جبلة.. مدينة تاريخية تنتظر الولوج إلى قائمة التراث العالمي

 تستمد شموخها من ذلك الجبل التي ترتكز عليه والذي حماها على مدى قرون مضت وسيحميها إلى ما شاء الله فمدينة جبلة حاضرة الدولة الصليحية وبها يقترن اسم ملكة ذاع صيتها وفي زمنها بلغت شهرتها ارجاء المعمورة, إنها الملكة أروى بنت أحمد الصليحي أو كما تسميها بعض المصادر التاريخية سيدة بنت أحمد الصليحي التي برهنت أن المرأة اليمنية قادرة على القيادة والنجاح كيف لا وهي حفيدة الملكة الأشهر والأولى على وجه هذه البسيطة الملكة بلقيس ملكة سبأ .

في جبلة تتراءى أمام ناظريك مآثر الملكة أروى ومدى التطور ونماء الحياة ورقيها في ذلك العصر وما تلك المباني الحجرية العالية والضخمة إلا خير شاهد على مدى ذلك التطور والرخاء الذي كان يعيشه المجتمع في عصر تلك الملكة التي اهتمت بالطرق وتشييد الجسور في الأودية والسماسر في الطرقات الطويلة وبناء القلاع والحصون وهذه المآثر لازال الكثير منها يعاند الزمن ويتغلب عليه ويستفاد منه حتى الآن نظرا لمتانة البناء وقوته .
صعدنا إلى جبلة وتجولنا بين أزقتها وشوارعها إلى أن وصلنا إلى دار العز الذي يقال أنه قصر الملكة أروى واخذنا نصور هذا المنزل الضخم من اتجاهات عديدة واذا بأحد أبناء المدينة “علي ادريس ” يقول أن هذا الدار اسمه دار السلطنة وليس دار العز التابع للملكة وان الاخير اندثر منذ زمن بعيد وتساءل هل يمكن أن يستوعب هذا الدار “360” غرفة ذكرتها المصادر التاريخية والتي كان قصر الملكة اروى يحتويها ومؤكدا أن هذا المبنى ومبان أخرى بنيت على انقاض قصر الملكة المسمى دار العز .
والتقينا اثناء تجولنا في المدينة عبدالله المتوكل والذي أكد أن هذا الدار يسمى دار السلطنة وتعود ملكيته لأسرته بيت المتوكل واعطانا وثائق وأحكاماٍ يقول انها تثبت أن هذا الدار يسمى دار السلطنة وتعود ملكيته له واخوانه وأولاد عمومته .
وأشار إلى أن أسرته لن تسكت عن حقها في هذا المنزل الذي أخذ منهم قسرا وبالقوة .
ويخضع هذا القصر إلى ترميم وصيانة من  قبل الصندوق الاجتماعي باعتباره قصر الملكة أروى بنت احمد الصليحي وقد توقف العمل بهذا المشروع نظرا لتلك المشاكل وايضا للوضع الذي تمر به البلد.
وحول هذا الموضوع يقول المهندس أحمد محمد النوعة مدير عام الهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية بمحافظة إب : تشير المصادر التاريخية إلى أن قصر الملكة أروى هدم من قبل الأيوبيين الذين حكموا اليمن بعد قضائهم على الصليحيين وأبرزت المصادر أن الأيوبيين قاموا بهدم كافة المعالم التي بنيت في عهد الصليحيين باستثناء الجسور الحجرية وبعض القلاع التي احتاجوا إليها بالإضافة إلى الجامع الكبير بالمدينة  , وحتى حصن التعكر قاموا بهدمه .
وفي ما يتعلق بالملكية لهذا الدار أوضح أن هذا ليس من اختصاص الهيئة والمحاكم والجهات القضائية هي وحدها المتخصصة بمثل هذه القضايا ولها كلمة الفصل ولا يعني هذا أن المنزل أو القصر ليس ذي قيمة تاريخية على العكس تماما فهو يمثل واحدا من المكونات الهامة للمدينة وعلى هذا الاساس تتعامل الهيئة أيا كانت ملكيته سواء خاصا أو عاما فهو قيمة تاريخية يجب الحفاظ عليها .
