انقضى شهر الصيام والخير ومضاعفة الحسنات والكثير منا حزين لفراقه وقد أعجبتني رسالة من صديق يقول فيها: لا تحزنوا الصوم لا ينتهي والقرآن لا يهجر والمساجد لا تترك الله باق كونوا ربانيين ولا تكونوا رمضانيين. وعن ما ينبغي للمسلم أن تكون حاله بعد رمضان استطلعنا آراء عدد من المشايخ والدعاة, فإلى التفاصيل .
البداية مع فضيلة الدكتور عبدالمنان التالبي, إمام وخطيب جامع أبو بكر الصديق, حيث يقول: ينبغي على المسلم أن يودع رمضان بالمداومة على العمل الصالح فإن الله عز وجل ما شرع العمل الصالح إلا ليدوم قال تعالى : (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) فلم يجعل للعمل الصالح انقطاعا دون الموت فمن ألف صلاة الجماعة في رمضان وجب عليه المداومة عليها بعد رمضان وكذلك القرآن والرواتب والنوافل وقيام الليل والصدقة وكل عمل صالح والمسلم رباني لا رمضاني وبئس العبد الذي لا يعرف الله إلا في رمضان ومداومة العمل علامة على قبول الصوم وثمرة من ثمراته.
كما ينبغي للمسلم أن يودع رمضان بالاستغفار فالإنسان محل النقص وغير معصوم من الذنب فيشرع في حقه تطهير ذنبه بالاستغفار وسد نقصه بالاستغفار وزيادة إيمانه بالاستغفار وإهلاك عدوه بالاستغفار والسلامة من العجب والتكبر بالاستغفار.
قبول العمل أهم منه
ويضيف الشيخ التالبي: وينبغي للمسلم أيضا أن يدعو الله بقبول عمله فقد كان السلف يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ويدعونه ستة أشهر أن يتقبله منهم وقد ورد أن الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه كان يقول: “كونوا لقبول العمل أشد اهتماما من العمل”.
كما ينبغي للمسلم أن يودع رمضان بكثرة الذكر وأعظمه التكبير والاهتمام بالقلب في لباسه وزاده أكثر من البدن والفرح بالطاعة والحزن بالمعصية يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (إذا ساءتك سيئتك وسرتك حسنتك فأنت مؤمن).
ربانيون لا رمضانيون
أما الشيخ عبدالغني الشميري, خطيب جامع الإحسان, فيقول عن حال الناس بعد رمضان : نحن نشاهد أن أحوال بعض الناس بعد رمضان تتغير إذ يقل عند البعض الذكر وقراءة القرآن والدعاء والصيام والصدقة وقيام الليل وغيرها من أعمل البر وكأن هؤلاء لا يعرفون الله إلا في رمضان ونسوا أن الله عز وجل رب رمضان وشوال وكل العام وكل الوجود فهو علام الغيوب وهو الحي الذي لا يموت ورحم الله أحد السلف الذي يقول: “كن ربانيا ولا تكن شعبانيا أو شواليا”.
ويضيف الشيخ الشميري : ومن الأعمال الصالحة التي ينبغي القيام بها التكبير وصلاة العيد وصدقة الفطر وصيام ست من شوال فقد ورد في الحديث: (من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر) وفي صيام الست فوائد منها استكمال صيام الدهر وسد الخلل في صيام الفريضة وجبر الكسر وإكمال النقص إن صيامها علامة على قبول العمل إذ من ثواب الحسنة الحسنة بعدها.
الله باق
ويوافق الشيخ أبو بكر الحسني إمام جامع الحسن بن علي الشيخ عبد الغني الشميري في الدعوة إلى الصيام ويضيف: دعوتنا للصيام في شوال في الحقيقة هي دعوة لمواصلة العبادة والاستمرار على الطاعة وترك المعصية, لأن الصيام أم الصالحات فمن صام يوما اجتهد فيه بعمل الخير لشعور بداخله بأن الصيام المندوب ليس بأولى من الصلاة الواجبة في المسجد أو صلة الرحم أو قول كلمة الحق أو نصرة المظلوم أو من ترك الغيبة والنميمة أو القول السيئ أو النظر الحرام أو المعصية بأي شكل من أشكالها.
ويؤكد الحسني : فبالصيام المتواصل يحب الإنسان الناس من حوله ويريد قربهم منه فبجوعه يشعر للفقراء والمعوزين وينظر إليهم بعين الشفقة والرحمة فيقرب منهم وهذا الشعور يصاحبه طول السنة وليس في موسم واحد صحيح رمضان ولى ولكن الله باق صحيح رمضان فيه الأجر مضاعف ولكننا لا نعلم متى سيغفر لنا وبأي عمل يرضى الله عنا فلنتعرض لرحماته إنه هو أهل التقوى وأهل المغفرة.
جمعيات موسمية
يقول الأخ محمد الزيلعي, موظف في إحدى الجمعيات الخيرية : هناك جمعيات خيرية بدائية في عملها من حيث عملها الموسمي والتي تنشط في رمضان وتنام بقية شهور السنة كما أن عملها بدائي من حيث الاعتماد على توزيع الصدقات بينما هناك جمعيات قد اعتمدت وسائل جديدة في العمل الخيري منطلقة من المقولة : “لا تعطيني سمكة بل علمني كيف اصطاد” من خلال إيجاد فرص عمل أو تدريب المحتاجين ليتعلموا كسب الرزق بأنفسهم.