صرواح الأثرية .. في مرمى نيران العدوان

في العدد الماضي من سياحة وتراث تحدثنا عن استهداف واحدة من أعرق وأقدم المدن الأثرية في اليمن والتي تمثل تراثاٍ حضارياٍ للإنسانية جمعاء وليست لليمن فحسب وهي مدينة براقش الأثرية التي تم استهدافها من قبل طائرات العدوان السعودي بصاروخين وقعا في حرم هذه المدينة الأثرية التي لم تكن موقعاٍ عسكرياٍ أو مكاناٍ للتجمعات المسلحة أو مخزناٍ للأسلحة وهذا يعد خير شاهد ودليل على إفك من قاموا بالاعتداء على اليمن بحجة حمايته وتحقيقاٍ لمصلحة أبنائه الذين يقتلون تحت وطأة هذا القصف البربري وها هي حضارة وتراث اليمن السعيد التي تمثل هوية وعراقة كل اليمنيين يتم قصفها بصورة تنم عن حقد من يقفون وراء هذا العدوان الذين يسعون إلى تدمير مقومات هذا البلد وطمس هويته الحضارية وتاريخه العريق كون اليمنيين يعتزون بهذا الإرث الحضاري العظيم ويفتخرون به ويستمدون منه الشموخ والإباء.
وما زالت ضربات العدوان متواصلة فقد استهدفت العديد من المعالم والمواقع الأْثرية والتاريخية سواءٍ بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلا أن الأكيد أنها متعمدة فها هي مدينة صرواح الأثرية بمحافظة مارب تنضم هي الأخرى إلى قافلة المواقع الأثرية المستهدفة فضلاٍ عن دار الحسن التاريخي في مديرية دمت محافظة الضالع وكذا قرية عطان التاريخية بصنعاء.
عدوان سافر
الهيئة العامة للآثار والمتاحف أدانت وبشدة في بيان لها قبل أيام الاستهداف المباشر من قبل ما يسمى طائرات التحالف ووصفته بالسافر على معبد أوعال صرواح الأثري وكذا دار الحسن التاريخي مؤكدة أن مثل هذه الأعمال الاجرامية تتنافى مع القيم والمواثيق الدولية التي تحرم وتجرم استهداف مواقع التراث الإنساني وتجنيبها أي استهداف عسكري مباشر أو غير مباشر.
ولعل سكان العاصمة صنعاء لن يمحى من ذاكرتهم ذلك اليوم الذي وقع فيه ذاك الانفجار الضخم الذي هز العاصمة صنعاء بصورة عنيفة مخلفاٍ وراءه الكثير من القتلى والجرحى ودمار الكثير من المنازل والممتلكات العامة في صورة تبين بشاعة وجنون من يقصفون ومدى الكراهية والحقد الذي يتأجج في صدورهم مع استمرار هذا القصف العبثي الذي لم يحقق لهم ولو القليل مما كانوا يأملونه في ظل ما صرفوه من أموال للشرق والغرب لحشد التأييد لهم وفي ذلك الانفجار الكبير الذي استهدف منطقة فج عطان امتد الدمار ليشمل قرية تاريخية ذات تاريخ عريق ” قرية عطان التاريخية” التي لم تستطع العديد من مبانيها مقاومة ذلك الانفجار رغم مقاومتها للزمن وتقلباته منذ مئات السنين تهدمت العديد من منازل تلك القرية وتشقق البعض الآخر ليس لذنب اقترفته هذه القرية ولكن لأنها تمثل قيمة لليمنيين أراد العدوان ازاحتها.
حقد المملكة
وأكد رئيس الهيئة العامة للآثار والمتاحف مهند السياني أن القصف الذي استهدف معبد صرواح أدى إلى تدمير وتخلخل في الكثير من ملحقات المعبد وأجزائه خاصة السور.
وقال: إن مثل هذه الاستهدافات للمعالم والمواقع الأْثرية تنم عن حقد المملكة لتاريخ اليمن ولهذا تسعى إلى محوه وتدميره غير مبالية بخطورة وفداحة مثل هذه الأعمال التي تستهدف تراث الإنسانية الموجود في اليمن ضاربة عرض الحائط كل المواثيق الدولية والقوانين التي تحرم استهداف مثل هذه المواقع.
وطالب السياني المنظمات الدولية المعنية بحماية التراث الإنساني للخروج من صمتها والقيام بواجباتها إزاء حماية تراث اليمن من هذا العدوان الغاشم كما طالب رئيس الهيئة من أبناء اليمن الوقوف بحزم ضد هذا العدوان الذي يستهدف هويتهم وتراثهم ويستهدف أصالتهم وعراقتهم.
وأشار إلى أن الهيئة العامة للآثار والمتاحف ستتخذ الإجراءات القانونية ضد من يقوم بمثل هذا الاستهداف ولو كانت دولاٍ ومنظمات فالهيئة تحتفظ بحقها القانوني كون مثل هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم طال الزمان أو قصر.
