قالت صحيفة “الجارديان” البريطانية إن أطفال سوريا الذين فروا من النزاع الدائر في بلادهم إلى لبنان اضطروا لدخول سوق العمل مما جعلهم يكبرون قبل الآوان مضيفة أن الأطفال السوريين الذين تتراوح أعمارهم ما بين سبع سنوات و20 عاما يحصلون على ثمانية دولارات يوميا مقابل العمل عشر ساعات في حقول وادي البقاع بلبنان وهي منطقة زراعية نائية تجاور الحدود السورية.
وتشير الصحيفة إلى أن آلاف الأطفال السوريين أصبحوا عمالا بالمزارع وحقول الخضروات والمخازن لافتة إلى أن الحاجة والبؤس الناتج عن نزوحهم إلى لبنان أجبرهم على الانضمام إلى القوى العاملة في البلاد حيث يعانون من سوء المعاملة ويتعرضون للاستغلال مشيرة إلى أن العديد منهم لا يذهبون إلى المدارس من أجل مساعدة أسرهم.
وتلفت الصحيفة إلى أن ظاهرة أطفال الشوارع أصبحت معلما أساسيا في بيروت حيث ينادي بعضهم على بضاعته وبعضهم الآخر يتسول وبعضهم يبيع الزهور ليلا لرواد البارات معرضين أنفسهم لخطر الضرب والسب المتكرر ولكن في البقاع تحول عدد كبير من الأطفال للعمل بالقطاع الزراعي وهو ما يعتبره الخبراء جيلا ضائعا خاصة مع ما فاتهم من سنوات التعليم بسبب الكارثة المستمرة في سوريا.
وقالت الصحيفة البريطانية إن النساء والأطفال يمثلون 80 % من اللاجئين السوريين في لبنان مضيفة أن ما يقرب من نصفهم تعرض للتشريد أكثر من مرة داخل سوريا مما جعلهم يصلون لبنان وهم في حالة من الفقر والعوز مضيفة أن حوالي مليوني طفل سوري حاولوا الهرب من الحرب إلى خارج بلدهم فيما يوجد نحو 2.7 مليون طفل خارج المدارس وذلك وفقا لتقرير مشترك حول عمالة الأطفال صدر مؤخرا من منظمة إنقاذ الطفولة واليونيسيف.
وتوضح الصحيفة أن ما يقرب من نصف أسر اللاجئين السوريين في الأردن يقولون إنهم يعتمدون جزئيا أو كليا على دخل الأطفال وذلك بالرغم من أن المشاكل الصحية للأطفال تتزايد مخاطرها حيث يقول التقرير إن ثلاثة أرباع الأطفال الذين يمارسون العمل في مخيم الزعتري للاجئين بالأردن يعانون من حالة صحية سيئة فيما تبلغ نسبة الأمية بين الأطفال العاملين في وادي البقاع حوالي 36%.
من جانبه قال “روجر هيرن” مدير منطقة الشرق الأوسط وأوراسيا في منظمة إنقاذ الطفولة إن أزمة سوريا خفضت بشكل كبير فرص الأسر في كسب العيش وأدت إلى إفقار الملايين غيرهم في المنطقة مما أدى إلى وصول عمالة الأطفال لمستويات حرجة وأضاف:” يتعرض العديد من الأطفال إلى المبيدات الحشرية والمواد الكيماوية السامة والأحمال الثقيلة وساعات العمل المرهقة الأطفال في سوريا يدفعون ثمنا باهظا لفشل العالم في وضع حد للنزاع”.
وتوضح الصحيفة أن العديد من اللاجئين السوريين دخلوا سوق العمل في لبنان لافتة إلى أن غالبية اللاجئين هم من النساء والأطفال بينما العديد من الرجال غير قادرين على العمل بسبب إما عجزهم عن ذلك أو بموجب القانون الذي يعاقبهم بغرامات كبيرة في حال عملهم.
وتلفت الصحيفة البريطانية إلى أن الحكومة اللبنانية كانت منزعجة من بناء مساكن للاجئين خاصة أن البلاد تتسم بتوازن طائفي يخشى معه غلبة المدنيين الفارين من سوريا هذا فضلا عن أن مخيمات اللاجئين الفلسطينيين التي بنيت في فترة الأربعينيات والخمسينيات لا تزال موطنا لأكثر من 400 ألف فلسطيني لعبوا دورا في الحرب الأهلية التي عانت منها البلاد لمدة 15 عاما.
* كاتبة صحفية مصرية