لا قداسة للحروب فمن يسقط تحت تروس آلاتها أناس أبرياء ومدنيون عزل وهذا ما يملكون أمام حماقات الأطراف المتحاربة فالحروب لا تنتج دوما إلا الضحايا والدماء وتشرد الأبرياء والضعفاء من الناس بالإضافة للفرز والانتقام وتحميل الأبرياء أخطاء الأطراف المتحاربة أو ما تعتقد أنه حق لها.
ومن تلك الجرائم التعامل مع الآخر انطلاقا من المنطقة القادم منها, أو القادم منها طرف من الأطراف فيحملك نتائج تصرفاتها مع بعدك عن الأحداث.. حدث هذا ولا يزال من بعض المحسوبين على بعض مناطق الشمال جراء حقد له تراكماته وتداعياته وربما نستطيع أن نقول ومظلوميته لكن لا ينبغي أن نكرسها كثقافة ونريد تحويلها إلى واقع معاش.
ففي الأيام الماضية تم مهاجمة بعض بيوت ومقرات الشماليين في عدن والاستيلاء على بيوتهم ونهب ممتلكاتهم دون وجه حق.
ولم يسلم من هذا التشدد المقيت والعودة إلى الماضي البغيض حتى مناضل بحجم الشهيد الرئيس عبدالفتاح إسماعيل حيث أقدم بعض القيادات في ما يسمى (المقاومة الجنوبية) بالاستيلاء على منزل الشهيد المناضل عبدالفتاح إسماعيل ونهب ما فيه من ممتلكات والادعاء بامتلاك البيت رغم أن الشخص الذي قام بهذا العمل وبحسب الأخبار التي تناقلتها بعض المواقع الإخبارية وشبكات التواصل الاجتماعي كان قد رفع دعوى سابقة في المحكمة ورفضتها المحكمة لعدم مشروعيتها لكنه الآن ومن بوابة المقاومة قام بالاستيلاء على المنزل في غياب ساكنيه ونهب كل ما فيه من ممتلكات ومقتنيات شخصية هامة, ولم يعر اهتمام بأن البيت يتبع مناضلا وهب حياته من أجل اليمن ومن أجل التحرر من الاستعمار وساهم على الصعيد السياسي والثقافي من إنتاج تراث فكري انتصر لقيام الحق والعدل والحرية.
ولم يكن في يوم ما إلا ذلك الزاهد عن السلطة القادر على تركها عندما تكون خيارات العنف هي الأبرز والأقرب بل إنه ذهب ضحية تقديس الآخرين للسلطة وعدم قدرتهم على فراقها.
ومثل هذه الجرائم مؤشر خطير على أن جماعات (المقاومة) لا تزال لديها برنامجها الخاص والذي يختلف نسبيا عن برنامج الجهات التي تتبعها وهنا الكارثة, عندما نجد شعبنا الذي يعاني الكثير من المرارات على موعد مع أصحاب مشاريع أشد بشاعة من الحرب نفسها.
الجرح اليمني النازف على امتداد الأرض اليمنية كان ينبغي ولا يزال أن تعمل كل الأطراف على معالجة وإيقاف نزيف الدم اليمني لا أن تعمل على مفاقمة معاناة اليمنيين بتحميل المدنيين الأبرياء تبعات أفعال آخرين بسبب قرب مناطقي أو قبلي.
أعتقد أننا لسنا في مارثون انتقامي تتحول فيه ضحايا الماضي إلى جناة ويتحول الجناة أو من يقرب لهم إلى ضحايا بالضرورة, ولعن الله من أوصل اليمنيين إلى الوقت الذي يتقاتلون فيه على سراب خادع.
إننا أمام مهمة عاجلة ينبغي وسريعا أن تطغى ثقافة المجموع ثقافة اليمن الواحد ثقافة وطنية شاملة تقف أمام نتاج وإفرازات الحرب بإجبار المتحاربين على إيقاف أدوات الموت والعودة للخيارات السلمية والحلول السياسية فلم يعد الأمر يتعلق بمن يحكم اليمن بل بمن ينقذ شعبا من طوفان الفرز المقيت على أساس طائفي أو مذهبي أو مناطقي, مستفيدين الدروس من بحار الدم التي تراق في أكثر من بلد عربي, بسبب سماحهم باستبداد أصحاب المشاريع التي تعمق الخلاف.
يا قومنا أعيدوا بوصلة سير اليمنيين إلى الطريق الصائب وداووا الجراح النازفة بالتسامح وإيقاف الحرب التي سيخرج الجميع غير منتصر فيها.
قد يعجبك ايضا