للعيد الوطني في مفردات يوبيله الفضي نكهة خاصة.. نكهة يمانية أشد حضورا وأعمق تأثيرا من نكهة بن يماني أصيل وفواح.. وأشذى من فل حديدي وعدني ولحجي.. وأعظم وأشد قوة ومراسا من بارود مقاتل يتصدى لعدوان غاشم وساخر..
25عاما.. هي مسافة زمنية لا تقف عند حدودها الزمنية العابرة.. وإنما هي تراكم لأحيان عظيمة شهدها الوطن.. وهي مساحة اختزنت الكثير في الذاكرة الجمعية لشعب مكافح صابر صامد عصي على التطويع وعلى الانكسار..
مفردات الذاكرة الوطنية حظيت بما حظيت من متغيرات ومن عواصف شتى, ومن تجليات مواقف شهدتها الفترة المنصرمة من العام 1995م إلى العام 2004م إلى العام 2006م.. إلى اليوم في معايشات الحاضر الراهن..
وحدة الوطن.. رغم كل ما اعتراها من مشكلات وما تجاهلته من استحقاقات شتى, ورغم صولات الصراعات والتناقضات إلا أنها كـ«واحة» في تاريخنا اليمني المعاصر هي نقطة إشراقه, وهي ملتقى مهم وحيوي في تاريخ الحركة الوطنية وتاريخ الشعب اليمني الذي تاق وظل تواقا لاستدامة هذه الوحدة الوطنية, لأن الحديث عن معطيات سياسية أو حزبية أو غيرها دون الحديث عن حتمية الوحدة واستدامتها إنما هي اجتزاء لواقع يمني جديد أهم وأبرز معطياته وحدة الوطن اليمني.. وفق رؤية يكون بمقدورها استيعاب المتغيرات التي طرأت أو القضايا التي فرضت تواجدها في الفكر والثقافة الجديدة والتي ترى أنها أوجبت استحقاقات الراهن والمستقبل..
الشيء الأجدر الآن هو أن العالم أجمع توصل إلى قناعة أن وحدة اليمن هي بالقدر الذي يتجلى كرؤية وقناعة وطنية يمنية, هي بذات القدر, يتحدد كمطلب دولي كواحدة من ضمانات الاستقرار في أخطر وأهم منطقة استراتيجية دولية تطل على أهم ممر ملاحي دولي يربط الكرة الأرضية شمالها وجنوبها شرقها وغربها, ولعل هذا هو من محاسن المقاصد الخيرة لبلد وشعب قدر له أن تعتصره كل التحديات بدءا من التحديات الأمنية, ونعني تحديات الإرهاب العالمي إرهاب عابر الحدود والقارات, وانتهاء بتحديات الأمن المائي والغذائي..
وبالطبع إن الإطلالة اليوم على ربع قرن من تجربة العيش تحت مظلة الوحدة, والرغبة في الكتابة على هامش المتن إنما هي «مغامرة» وإبحار في التناقضات لكن حسبنا أننا نتكئ على تاريخ وطني توافقي بشأن ضرورة وحتمية وحدة وطن مثلت نقطة التقائه التاريخي الوحدوي, اتجاها وطنيا وشعبيا إجماعيا تجاوز كل أوجه الاختلافات والتناقضات.. حيث ظل الاقتناع قويا ومعززا باستدامة وحدة الوطن وإلقاء اللوم واللائمة على السياسة وعلى مفاعيلها وعلى مسلكيات الأخطاء التي تراكمت ولم تجد من يبادر لمعالجتها في حينه..
واليوم ورغم الاحتراب ورغم الصراع ورغم تفاقم الخلافات تبقى وحدة اليمن هي الإطار الجامع لكل المكونات المجتمعية والسياسية وهي التعبير الأنضج ليمن قادم جديد.. يمن قادر على صياغة غده بروح وحدوية أفضل وبمقدرة على بناء رؤى تقاربت من العيش المشترك ومن التعايش في إطار متعدد لكنه متوحد, لا يقبل بغير محددات هذا التوحد الذي يهيئ اليمن شعبا وقدرات وموارد وإمكانيات في أن ينطلق نحو استقلالية القرار العربي المتحرر من أية وصاية.. قرار يكون اليمن سيد مواقفه.. وسيد إدارته, لا يقبل بأية وصاية ولا تفرض أو تملى عليه أية سياسات لا تخدمه..
بالتأكيد إن التحديات اليوم مهولة.. وإن موجبات العمل الوطني في أكثر من منحى وطني وعسكري وأمني واقتصادي واجتماعي تستدعي مقدرات وموارد وحشد كبير لكافة الطاقات, للبناء الحقيقي الذي ينتظره الشعب ويبتغيه, لكن تبقى الآمال هي فنارات ومنارات تلهم الجادين السائرين صوب الأهداف الوطنية لوطن قوي معافى.. وطن يكبر على كل جراحاته, ويجتاز بكفاءة تحدياته كل الخير نتمناه ونعمل لأجله ليمننا الغالي.. كل الانتماء لهوية الوطن الوحدوية الذي يتعملق وهو يواجه أشرس عدوان والذي ظل واستمر ولسوف يستمر يقدم أبلغ الرسائل الوطنية في الانتصار ليمن يزهو بالشموخ والرفعة والصمود والإباء والشجاعة والاصطبار على المعاناة والآلام.
* الناطق الرسمي للقوات المسلحة والأمن