ودعا النوعة الحكومة القادمة  إلى الاهتمام بمدينة جبلة كونها أحد أبرز الكنوز الحضارية لليمن وتحتاج إلى لفتة كريمة ودعم جهود الحفاظ عليها والتي تعاني الكثير من المعوقات .
وتعمل الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية ومن ورائها وزارة الثقافة على ادراج هذه المدينة التاريخية الهامة ضمن قائمة التراث العالمي كونها تتمتع بكل المقومات والخصائص التي تؤهلها لذلك وتنطبق عليها كافة الشروط والمعايير ولهذا الغرض وقبل ازدياد الازمة زار وفد مكون من الوزارة وهيئة الحفاظ وهيئة الآثار برئاسة نائب وزير الثقافة هدى ابلان لتقييم اوضاع المدينة ودراستها ميدانيا.
وأشار المهندس نبيل منصر نائب رئيس هيئة الحفاظ على المدن التاريخية إلى أن مدينة جبلة ومنذ فترة طويلة ترزح في قائمة الانتظار لدى منظمة اليونسكو للدخول إلى قائمة التراث العالمي اضافة إلى تسعة مواقع يمنية أخرى وآن الأوان أن تكون جبلة ضمن قائمة التراث العالمي ولولا الأوضاع التي تمر بها اليمن منذ سنوات عديدة وانعكاسها بشكل كبير على المدن التاريخية التي دخلت ضمن القائمة العالمية في وقت مبكر لكانت جبلة ضمن القائمة وأيضا مواقع يمنية أخرى.
وحقيقة ما يزعج في جبلة هي تلك المباني الاسمنتية المشوهة لطابع المدينة القديم وهنا تمثل المباني الحكومية ابرز المباني المشوهة والمخالفة كذلك تعد المساجد في هذه المدينة من ابرز المقومات التاريخية وتمثل ثراء كبيرا لجبلة ولكن تتعرض هذه المساجد لتدخلات تشوه طابعها المعماري دون تدخل الجهات المعنية بل يتم هذا بإشراف الاوقاف كما يقول مدير عام فرع هيئة الحفاظ على المدن بإب, كذلك وجود الكثير من المشاريع التي لم تستكمل رغم اهميتها بالنسبة للمدينة ومبانيها منها مشروع الرصف ومشروع حماية المدينة في السايلة .
الشق الثاني من هذه المدينة يتمثل في الطبيعة الساحرة والجمال الذي يأسر الالباب والافئدة فالإطلالة من الجهة الخلفية لدار العز أو دار السلطنة تحكي قصة الطبيعة في ابهى صورها , بالإضافة إلى الجبال المقابلة للمدينة والتي يكسوها الجمال وتزينها الخضرة سيما في فصل الصيف .
الطريق الدائري من منطقة المحمول اسفل منطقة شبان والمؤدي عبر طريق جبلة إلى منطقة قحزة نهاية شارع العدين وهذا الطريق جميل للغاية يمتد وسط البساط الاخضر ويطل في بعض أجزائه على لوحات بديعة تدهش العين ويعجز اللسان عن وصف حالة الذهول التي يصاب بها المرء عند رؤية هذا المنظر لواحة من واحات الاخضرار في محافظة الجمال إب.
 واتذكر انني أطلعت أحد الزملاء على صورة التقطتها اثناء مروري في هذا الطريق الدائري وقلت له أنني صورتها في لبنان , قال لي فعلا لبنان جميلة وبعد أن اخبرته بأنها في إب تفاجأ بشدة والادهى من ذلك أنه من اب ولم يعرف هذه الصورة , ولكن ما يبعث على الأسى هو أن هذا الطريق السياحي المثير والرائع يعاني اختلالات جمة وبعض أجزائه تخربت بفعل اهمال العمل والبعض لم يكتمل العمل به لعدم وجود متابعة من الجهات المعنية ولهذا بعض أجزاء تلك الطريق وعرة.
يا ترى متى سيتم إكمال هذا الطريق والسؤال لقيادة محافظة إب ولإصلاح ما أفسده الفاسدون وهو سؤال اجابته ملحة ولن نسأل عن محاسبة كل من افسد في هذا الطريق لأن الإجابة حتما معروفة فلا داعي للسؤال .

قد يعجبك ايضا