ولفت السياني إلى أن الخطر لايزال قائماٍ فمازالت المواقع الأثرية تحت القصف ولم يستطع  المعنيون في فرع الهيئة بمحافظة مارب الوصول إلى مدينة صرواح الأثرية أو مدينة براقش الأثرية لحصر وتقييم وتصوير الاضرار التي نتجت عن ذلك القصف..
جريمة إنسانية بامتياز
الأخ عبدالكريم البركاني نائب مدير عام حماية المواقع الأثرية بهيئة الآثار والمتاحف أوضح أن استهداف المواقع الاثرية جريمة انسانية بامتياز تستهدف شعباٍ وأمة وبإلتالي الادانة والاستنكار لمثل هذه الاستهدافات التدميرية التي طالت بعض المواقع ومنها صرواح أمر لابد  وأن يكون على نطاق واسع يشمل كافة أطياف وشرائح المجتمع اليمني وكذا احرار العالم ومحبي التراث والهوية الحضارية التي تعد جزءاٍ من الهوية الإنسانية الموجودة في كل بلد..ش
وقال: إن استهداف المواقع الاثرية بالاعمال العسكرية سواء كانت برية أوجوية  أمر خطير اتفقت كل المواثيق والمعاهدات الدولية على تجريمه وتحريمه ودعت إلى عدم المساس به أو استخدامه لأي أغراض عسكرية وما قامت به طائرات ما تسمى بالتحالف من عدوان على مدينة صرواح  الاثرية بغارة جوية استهدفت بشكل غير مباشر محيط المعبد وأدت إلى حدوث تخلخل في جدران ماتبقى من آثار هذا المعبد وهي كثيرة مثل المباني التي مازالت محتفظة بكامل جدرانها الانشائية وهذا التخلخل يؤثر وبشكل كبير على هذه الجدران ويجعلها عرضة للاندثار وبوقت قصير وقد يكون الاندثار حدث ولكن نظراٍ لعدم قدرة المعنيين على الوصول إلى صرواح يصعب تقييم الأوضاع بشكل دقيق وبالتالي لا يختلف الاستهداف المباشر عن الاستهداف غير المباشر ولكن ما يمكن قوله: هو أن الجدران بالفعل تشققت في معظم جدران المعبد وملحقاته خاصة بالسور..
وأكد أن الكثير من مواقع الترات الإنساني في اليمن تستغيث وتستنجد فالأخطار تحدق بها من كافة النواحي براٍ وجواٍ فما لم يطله البر وإن كان الصراع المسلح الذي يحدث في بعض المحافظات لم ينتج عنه مثلما نتج من تأثير العدوان من الجو إلا أن الأعمال العسكرية إن جازت تسميتها كذلك أكانت براٍ أو جواٍ تهدد الكثير من المواقع الأْثرية في محافظات (صنعاء صعدة تعز عدن الضالع لحج أبين شبوة حضرموت إب البيضاء).
صرواح في سطور
تعتبر صرواح إحدى المدن الأثرية اليمنية التي تعود  إلى عهد مملكة سبأ القديمة وقد اثبتت الدراسات الأثرية أنها ترجع إلى ما بين القرن السادس والسابع قبل الميلاد وتتميز بمعالمها الأْثرية المتنوعة أهمها المعبد المعروف باسم معبد أوعال صرواح الذي يحيط به سور كبير تتخلله بعض الاحجار المنقوشة بالخط المسند وكذا الافاريز الحجرية المنحوتة عليها رؤوس وعول بارزة يحوي بداخله نقشا كبيراٍ نحت عليه بحروف مسندية يعرف باسم نقش (النصر العظيم1) وقد تم الكشف خلال السنوات الماضية عن نقش آخر كبير مكتوب بخط النصر  يعرف باسم (نقش النصر2) وكذلك الأعمدة الحجرية الكبيرة والمرتفعة تتقدمها ساحة المعبد يكشف السور من الداخل عن مجموعة من الملحقات عبارة عن غرف صغيرة كانت خاصة بكهنة المعبد عبر بوابة يرتكز عليها برج طويل كان جزءاٍ من السور أما في المناطق الأخرى وعلى مقربة من المعبد هناك القصر الذي ما زالت معامله و اضحة من خلال الجدران السفلية التي تم الكشف عنها من خلال الأعمال الأثرية وكذا بقية السور العام لمدينة صرواح من الجهة الغربية والذي يحوي أحد الأبراج التي لا زالت قائمة .
ويقول البركاني: إن مدينة صرواح الأثرية مترامية الأطراف لازالت تحوي الكثير من الأسرار والمعالم الأثرية المطمورة تحت انقاضها حيث ما تم اكتشافه من هذه المدينة لا يمثل سوى 40% من اجمالي المدينة العريقة صرواح التي جاءت لنا كتب التاريخ بالكثير من المعلومات والشواهد على عظمتها وأهميتها التاريخية.

قد يعجبك ايضا