء في شارع هائل .
وأكد المصدر في تصريح لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) أن هذه الانفجارات الإرهابية أدت إلى سقوط العشرات من الضحايا والمصابين .. لافتاٍ إلى أن فرق الإنقاذ والإسعاف هرعت إلى أماكن الإنفجارات لإسعاف المصابين إلى مستشفيات العاصمة.
وفي مساء الـ 20 من يوليو استشهد 4 مواطنين بينهم ثلاثة أطفال وأصيب 8 آخرين في حصيلة أولية جراء انفجار سيارة مفخخة بالقرب من جامع المؤيد بالجراف الغربي بالعاصمة صنعاء.
وبحسب مصدر أمني مسئول فإن السيارة التي وضعت خلف جامع المؤيد بالعاصمة صنعاء انفجرت وقت صلاة العشاء ما أدى إلى استشهاد 4 مواطنين وإصابة 8 آخرين بينهم أطفال وإحداث أضرار في المباني والمحلات المجاورة.. مشيراٍ إلى أن فرق الإسعاف والإنقاذ هرعت إلى مكان الانفجار لإسعاف المصابين والقيام بعملية الإنقاذ حيث تم إسعاف المصابين إلى مستشفيات الأمانة.
وفي الـ 29 من يوليو الماضي من العام الجاري 2015م استهدفت سيارة مفخخة جامع البهرة بشارع سوق الرماح سقط خلالها ثلاثة شهداء في حين تم إسعاف عدد من الجرحى إلى مستشفيات العاصمة.
مساء الخميس الماضي انفجرت سيارة مفخخة جوار جامع الرحمن خلف مدينة الثورة الرياضية بالعاصمة صنعاء, ولم يسفر عنه ضحايا بشرية لكنه أدى إلى تضرر جامع الرحمن ومنزل أحد المواطنين..
وزارة الأوقاف والإرشاد أدانت العمليات الإرهابية التي تعرضت لها مساجد “الحشوش والقبة الخضراء والكبسي” في أمانة العاصمة في 17 يونيو 2015م .
واعتبرت وزارة الأوقاف والإرشاد في بيان لها هذه الجريمة الإرهابية التي تسببت في سقوط العشرات من الأبرياء الذين لا ذنب لهم إلا أنهم كانوا يؤدون صلاتهم في ليلة يحتفل بها المسلمون في أرجاء المعمورة بحلول شهر رمضان الكريم .. اعتبرت هذا العمل جريمة بكل ما تعنيه الكلمة بعيدة كل البعد عن الإسلام وأخلاقياته.
وقال البيان: “في الوقت الذي تدين فيه الوزارة مثل هذا الإجرام فإنها تهيب بأبناء القوات المسلحة والأمن والمساندين لهم من أحرار اليمن رفع الجاهزية الأمنية واليقظة لإفشال مخططات العناصر الإرهابية ومن يتعاون معهم أو يساندهم”.
ودعت الوزارة جميع الخطباء والمرشدين للتوعية بمخاطر الإرهاب والغلو والتطرف بما يصون البلد وأهله من شرور هذه الآفات الدخيلة على الإسلام والبعيدة كل البعد عن جوهره ومضامينه الإنسانية التي وضعت الإنسان في مقدمة أولوياتها.
كما أدانت المجالس الإسلامية في بيان صادر عنها في الـ 23 من يونيو الماضي من العام الجاري, العمليات الإرهابية التي استهدفت عدداٍ من المساجد في العاصمة صنعاء.
وقال الباحث والمحلل السياسي والعسكري العميد الركن ثابت صالح في حوار سابق أجرته معه “الثورة”: ليس في الأمر جديد… الإرهاب ينشط في اليمن منذ سنوات طويلة ويعود تأسيسها إلى الفترة التي تلت مباشرة غزو أفغانستان من قبل القوات الأمريكية وبعد ذلك العراق. وهذا التنظيم هو امتداد لجماعات “الجهاد ضد السوفييت في أفغانستان” … أما في اليمن فيعود نشاط مثل هذه الجماعات إلى بداية التسعينيات ومشاركتها في حرب 1994م ضد الجنوب … وكانت أولى العمليات “الإرهابية” قد استهدفت السياح الأجانب في أبين عام 1998م ثم ضرب المدمرة الأمريكية كول في ميناء عدن عام 2000م والبارجة الفرنسية لمبرج في حضرموت 2003م تقريباٍ . وهكذا … لكن أوج النشاط لهذه الجماعات تمثل في إسقاط محافظة أبين عام 2010م بيد ما سمي بـ”أنصار الشريعة” وما تلت ذلك من عمليات نوعية خطيرة ومؤثرة في الأعوام القليلة الماضية.
وحول إمكانيات القضاء على الإرهاب قال العميد ثابت صالح “من الضروري إيجاد اصطفاف شعبي واسع إلى جانب القوات المسلحة وأجهزة الأمن من أجل رفع مستوى الإعداد القتالي والمعنوي والبدني والمعيشي لمنتسبي هذه القوات … ومن الضروري أن ترتقي كل القوى السياسية والاجتماعية في اليمن إلى مستوى هذا التحدي وأن تتجاوز المناكفات والأنانيات السياسية والحزبية والقبلية الضيقة .. وإعادة النظر في مناهج التعليم والوعظ والإرشاد الديني والإعلام والابتعاد عن إثارة النعرات الطائفية والمذهبية والعنصرية والشطرية”.
هذه الجرائم يذهب ضحايا الأبرياء من المواطنين وتدمر العديد من المنازل دون أن يجد أصحابها من ينصفهم أو يداوي جراحهم ومآسيهم.
وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية تباشر بعد كل حادثة في جمع المعلومات وملابسات الحادث الإرهابي.. وتجدد دعوته للمواطنين بالتحلي باليقظة والحذر وإبلاغ الأجهزة الأمنية عن أي عناصر مشبوهة أو سيارات أو أجسام مشتبة بها حرصاٍ على سلامتهم وأمنهم.

قد يعجبك ايضا