في ظل اكتفاء الإدارة العامة لشرطة السير بتسجيل ورصد الحوادث المرورية ونتائجها, وكذا تخاذل وزارة الأشغال العامة والطرق وعدم قيامها بواجبها في صيانة الطرق المرورية وانخفاض الوعي لدى المواطن بقواعد وقوانين السير.. تظل الحوادث المرورية من أكثر الوسائل القريبة للموت وحصد أرواح اليمنيين, والدليل على ذلك ارتفاع وتزايد نسبة الحوادث المرورية والخسائر المادية والبشرية الناتجة عنها من عام إلى آخر.
الحوادث المرورية وهي الأداة الحاصدة لأرواح وممتلكات اليمنيين.. من يضع لها حداٍ..¿! وهذا هو محور تحقيقنا التالي:
ترتفع نسبة وقوع الحوادث المرورية وما ينتج عنها من الوفيات والإصابات والخسائر المادية من عام إلى آخر دون أن تهتم الجهات المعنية وتبحث عن حلول حقيقية تطْبق وتنفذ على أرض الواقع وتساهم في وقف أو تخفيف نزيف الأرواح والدم الذي أصبح مشاهد يومية تتكرر على الطريق ولا بد من حدوثها ومشاهدتها وتجرع المواطن ومستخدمي الطرق كل المعاناة والخسائر دون تحرك من الحكومة والمواطن وكأن الأمر لا يعني أحداٍ رغم ما توضحه الإحصائيات من أعداد هائلة يقف عندها كل من يعرف قيمة النفس البشرية ويتعمق في عواقبها ونتائجها على الأسرة والمجتمع والحكومة التي لم تعر أي اهتمام لهذا الجانب الذي يعتبر أحد الأدوات الحاصدة لأرواح اليمنيين بحسب ما توضحه التقارير الصادرة عن وزارة الداخلية.
لقد حرصنا على تدعيم هذا التحقيق بإحصائيات وأرقام رسمية خاصة بالحوادث المرورية التي حدثت خلال النصف الأول من العام الجاري 2015م.. لنتمكن من طرح القضية بالأعداد أمام الجهات المختصة.
وبحسب ما ورد في تقرير صادر عن شرطة سير العاصمة صنعاء التابعة لوزارة الداخلية فإن العاصمة صنعاء شهدت خلال النصف الأول من العام الحالي نحو (646) حادثاٍ مرورياٍ خلال النصف الأول من العام الجاري 2015م بالعاصمة صنعاء نتج عنها وفاة (81) شخصاٍ بينهم (16) أنثى وإصابة (711) شخصاٍ منهم (294) إصابة بليغة, بينما الخسائر المالية قدرت بنحو (280,900,000) ريال.
رغم تلك الأرقام المرتفعة التي تسجلها وترصدها وزارة الداخلية ممثلة بالإدارة العامة لشرطة السير وفروعها بعموم المحافظات وتطلع عليها الحكومة والمواطن إلا أنها لم تغير أو تحسن أو تساهم في تكريس وغرس قواعد وقوانين وثقافة السير لدى سائقي ومستقلي المركبات بجميع أنواعها وأحجامها وكذا المارة باعتبارهم يشغلون حيزاٍ لا بأس به في أسباب وقوع الحوادث.. وكذلك الحكومة والجهات المعنية لا يختلف تطنيشها وعدم اهتمامها عن المواطنين إذ أنها لم تعمل أو تبحث وتدرس الأسباب وتوجد حلولاٍ جذرية لها بدلاٍ من الاكتفاء بتدوين الأرقام والأسباب.
وفي السياق ذاته يقول مدير شرطة سير العاصمة العقيد/ محمد البحاشي عن أسباب وقوع الحوادث “من خلال ما يرد ويصل إلينا من إدارة شرطة السير بالمحافظات فإن السبب الرئيسي لوقوع الحوادث عدم التزام السائقين والمارة بقواعد وقوانين السير عند مرورهم كالسرعة الزائدة وعدم صيانة سياراتهم واتباع إشارات السير وربط حزام الأمان وغيرها من إرشادات نظام المرور.. بالإضافة إلى عدم صيانة الطرق من قبل وزارة الأشغال والطرق”.
من جانب آخر اعتبر رئيس منظمة قف للسلامة المرورية محمد الشامي ضعف البنية التحتية للخطوط البرية وعدم صيانتها وكذا انعدام الإشارات والإرشادات المرورية أهم أسباب وقوع الحوادث المرورية وارتفاعها من عام إلى آخر.. بالإضافة إلى غياب التنسيق بين الجهات المختصة الحكومية وكذا انعدام استراتيجية وطنية للسلامة المرورية مما أدى بحسب قول الشامي إلى تبعثر المسؤوليات وغياب الإدارة السياسية الواضحة لإعطاء السلامة المرورية أولوية.
التنسيق المتكامل بين الإدارة العامة للمرور ووزارة ( الأشغال العامة والطرق والصحة والنقل والإعلام والمالية) وكذا المجتمع المدني أصبح من الضروريات كون ذلك سيحد من هذه المشكلة نظراٍ لما سينتج عن ذلك التنسيق من حلول مناسبة ودقيقة وعلمية من كل الجهات المختصة لمعالجة ظاهرة الحوادث المرورية كما يقول الشامي.. مشيراٍ إلى أن المنظمة نفذت العديد من الأنشطة والفعاليات بمختلف المحافظات بهدف رفع مستوى الوعي والثقافة المرورية في أوساط المجتمع.
الحديث في مجال توعية المجتمع يعني التفكير في شيء خيالي أو البحث عن الماء وسط الصحراء ولا يمكننا الوصول أو تحقيق نسبة بسيطة منه لما يتطلبه ذلك من كوادر بشرية وإمكانات مالية هائلة ووقت طويل جداٍ لذا يجب أن لا نعول على هذا المعالج كثيراٍ ولا نهمله أيضاٍ أو نتركه فهو أهم وأحسن الطرق والأساليب لإنهاء المشكلة لكن يتطلب ذلك وقتاٍ وجهداٍ كبيراٍ وليس هناك من يسعى لتحقيق ذلك كون الجهات المختصة لا تفعل وتغض الطرف عن هذا الأمر.
لذلك فالحل الوحيد الذي نستطيع من خلاله الحد من وقوع الحوادث بأقل وقت وجهد وكلفة هو صيانة الطرق وإصلاحها بالمقاييس والمواصفات العلمية الدقيقة وليس ترقيع الحفر وتلبيدها بالقليل من الإسفلت وكذا وضع الإشارات والإرشادات المرورية في الأماكن التي تتطلب وجودها والتي تكثر فيها الحوادث بالإضافة إلى تطبيق قانون العقوبات والغرامات لكل من خالف وانتهك قوانين وقواعد العبور من السائقين والتعامل معهم بصرامة وجدية من قبل شرطة السير مع إلزامية دفع الغرامات ما لم يتم احتجازهم مع مراكبهم وسياراتهم لأن ذلك هو العلاج الفعال والمناسب للظروف والمرحلة التي يمر بها الوطن.. هذا إذا كنا عازمين على تخفيف الألم والحزن وحل القضية.