يودع اليمنيون إجازة عيد الفطر المبارك بألم وحسرة مع تفاقم الديون على كاهلهم وتناقص الآمال في تسلمهم أي مستحقات من وظائفهم سوى الراتب فيما نفقات العيد قد اكلت راتب شهر اغطس القادم حين عطفت عليهم وزارة المالية وصرفته مقدما منتصف شهر يوليو ليكون عليهم الانتظار نحو 50 يوما للحصول على راتب شهر اغسطس 2015م بفارغ الصبر وفي المقابل يشعر أصحاب البقالات والسوبر ماركات بالكثير من القلق عقب تزايد الديون على زبائنهم خصوصا من لم يسلم فاتورة الشهر الماضي واستمروا في سحب بضائع غذائية ومستلزمات المنزل دون هوادة وهكذا تعود الحياة عليهم بالبؤس في ظل أجواء الحرب والعدوان على اليمن والحصار الاقتصادي وتفاقم الاحتراب الداخلي دون بصيص أمل.
يجد أصحاب البقالات أنفسهم في حيرة , فالكثير منهم بات محله التجاري خالي الوفاض والزبائن لم يسددوا ما عليهم خلال رمضان ولهذا تأتي تعبيراتهم معبرة عن وضع مأساوي تعيشه الأسر اليمنية التي تعتمد على دخل محدود كالراتب الحكومي أو راتب من القطاع الخاص حيث يتم صرفه خلال يومين من استلامه كأقصى حدويقول الحاج محمد مارش إن زبائنه الذين يقوم بتوفير مستلزماتهم الغذائية طوال الشهر على الحساب يصلون إلى 100 أسرة ومعظمهم موظفون مع الدولة أو في القطاع الخاص ويقوم بتوفير مستلزماتهم على أن يسددوه آخر الشهر وهكذا تجري الأمور شهريا مضيفا اختلف الوضع خلال شهر رمضان فقد جاء منتصف شهر يونيو مما جعل الزبائن يعجزون عن السداد وحين انتظرناهم للشهر القادم كان العيد على الأبواب ونفقاته سلبت كل مدخراتهم على أن الدولة صرفت راتب شهر يوليو مقدما وقد أنفقوه لمستلزمات العيد وبالتالي نحن الخاسرين فلم يتمكن أرباب الأسر من تسديد حساب الشهر كاملا نظرا لحاجتهم لشراء نفقات العيد ومستلزماته وهكذا استمروا في سحب مصاريف ولم يسددوا حساب الشهر وهذا ما فاقم من مستوى الديون عليهم وعلي أيضا فمتوسط ما على الأسرة يصل حاليا إلى 50 ألف ريال وهذا سيسب إرباكا للأسر نفسها ولأصحاب البقالات والمتاجر أيضا.
صالح الكوكباني صاحب سوبر ماركت بشارع الدائري الغربي بأمانة العاصمة يشير إلى أن الزبائن الذين سددوا ديونهم يبلغون 20% رغم أن معظم زبائنه من الميسورين حالا , مشيرا إلى أن نفقات آخر رمضان وكسوة العيد ونفقات العيد نفسها جعلتهم ينفقون كل مدخراتهم ولم يسددوا ما عليهم للسوبر ماركت رغم أنهم يواصلون شراء المستلزمات منا يوميا دون هوادة.
ويضيف: الديون على الأسر لي تصل إلى 3 ملايين ريال وأكثر من 70% منها خاصة بمصاريفهم في رمضان والعيد وحتى الآن ويتمنى أن يقوم الزبائن بتسديد ما عليهم سريعا لأنه مطالب بالوفاء للتجار والموزعين الذين يوفرون له المستلزمات بالجملة.
الإيجارات
وقعت الكثير من الأسر في فخ عدم تسديد الإيجار لشهر يوليو مقدما وبالتالي يتعرضون لمضايقات من المؤجرين نظرا لاستنفاد نفقات العيد كامل مستحقاتهم ولم يتمكنوا من دفع الإيجار ويصف علي أبو حروب صاحب مكتب عقارات هذه المعضلة بالمثيرة: فأصحاب المنازل مصممون على استلام إيجاراتهم من المستأجرين والمستأجرون يطالبونهم بالانتظار لآخر الشهر والواقع يقول إن راتب آخر الشهر لن يأتي سوى بعد 50 يوما أي في بداية شهر أغسطس2015م.
ويضيف: يحضر إلى المكتب لدينا العديد من الملاك والمستأجرين وهم في حالة نزاع تام على الإيجار ونضطر لعقد صلح بينهم وأخذ التزامات وأسناد بالوفاء آخر الشهر حين يصر المستأجرون على أخذ حقوقهم كاملة دون رحمة أو تسهيل على المستأجر.
