أصبح شحن بطاريات الهواتف النقالة أولوية لدى اليمنيين في عصر العدوان والقصف السعودي على بلادهم وفي ظل حصار اقتصادي خانق لم يسمح لهم بتشغيل محطات الكهرباء ويجد اليمنيون أنفسهم بلا طاقة كهربائية على امتداد أكثر من 70 يوما من العدوان فيما أصبحت فرص الإضاءة لديهم عند مستوى الصفر من الخطوط الرئيسية الحكومية.
لكن اللافت للأمر تكفل العديد من السكان في الحارات بالعاصمة صنعاء بتشغيل مولدات خاصة والسماح لأكبر عدد ممكن من الجيران بشحن هواتفهم مجانا وهكذا ترقى هذه الخدمة لعمل خيري حرص العديد من الناس على توفيرها دون الحصول على أي مردود هؤلاء الناس يحظون بالاحترام والتقدير وهي تجربة تؤكد أن المجتمع لايزال بخير وهناك خيرون على امتداد تراب الوطن.
بات الهاتف النقال الآن وسيلة ملايين اليمنيين في التواصل مع الأهل والأقارب والأصدقاء من جهة ومصدرا للمعلومة عبر النت من جهة أخرى ومنذ بداية العدوان على اليمن في 26 مارس الماضي زادت استخدامات الهاتف لتقصي آثار العدوان ومتابعة الأخبار مما زاد من تكلفة شحن بطاريته بشكل كبير خصوصا وقد انقطعت الكهرباء بشكل كامل وهنا المشكلة التي يبحث الجميع عن حل لها.
5 ملايين هاتف
وفقا لإحصائية رسمية يبلغ عدد مشتركي الهاتف النقال في اليمن أكثر من 5 ملايين مشترك وهؤلاء دون شك يحتاجون لشحن هواتفهم يوميا ولهذا تعد مسألة توفير الطاقة مهمة للغاية ويؤكد الخبراء أن هؤلاء يمتلكون وسائل للشحن دون شك.
في الريف يمكن القول أن العديد من السكان قد لجأو للطاقة الشمسية باكرا خلال السنوات الماضية فيما المدن الرئيسية لم تزل الطاقة المولدة عبر الشبكة الحكومية هي الخيار رغم مشاكل الانطفاءات المتكررة فيها منذ سنوات لكن في الوقت الراهن باتت المشكلة متفاقمة جراء العدوان السعودي على اليمن الذي دمر محطات وشبكات نقل الطاقة في معظم المحافظات اليمنية دون هوادة.
أهل الخير
في حارات متعددة في صنعاء هناك أهل خير بالمعنى الاقتصادي خصصوا مولدات لتوفير الشحن للجيران وهذا حسب محمد عقيل عمل خيري مميز فكل الناس تسارع بهواتفها لاغتنام فرصة وجود طاقة للشحن بالمجانأما علي حزام فيقول هذا العمل خيري بامتياز ونشكر من يوفر لنا فرصة شحن الهواتف في الحارة سواء في المنزل أو في المسجد.
لا تفرقة
في منزل جارنا يقوم أولاده بشحن الهواتف للجيران دون استثناء فيما تستقبل عائلته الهواتف الخاصة بالنساء مما جعل أهالي الحي يقفون إجلالا وتقديرا لهم وحسب كلام يحيى فإن الصديق وقت الضيق والجار لجاره خير معين.
ويروي العديد من الأصدقاء قصصا عن أهل الخير الذين يوفرون خدمة الشحن للهواتف فمن الطرائف ما يقوم به البعض من تحويل ركن الشارع إلى مكان للمقيل والسهر وتبادل الأحاديث حول الحرب ومستقبل اليمن وهناك يتبادلون الأحاديث لتمضية الوقت حتى تستكمل الهواتف عملية الشحن الكهربائي.
المساجد
تحولت المساجد في العاصمة صنعاء إلى مكان آمن لشحن الهواتف ومن خلال هذه الميزة التي تتوفر في بعض المساجد التي تمتلك مولدات ولديها الوقود أصبحت مزارا يستقطب الكثير من الشباب وسجلت ارتفاعات في أعداد المصلين بشكل غير مسبوق خصوصا وقت صلاتي المغرب والعشاء.
في مسجد أبو بكر ينعزل الشاب بسام في زاوية بالمسجد وهناك يشرف على شحن 10 هواتف لعائلته وكل ذلك بطيب خاطر من القائمين على المسجد ومثله المئات.
مقاهي النت
أصبحت مقاهي النت هي الأخرى ملاذا لعمليات شحن بطاريات الهواتف لكنها في المقابل مستفيدة من توفير النت بسعر مضاعف عن الأوقات الطبيعية ففي هذه الأيام العصيبة ارتفع سعر الدقيقة من ريال إلى ريالين وتشمل تلك الخدمة شحن الهاتف فقط.