المجتمع يقاوم الحصار الاقتصادي

الأزمة الخانقة التي يعيشها المواطن اليمني جراء العدوان السعودي الغاشم على خيرات بلاده الاقتصادية وتدمير ممتلكاته الحيوية جعلت البعض يتهاتف لتخزين اكبر قدر ممكن من المواد الأساسية كالقمح والأرز والدقيق وكذلك البترول والديزل وغيرها وذلك خوفا من تفاقم الأزمة الحاصلة وانعدام الكثير من المقومات الحياتية للمواطنين .
وبالمقابل نجد الكثير من المواطنين تفهموا الأزمة التي نعيشها ومضوا في تقليل الاستهلاك لكثير من الأشياء الضرورية للحياة وهذا بدوره عزز من دور القيم الإنسانية لدى الشعب اليمني وعمل على استقرار الأسواق وقلل من عملية التدافع للشراء وابرز دور الاقتصاد في كل مناحي الحياة اليومية.
يحاول الكثير من الناس تقليل الاستخدام المفرط لكثير من الأشياء الأساسية وذلك لوقع الحرب والحصار المفروض علينا من قبل العدوان السعودي وحلفائه , ويلجأ المواطنون إلى تقليل استخدام المياه وذلك لانعدامها لفترة كبيرة تصل إلى ثلاثة أسابيع وأكثر نظراٍ لاحتياج مؤسسة المياه إلى مادة الديزل المعدمة حتى تستطيع ضخ المياه إلى الأحياء السكنية بشكل متواصل , الحاج علي سيلان يتحدث بنبرة حازمة ويذكر أن الوضع صار لزاما على الكل التكاتف مع بعض من اجل الوقوف ضد العدوان الذي يستهدف اليمنيين بمختلف فئاتهم وأعمارهم , ويرى الحاج علي أن المطلوب هو نقلل من الاستخدام والاستهلاك للمواد الغذائية والمياه وحتى المشتقات النفطية لكي نوفر للأيام القادمة التي ربما تكون اشد حالا من الآن .

أسعار المياه
ويشير الحاج علي إلى أن كثير من الأشياء الضرورية والإلزامية باتت أسعارها مرتفعة كالمياه والمشتقات النفطية وغيرها , ويضيف أن الوايت الماء أصبح اليوم سعره مرتفعاٍ ووصل إلى 500 ألف ريال وربما يرتفع أكثر في الأيام القادمة بفعل انعدام المشتقات وارتفاع أسعارها وكذلك تأخر وصول المياه من مراكز توزيع المياه التابعة لمؤسسة المياه وهذا بدوره سيرفع أسعار الوايتات الماء بأكثر من سعره الحالي .ويؤكد الحاج علي على ضرورة الحد من ارتفاع الأسعار والذي ستدفع المواطنين إلى التخزين للمواد والسلع والطلب بشكل اكبر من المعتاد وهذا سيشكل عبئاٍ على بقية المواطنين وسيعمل على رفع الأسعار .

مشتقات النفط
المشتقات النفطية بما فيها البترول والديزل تعاني الانعدام وتهاتف المواطنين عليها , حيث لوحظ كثير من السيارات والناقلات التي تعمل بالبترول والديزل واقفة عن العمل ومشكلة طوابير طويلة أمام المحطات منتظرة التعبئة وهذا ما أكد عليه أحد سائقي التاكسي محمد عبدالباسط حيث أشار إلى أن المواطنين بطبيعة حالهم قد مروا بأزمات كثيرة في المشتقات النفطية ولذلك تجدهم يقتسطون في استخدام البترول والديزل ويأخذون من المحطات ما يكفيهم فقط إلا البعض من سائقي السيارات أو الناقلات يشوه الصورة حيث يعمل على مخالفة الطوابير أمام المحطات وعرقلة الحركة في محاولة لأخذ الكمية الكبيرة من الديزل أو البترول وهذا يعد أسلوباٍ خاطئاٍ خصوصا ونحن نعيش أزمات متتابعة القت بظلالها على حياة الناس كافة وقلصت حجم الاستهلاك لديهم .
ويوضح السائق محمد أن أصحاب التاكسي هم اكثر ضررا من انعدام البترول ويعلل ذلك بسبب أن كثيرا من سائقي التاكسي يعولون أسرهم على ما يجنونه من أموال من التاكسي , مضيفاٍ أن استمرار هذه الأزمة ستعمل على إيقاف الكثير من سائقي التاكسي عن العمل وتلحق بهم الكثير من الخسائر وبالذات ممن ليس لديهم أعمال أخرى غير التاكسي .

الغاز
ويضطر كثير من أصحاب التاكسي وباصات الأجرة إلى تحويل الماكينات من بترول إلى غاز ويرجح محمد أسباب ذلك إلى توفر الغاز بنسبة أفضل من البترول والديزل وقلة السيارات التي تعمل بالغاز والتي بدأت في التكاثر مع الانعدام المتكرر في البترول , ويعتبر الغاز حسب محمد عبدالباسط اقتصادي افضل من البترول وهذا ما جعل الكثير من أصحاب التاكسي التدافع على تغيير ماكيناتهم , ويضيف محمد أنه في حالة انعدام الغاز يلجأ مع كثير من أصحاب السيارات والباصات الأجرة وقت الأزمة إلى شراء الغاز من أشخاص يتاجرون به في السوق السوداء وبعض الأحيان من محلات بيع الغاز وبأسعار مرتفعة جداٍ يصل سعر الدبة الواحدة إلى 2500 ريال وأكثر وذلك-حسب قوله- هروباٍ من زحمة الطوابير الكبيرة أمام المحطات واستغلالاٍ للوقت في تمشية أعمالهم اليومية في التأجير , ويؤكد محمد أن دور اللجان الشعبية في تنظيم بعض المحطات شكل بادرة جيدة في الالتزام والانضباط وعدم المراوغة بالنسبة لأصحاب المحطات في رفع الأسعار أو الاحتكار وكذلك بالنسبة للمواطنين في عرقلة الطوابير أو أخذ كميات كبيرة من البترول أو الديزل وهذا أدى حسب قوله إلى توزيع الكميات المتوفرة من المشتقات النفطية بالتوازن وخصوصا مع عدم وجود استيراد من الخارج نظرا للحصار الذي يفرضه العدوان السعودي وحلفاؤه على اليمن .

تفاؤل
ومن المفترض أن يعي المواطنون الواقع المعيشي الصعب وبالذات الآن ويحاول كل فرد أن يقلل من الاستخدام والاستهلاك المعتاد وذلك للتوفير والتخزين للايام القادمة الاكثر صعوبة وهذا مايراه خبير الاقتصاد الدكتور سيف لقمان حيث يؤكد على ضرورة تشكيل لجان خاصة وتتبعية واشرافية على تجار المواد الغذائية وعلى محطات تعبئة المشتقات النفطية وكذلك الاسواق الشعبية وذلك لمراقبة سير عملية الوضع الاقتصادي ومحالو التوازن في الاستهلاك من قبل المواطنين ومنع التدافع في الشراء وأخذ الكميات الكبيرة .
ويرى الدكتور سيف: إن الوضع يتطلب تكاتف الجميع بمختلف فئاتهم ومناصبهم السياسية وأعمالهم لكي نقف صفاٍ واحداٍ لمواجهة الأزمة التي تحاكي البلاد والحصار الذي يشدده علينا العدوان ولاستمرار الحياة بين اوساط الشعب اليمني بشكل متوازن حتى نخرج من هذه الازمة الخانقة ونستعيد عافية اقتصاد البلاد .

قد يعجبك ايضا