طفلي الصغير عبدالله يعجبه منظر الطوابير أمام خزانات المياه في الحارة والتي تبرع بها بعض فاعلي الخير ودوما يأخذ دبة صغيرة ويذهب إلى هناك ليأخذ مكانه في الطابور لينتظر دوره في الوصول إلى حنفية المياه ليملأ دبته الصغيرة ويعود إلى البيت ليفرغها ومن ثم يعود إلى الخزان وهكذا أصبح جزءا من روتينه اليومي حيث يحكي لنا في آخر اليوم ما حصل له من متاعب وكيف أنه التزم بدوره ولم يخالف كما يعمل البعض في الطوابير حيث يأخذون دور غيرهم بالمغالطة .
كم استمتع بقصته اليومية عن طابور المياه وهو يحكيها لي ببراءة الطفولة كما يحكي قصص أقرانه من الأطفال الذين يقفون في طوابير المياه للحصول على دبة ماء وهكذا فقد تحول أطفالنا إلى مناضلين ومكافحين يكدون ويتعبون في سبيل وطنهم الذي يواجه عدوانا همجيا ظالما وغاشمأ ويساهمون مثلهم مثل آبائهم وأمهاتهم في خدمة بلدهم. كما أن الولد الصغير عبد الله يسألني: ليش يابابا مافيش ماء بيجي للبيت مثل ماكان من قبل¿ فأرد عليه: بسبب السعودية التي حاصرت اليمن, ومنعت دخول المشتقات النفطية وضربت كل مقومات الحياة في اليمن الأمر الذي أدى إلى عدم توفر المياه كما كان في السابق وبالطبع فإن سؤاله يتغير من يوم لآخر وكل يوم يأتي بسؤال جديد عن السعودية والطائرات والضفدع “هادي” كما يحلو له تسميته وهكذا فإن الاجابات تتنوع عن أسئلته التي اعتبرها أنا كبيرة رغم صغر سنه حيث لم يتجاوز السادسة من العمر .
هل يمكن أن نستفيد من دروس هذا العدوان في كل نواحي الحياة ويكون لنا في المستقبل بنية تحتية مدنية وعسكرية قوية تستطيع الصمود في وجه أي ظروف قاهرة يمكن ان نتعرض لها في اليمن فمثلا مشاريع المياه التي تعطلت تماما ولم تستطع الصمود أمام انعدام المشتقات النفطية فمثلا لو كانت هذه المشاريع بنيت بالشكل المطلوب من كافة النواحي الهندسية والفنية والإنشائية وغيرها لكنا في غنى عن هذه المشاكل التي حصلت وأدت إلى توقفها تماما فربما لو أنها كانت تعتمد على الطاقة الشمسية في تشغيل محطات المياه لكانت المياه مستمرة في المنازل ولكنا ارتحنا وارحنا أطفالنا من عناء الوقوف في الطوابير الطويلة لانتظار دبة ماء ولكنا ننعم بالمياه وبالتأكيد فإن هذا الأمر ينطبق على كل المشاريع الخدمية التي تفتقد لأبسط المقومات للصمود في وجه الطوارئ.
وبالعودة إلى موضوع خزانات المياه التي تبرع بها بعض فاعلي الخير فإنها فكرة جيدة تستحق الثناء والتقدير لأنها على الأقل ساهمت إلى حد ما في التخفيف من معاناة الناس جراء نقص المياه بل وانعدامها بسبب العدوان والحصار الجائر,كما أنها تؤكد أن الشعب اليمني شعب صابر وصامد ومتعاون. وأجدها فرصة في هذا الشهر الكريم والفضيل لدعوة رجال المال والأعمال وكل الخيرين القادرين على العطاء بأن لا يبخلوا على كل من تضرر من هذا العدوان من المواطنين سواء المقيمين أو النازحين الذين اضطرتهم ظروف العدوان إلى ترك منازلهم وقراهم ومدنهم والتوجه إلى المناطق الأكثر أمنا وهذا سيزيد من حسناتهم, كما أنهم بهذه الأفعال الخيرية يزيدون من تماسك الشعب وصموده في وجه العدو السعودي الهمجي والتغلب على كل التحديات الناجمة عنه ورمضان كريم .