التقسيط
مشكلة أخرى تظهر إلى العيان وهي المتصلة بالأسر التي عليها أقساط نظير شرائها لمستلزمات منزلية فيأتي آخر الشهر ولم يتبق لها سوى 60% من راتبها وبالتالي تتفاقم عليها المشاكل والديون من يوم لآخر وهذا هو حال عبد الله الفقيه مدرس حيث يتقاضى راتباٍ 64 ألف ريال يتم خصم 20 ألف ريال للبنك مقابل أقساط شراء أجهزة منزلية ويصرف الباقي على الإيجار والمأكل والمشرب وفي وقت العيد لم يسدد البقالة ولا الإيجار فهو في حالة صعبة الآن جراء هذا الدين الذي يصل إلى 45 ألف ريال أي انه سيسلم ما تبقى من راتبه ويزيد عليه أيضا لتحاشي المشاكل مع الدائنين.
حسرة
ستظهر على الموظفين هذه الأيام حسرة كبيرة, فبعد أن يعملوا في وظائفهم يوميا لن يتسلموا رواتب إلا نهاية شهر أغسطس على اعتبار أنهم تسلموا راتب شهر يوليو مقدما منتصف شهر يوليو الجاري وهكذا سيكون (الحراف) هذه الأيام سيد الموقف في نظرهم ويقول الموظف محسن صبر انه يحس أن اليوم لا يكاد يمر ويقوم بالنظر للساعة أكثر من مرة في اليوم ونظره على أخر الشهر ليتسلم راتبه ويقضي بعضا من ديونه المتفاقمة جراء نفقات العيد وغيرها .
الراتب
رغم علم ويقين جميع موظفي الدولة أن الراتب لم يعد يكفي لتوفير احتياجات ثلث الشهر فإن أحلامهم التي يطمئنون بها نفوسهم هي الوحيدة الباقية لهم بالآمال منتعشة في قلوبهم, فهم يرون أن الأحوال ستتغير ربما مع الوصول لحلول سياسية تنهي العدوان والحصار على اليمن المستمر منذ أربعة أشهر ويكون الراتب في يوم ما كافيا لحياة مستقرة لهم ولأسرهم لكن دون معرفة متى يحين ذلك ولهذا تنقلب معاناتهم مع الراتب في انتظاره طيلة 30 يوما والحسرة من إنفاقه أمثلة للصبر وحسن البلاء ويتضرعون إلى الله أن ينقذهم من هذا الوضع يوما ما.
مسببات
يضع المحللون الاقتصاديون أسبابا كبيرة للمشكلة الاقتصادية التي تواجه الأسر اليمنية وتؤثر في تدني مستوى دخلها وعلى رأس تلك الأسباب ما يرتبط بالوضع والاستقرار برمته فقد أسهم العدوان على اليمن من قبل دول العدوان في انهيار الاقتصاد اليمني, كما أن محاربة القاعدة وعملاء ومرتزقة السعودية في الداخل أثر كثيراٍ على الوضع الاقتصادي وجعل معظم دول العالم ترفض التعاون مع اليمنيين اقتصاديا واستثماريا وكل تلك العوامل فاقمت الوضع على الناس وخرجت الاستثمارات وتوقف النشاط الاقتصادي وانعدمت المشتقات النفطية والغاز المنزلي كما برزت ظاهرة والتقطعات القبلية وظهور تنظيم القاعدة وداعش بقوة وارتفاع وتيرة ومستوى الأعمال الإرهابية الامر الذي ساهم في كبح جماح الاستثمارات المحلية المتجهة للسوق والتي تشغل الآلاف من الأيادي العاملة وبددت هذه الأعمال المسيئة تطلعت أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين في إمكانية قيام مشروعات استثمارية جديدة تستقطب الأيدي العاملة الأمر الذي زاد من حدة البطالة وانخفاض مستوى الطلب على الأيادي العاملة بشكل ملحوظ .
قلة الدخل
تبدو قلة الدخل لليمنيين واضحة المعالم على كل اليمنيين فهناك حوالي 98 % من المواطنين يعيشون ضمن فئتي متوسط وضعيف الدخل, حيث لا يحصلون إلا على 20 % من الدخل القومي في اليمن, في حين يستأثر 2 % من السكان على ما مقداره %80 من دخل أفراد المجتمع اليمني ككل وهي معادلة تفسر وضعا اقتصاديا غير سوي من جهة وتكشف عن خلل في توزيع الثروة في بلد سكانه أكثر من 25 مليون نسمة أكثر من 50 % منهم في فئة الشباب وبحاجة لفرص عمل .
تصوير / عبدالله حويس
قد يعجبك ايضا