هناك العديد من المبادرات الطوعية الفردية أو الجماعية الخيرة التي تعمق وتجسد مبدأ الأخوة الإسلامية وروح التكافل الاجتماعي بين صفوف المجتمع , ولها أبعادها ودلالاتها الإيمانية في تعزيز أواصر الأخوة والمحبة وخلق أجواء إيمانية مبنية على الإيثار تنجلي على إثرها أي خلافات وضغائن وتعتليها زمرة من الأخلاق الحسنة وما إلى ذلك من فضائل وحسنات لا يعرف مداها ولا منتهاها إلا الله ..
ومن تك المبادرات الخيرة التي تتجلى ثمرها العظيمة في ظل هذه الظروف العصيبة التي يمر بها وطننا مبادرة قامت بها العديد من الجهات من زيارة الأيتام والإحسان إليهم وإدخال الفرح والسرور إلى قلوبهم وفي ذلك بر عظيم وأجر لا مثيل له وصدق الإخلاص والعبادة ( وِاعúبْدْوا اللِهِ وِلا تْشúركْوا به شِيúئاٍ وِبالúوِالدِيúن إحúسِاناٍ وِبذي الúقْرúبِى وِالúيِتِامِى) ( وِيِسúأِلونِكِ عِن الúيِتِامِى قْلú إصúلاحَ لِهْمú خِيúرَ وِإنú تْخِالطْوهْمú فِإخúوِانْكْمú)
أعظم الأعمال
حيث يفيدنا في هذا الإطار العلامة محسن الذيفي أن ذلك من أعظم الأعمال الإيمانية القيمة فلو كان والدهم حيا بينهم لجاهد نفسه في سبيل سعادتهم وإنهم ليتألمون عندما يرون بقية الأطفال بصحبة والديهم يحيفونهم بكل رعاية واهتمام وهم محرمون من ذلك , وكما قال نبينا الأكرم : ” من مسح رأس يتيم لم يمسحه إلا لله كان له بكل شعرة مرت عليها يده حسنات ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده كنت أنا وهو في الجنة كهاتين”, وأشار بالسبابة والوسطى ,
وختم حديثه بالقول : وكم هو الأجر العظيم في إدخال البهجة إلى محزون ومكلوم ومريض ومعسر وفقير ويتيم ومسكين ومحتاج ففي ذلك جزاء عظيم وأولئك هم الفائزون وفيهم يقول المولى عز وجل : (وِيْطúعمْونِ الطِعِامِ عِلِى حْبه مسúكيناٍ وِيِتيماٍ وِأِسيراٍ , إنِمِا نْطúعمْكْمú لوِجúه اللِه لا نْريدْ منúكْمú جِزِاءٍ وِلا شْكْوراٍ, إنِا نِخِافْ منú رِبنِا يِوúماٍ عِبْوساٍ قِمúطِريراٍ , فِوِقِاهْمْ اللِهْ شِرِ ذِلكِ الúيِوúم وِلِقِاهْمú نِضúرِةٍ وِسْرْوراٍ , وِجِزِاهْمú بمِا صِبِرْوا جِنِةٍ وِحِريراٍ).
المبادرات الاجتماعية
من جانبها ترى الداعية إيمان النجدي – الكلية العليا للقرآن الكريم وعلومه أن المبادرات الاجتماعية للبناء والإصلاح وتفريج هم المؤمنين من أعظم الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى ربه فمن نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر مسلمٍا ستره الله في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ) . ومن رفق بعباد الله رفق الله به ومن رحمهم رحمه ومن أحسن إليهم أحسن إليه ومن جاد عليهم جاد عليه ومن نفعهم نفعه ..
أولو العلم
ومضت تقول : إن نفع الناس والسِعي في كشف كروبهم وقضاء حاجاتهم من صفات الأنبياء والرْسل , متحدثة عن الصحابة رضوان الله عليهم في الاقتداء بطرق مبادرات الاحسان ومسالكه فأبو بكر الصديق رضي الله عنه يقدم ماله كله لله والفاروق رضي الله عنه يقدم نصف ماله لله وعثمان رضي الله عنه يشتري الجنة من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مرتين: مرة حين حفر بئر رْوúمِة ومرة حين جهز جيش العسرة .فنفع من صفات الأنبياء والرْسلº فالكريم يوسف – عليه السِلام – مع ما فعله إخوتْه جهِزهم بجهازهم ولِم يبخسهم شيئٍا منه وموسى – عليه السِلام – لِمِا ورد ماء مدين وجد عليه أمِة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين مستضعفتِيúن رفع الحجر عن البئر وسقى لهما حتِى رويت أغنامهما وخديجة – رضي الله عنها – تقول في وصف نبينا – صلِى الله عليه وآله وسلِم -: “إنِك لتِصل الرِحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق .
وختمت حديثها بقوله تعالى : { وِأِحúسنْوا إنِ اللِهِ يْحبْ الúمْحúسنينِ وقوله :{ فِآتِاهْمْ اللِهْ ثِوِابِ الدْنúيِا وِحْسúنِ ثِوِاب الúآخرِة وِاللِهْ يْحبْ الúمْحúسنينِ ) و{إنِ اللِهِ مِعِ الِذينِ اتِقِوúا وِالِذينِ هْمú مْحúسنْونِ ) :{هِلú جِزِاءْ الúإحúسِان إلِا الúإحúسِانْ ) , فما أعظم أن نتصف بهذه المنزلة العظيمة قولا وعملا بالإحسان مع إعمالنا وعطائنا لمن حولنا لنعزز معنى الأخوة وروح التكافل المجتمعي .
تجسيد المحبة
وأما فضيلة العلامة إبراهيم العلفي أوضح أنه يمكن تعميق وتجسيد المحبة بهذه المبادرات الخيرة الطيبة حيث لا تكون روح الأخوة موجودة إلا بإضفاء روح الأنس والألفة والإخاء بين الناس والأرحام , ومن أبرزها زيارة الأرحام والأقارب وخاصة المستضعفين منهم والإحسان إليهم لأنهم أولو القربى.
وقال : وللأسف الشديد هناك الكثير ممن يقطعون زيارة وصلة أرحامهم بحجج واهية وخلافات شخصية وأحقاد خلفتها صراعات قديمة وقد تكون أرحامهم أقربهم إليهم منزلة ومكانة كالوالد والوالدة والأخ والأخت وغيرهم , فتمر عليهم سنة تتبعها سنين لا يسألون عنهم ولا يتفقدون أحوالهم ولا يعلمون عظمة وأهمية صلة الأرحام في الدنيا والآخرة , وكما قال نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه , ومن أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه , الرحم معلقة بالعرش تقول : من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله .
مبينا : أنه من كان بارا بأهله وأقاربه يصلهم ويقطعونه يحسن إليهم ويجافونه فلا يجعل من ذلك مبررا لقطع الصلة , ففيهم يقول نبينا الأكرم : ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها ) ويقول : يأيها الناس أفشوا السلام أطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام ).