هيومن رايتس ووتش: هجوم التحالف يرقى إلى جريمة حرب

•لم نجد أي أدلة تشير إلى استخدام المجمع السكني لأهداف عسكرية
• شهادات الناجين :9قنابل ألقيت على المساكن في طلعات جوية متكررة
•المفوض السامي لحقوق الإنسان يدعو لإنشاء لجنة دولية لتقصي الحقائق منذ بداية العدوان

قالت هيومن رايتس ووتش أمس: إن الغارات الجوية التي نفذتها قوات التحالف بقيادة السعودية على مدينة المخا اليمنية وتسببت في مقتل ما لا يقل عن 65 مدنيٍا منهم 10 أطفال وإصابة عشرات الآخرين بجروح تبدو كجريمة حرب. بدأت طائرات التحالف بين الساعة التاسعة والنصف العاشرة مساءٍ بقصف تجمعين سكنيين في محطة لتوليد الطاقة في المخا يسكن فيهما عمال المحطة وعائلاتهم.
قالت هيومن رايتس ووتش إن فشل السعودية ودول التحالف الأخرى في فتح تحقيق في الغارات التي تبدو غير قانونية في اليمن يْبرز الحاجة إلى إنشاء لجنة تقصي الحقائق تابعة للمجلس الأممي لحقوق الإنسان للتحقيق في مزاعم انتهاك قوانين الحرب من قبل قوات التحالف والحوثيين وأطراف النزاع الأخرى.
وقال أولي سولفانغ باحث رئيسي في قسم الطوارئ في هيومن رايتس ووتش: “قصفت قوات التحالف بقيادة السعودية مساكن تابعة لمحطة توليد الطاقة بشكل متكرر فتسببت في قتل عشرات المدنيين. في غياب أي أدلة عن وجود هدف عسكري واضح هناك فإن هذا الهجوم يرقى على ما يبدو إلى جريمة حرب”.
وكانت هيومن رايتس ووتش قد زارت مكان الغارة بعد يوم ونصف من حدوثها حيث أظهرت الحفر والأضرار التي لحقت بالمباني أن المجمع السكني الرئيسي الذي يأوي ما لا يقل عن 200 عائلة بحسب ما أكد مديرو المحطة استْهدف بـ9 قنابل. كما سقطت قنبلة على مجمع سكني آخر يبعد حوالي كيلومتراٍ واحداٍ شمال المجمع الرئيسي يسكنه عمال مؤقتون فدمرت خزانات الماء. أيضا سقطت قنبلتان أخريان على الشاطئ وتقاطع قريب.
أصابت قنبلتان شقتين سكنيتين بشكل مباشر فتسببت في انهيار أجزاء من سقفيهما. وانفجرت قنابل أخرى في مناطق بين المباني مثل الساحة الرئيسية فدمرت الجدران الخارجية لعشرات الشقق ولم تبقِ سوى أعمدة البناية في مكانها.
وقال بعض عمال وسكان المجمعات السكنية لـ هيومن رايتس ووتش: إن طائرة واحدة أو أكثر ألقت 9 قنابل في طلعات جوية متكررة بعد فترات زمنية لم تتجاوز دقائق معدودات. ويبدو أن جميع القنابل استهدفت المجمعات السكنية وليس أي هدف آخر.
ولم تلاحظ هيومن رايتس ووتش أي أدلة على أن المجمعين السكنيين التابعين لمحطة توليد الكهرباء كانا يْستخدمان لأهداف عسكرية. أكد أكثر من 10 عمال عدم وجود قوات تابعة للحوثيين أو أي قوات عسكرية أخرى في المجمعات السكنية. تم بناء محطة توليد الطاقة والمجمع السكني التابع لها سنة 1986م.
وفي ساعة مبكرة من صباح يوم 25 يوليو أفاد شريط الأخبار على قناة العربية وهي مؤسسة إعلامية سعودية بأن قوات التحالف أغارت على قاعدة للدفاع الجوي في المخا.
وقدم المدير العام للمحطة جعفر قاسم لـ هيومن رايتس ووتش قائمة بأسماء 65 شخصٍا قتلوا أثناء الغارة بينهم 10 أطفال. تتضمن القائمة كذلك اسمي شخصين ما زالا في عداد المفقودين قال قاسم إنه يعتقد أنهما عالقان تحت الأنقاض وربما قتلا. كما زارت هيومن رايتس ووتش 3 مستشفيات في الحديدة كانت قد استقبلت 42 جريحٍا جراء الغارة. كان العديد منهم في حالة حرجة بينهم طفلة عمرها 11 سنة.
من جانبها قالت واجدة أحمد ناجد (37 سنة) زوجة عامل في المحطة وتسكن في أحد المجمعين السكنيين إنها احتضنت أطفالها وجلست بهم أرضا عندما وقعت الغارة وهي ترجو أن تمر بسلام:
وتابعت: وبعد الغارة الثالثة بدأ المنزل ينهار على رؤوسنا. عندها أيقنت أنه ينبغي أن نغادر المكان لأنه لم يعد آمنٍا. أمسكت ببناتي وركضنا في اتجاه الشاطئ فكانت الشظايا المعدنية تتطاير وأصابت إحداها ابنتي ملاك التي تبلغ من العمر 9 سنوات. وأضافت: أحمد الله أنها الآن بخير وبينما كنا نجري شاهدت جثثا عددها 7 ملقاة على الأرض وهي أشلاء.
وقال طبيب في المستشفى لـ هيومن رايتس ووتش: إن الطاقم الطبي استخرج شظية معدنية من بطن ملاك.
وقال خليل عبدالله عيدرس (35 سنة) وهو ممرض في عيادة المحطة إنه ذهب إلى مستشفى السلام في مدينة المخا بعد أن سمع بالغارة. قدم مع آخرين من الطاقم الطبي الإسعافات الأولية الأساسية للمصابين ثم أرسلوهم إلى مستشفيات الحديدة. كما قال إن المستشفى استقبل بعد ساعة من الغارة ما لا يقل عن 30 جريحٍا و8 جثث.
الساعة الواحدة صباحٍا ذهب خليل إلى المجمع السكني الرئيسي بينما كنت أعبر البوابة شاهدت المهندس في المحطة صديقي عبدالصمد الصبيع كان ملقىاٍ على الأرض قرب شقته وهو مصاب بجرح عميق وسط جسمه وينزف بشدة بينما كان أطفاله إلى جانبه يصرخون ويبكون. كانت حالته ميؤوساٍ منها. في الوقت نفسه كانت الطائرات لا تزال تحلق في السماء وسمعنا طنينها لعدة ساعات.
وقال لؤي نبيل (20 سنة) الذي يعمل في متجر داخل المجمع السكني إنه ذهب مسرعٍا إلى شقة عائلته منذ بداية الغارة ولكن قنبلة أصابت الشقة قبل وصوله إليها ما أدى إلى انهيار سقفها. وجد والدته وشقيقه الأصغر في مدخل الشقة فحملهما إلى الشاطئ ثم عاد ليبحث عن شقيقتيه هديل (12 سنة) وتغريد (17 سنة): كان المكان مظلمٍا مرت 10 دقائق قبل أن أعثر على هديل تحت الأنقاض. أصابت القنبلة سقف الغرفة حيث كانت تنام فأْصيبت بجرح خطير في رأسها. ثم عثرت على تغريد في غرفة أخرى وقد أصيبت بجروح خفيفة في رأسها أيضٍا. وما زالت هديل في غيبوبة. وهذه الأعمال العدائية المستمرة في اليمن تخضع السعودية إلى القانون الإنساني الدولي أو قوانين الحرب. حيث تحظر هذه القوانين الهجمات المتعمدة على المدنيين والهجمات العشوائية أي التي تصيب أهدافاٍ عسكرية ومدنيين أو أهدافاٍ مدنية دون تمييز الهجمات التي ليست لها أهداف عسكرية محددة تْعتبر هجمات عشوائية.
وقد يتعرض الأشخاص الذين يرتكبون انتهاكات خطيرة لقوانين الحرب بقصد إجرامي أي بشكل متعمد أو بتهور إلى الملاحقة القضائية بتهمة ارتكاب جرائم حرب. قد يتحملون المسؤولية الجنائية المترتبة عن الشروع في ارتكاب جريمة حرب أو تسهيلها أو المساعدة فيها أو التحريض عليها. وعلى الحكومات المشاركة في نزاعات مسلحة التحقيق في المزاعم المتعلقة بحصول جرائم حرب على يد عناصر قواتها المسلحة.
وقد قصفت الغارات الجوية لقوات العدوان أهدافا عسكرية في العاصمة صنعاء ومدن أخرى مثل صعدة والحديدة وتعز وإب ولحج والضالع وشبوة ومارب وحجة وعدن. تسبب العديد من هذه الغارات في قتل المدنيين أو إصابتهم بجروح. بحسب مكتب المفوض السامي الأممي لحقوق الإنسان تسبب القتال الدائر في اليمن حتى 21 يوليو في مقتل ما لا يقل عن 1963م مدنيٍا أغلبهم في غارات جوية.
وقد حققت هيومن رايتس ووتش في عدد من الغارات الجوية التي بدت غير قانونية وخلصت إلى أن طائرات حربية ألقت على سبيل المثال في 31 مارس قنابل على مصنع ألبان في الحديدة فقتلت ما لا يقل عن 31 مدنيٍا. حيث كان المصنع في مكان قريباٍ من قاعدتين عسكريتين تم استهدافهما في وقت لاحق.
وعبر المفوض السامي لحقوق الإنسان عن بالغ قلقه إزاء ارتفاع عدد الضحايا المدنيين في اليمن ودعا إلى فتح تحقيق شامل. على مجلس حقوق الإنسان الأممي تبني قرار يْنشئ لجنة دولية لتقصي الحقائق للتحقيق في مزاعم انتهاكات القانون الإنساني الدولي في اليمن منذ بداية النزاع.
وقال أولي سولفانغ: “مرة بعد أخرى نشاهد الغارات الجوية لقوات التحالف وهي تحصد أعدادٍا كبيرة من المدنيين دون أن توجد أي إشارة عن فتح تحقيقات في الانتهاكات المحتملة. إذا لم يقم أعضاء التحالف بفتح تحقيقات فعلى الأمم المتحدة أن تقوم بذلك بنفسها”.

قد يعجبك ايضا