مع استمرار التوتر والمشاكل في معظم المحافظات تتزايد المخاوف لدى المهتمين والمعنيين بالآثار اليمنية أن تؤثر تلك المشاكل والتوترات على المعالم والمواقع الأثرية وكذا المتاحف المتواجدة في معظم مواقع الصراعات وكلما اشتدت التوترات زادت المخاوف ليس لدى المهتمين بالشأن الأثري في البلد بل ويتعاداها إلى المهتمين بالآثار اليمنية من خارج البلد تحذر من المساس بمواقع التراث الثقافي في اليمن ومنها طبعا الآثار والمتاحف اليمنية وأبدت قلقها على هذه المواقع سواء من القصف والعدوان الذي يأتي من السماء عبر طائرات لا تفرق بين البشر والحجر ولا بين مواقع الآثار والتاريخ والمواقع التي يزعمون أنها مخازن للأسلحة كذلك أبدت اليونسكو قلقها من تأثيرات الصراعات المسلحة والمواجهات داخل البلد نفسه
وهنا يا ترى كيف تنظر الهيئة العامة للآثار والمتاحف لهذه الأوضاع ومدى تأثيراتها على المتاحف والمواقع والمعالم الأثرية وما هي الإجراءات أو الترتيبات التي وضعتها الهيئة لمواكبة هذه الأوضاع¿¿
وهنا يقول الأخ مهند السياني رئيس الهيئة العامة للآثار والمتاحف إن الأوضاع فعلا خطيرة جدا على المواقع الأثرية والمتاحف وهذا الوضع الخطير ناتج عن تطور التوترات والصراعات المسلحة وانتشارها على نطاق واسع الأمر الذي يجعل المتاحف والمواقع الأثرية الواقعة في خضم هذه الأحداث والمواجهات التي ازدادت تعقيداتها بتدخل خارجي تمثل بالعدوان الجوي الذي يزيد الطين بلة.
وحول ما قامت به الهيئة لمواكبة هذه التطورات والمشاكل أكد الأخ مهند السياني أنه تم تشكيل لجنة طوارئ برئاسة رئيس الهيئة ونائب رئيس الهيئة نائبا وعضوية مدراء العموم المعنيين في الهيئة وشكلت هذه اللجنة الأحد الماضي نظرا للظروف الاستثنائية التي تمر بها اليمن وتعمل هذه اللجنة على مدار 24 ساعة هذه اللجنة مهمتها الأساسية متابعة الفروع والجهات ذات العلاقة في أي مكان ومحاولة تلافي أي تأثيرات قد تحدث على المواقع الأثرية والمتاحف بالإضافة إلى رصد أي اعتداءات قد تحدث لا قدر الله ومحاولة التخفيف منها وقد قامت اللجنة فور تشكيلها بالتواصل مع الفروع في كافة المحافظات لاسيما تلك المحافظات التي تدور فيها اشتباكات أو يتم استهدافها من العدوان الخارجي وبناء عليه أعدت اللجنة متطلبات ضرورية وعاجلة سيتم رفعها لوزارة الثقافة لتوفيرها بصورة سريعة كونها هامة جدا معظمها بتدرج تحت مطالب حماية وتأمين وبعضها مطالب سيطة لكن نظراٍ لأن الفروع تعيش أوضاعا صعبة ولا يصرف لها موازنات أو نفقات تشغيلية فإنهم لا يستطيعون توفير تلك المتطلبات كما طالبت اللجنة في تقريرها الذي سيرفع لوزارة الثقافة بسرعة توفير مبلغ للحالات الطارئة لا يصرف إلا للضرورة ويظل في صندوق التراث وهذه المتطلبات تم مراعاة أن تكون في حدها الأدنى ولم يتم المبالغة فيها نظرا للظروف المالية الصعبة التي تمر بها البلد ويمر بها صندوق التراث ولكنها تمثل الضرورة القصوى وتأمل اللجنة أن يتم التعاون معها في توفير تلك المتطلبات لأن الوضع فعلا خطير وخطير للغاية.
وبما أن اللجنة قد تواصلت مع الفروع فهل يا ترى تم ابلاغها بأضرار لحقت بالمتاحف أو المواقع الأثرية نتيجة للصراعات المسلحة أو القصف العدواني الذي تقوده المملكة السعودية على اليمن أوضح مهند السياني أن البلاغات من شبوة أشارت إلى تأثر عدد من المواقع الأثرية نتيجة الصراعات المسلحة وكانت تحديدا في حيد بن عقيل وهذه مواقع في الأساس منبوشة وتم العبث فيها من قبل وزادها الصراع المسلح تأثيرا ولكن بحمد الله خرج المتصارعون منها وهي الآن في أمان.
قلعة صيرة التي تداولت وسائل الإعلام أخبارا بتعرضها للقصف فقد أكد السياني أنهم لم يتمكنوا حتى الآن من التأكد حول هذا القصف ومدى تأثيره على القلعة وما هي الأضرار التي ألحقها نتيجة لأن التوترات لازالت قائمة ومن الصعوبة بمكان على المعنيين الوصول إلى القلعة حاليا كذلك في المكلا هناك أخبار بأن متحف المكلا اقتحمته مجاميع من القاعدة خلال اقتحامها للكثير من المنشآت الحكومية في المكلا الأسبوع الماضي وتم نهب الكثير من التجهيزات المكتبية للمتحف وتأثرت بعض الآثار التي كانت لا تزال موجودة في المتحف للدراسة أما البقية فقد تم نقلها إلى مكان آمن قبل فترة وخاصة بعد تعرض هذا المتحف للسرقة الأمر الذي جعل الهيئة وفرعها في حضرموت تضع احتياطاتها وتنقل القطع الأثرية إلى أماكن آمنة.
»القاعدة« يعبث بمتحف المكلا والقطع الأثرية في مكان آمن
محافظة حضرموت هي الأخرى دخلتها المشاكل وأعمال التخريب والعبث والنهب بعد أن كانت الأوضاع فيها هادئة على مدار الأسابيع الماضية ولم تتأثر بالصراعات أو الأحداث التي تدور في الكثير من المحافظات إلا أن القاعدة وعناصرها كان لهم رأي آخر بأن حضرموت وتحديداٍ مدينة المكلا لا ينبغي أن تكون مستقرة وهادئة وبالتالي عملوا على زعزعة أمن واستقرار هذه المدينة واقتحموها واحتلوا الكثير من المؤسسات الحكومية ونهبوا البنك المركزي وقتلوا وجرحوا العديد من أبناء القوات المسلحة والأمن وبالتالي دخلت محافظة حضرموت وتحديداٍ مدينة المكلا تحت طائلة القلق والخوف لدى جماعة المهتمين والمعنيين بالآثار وتعالت الأصوات عند البعض منهم تدعو إلى معرفة نتائج ذلك الاقتحام وتأثيراته على المعالم التاريخية والأثرية في مدينة المكلا متسائلين أيضا عن حال تلك المعالم وما ستؤول إليه إذا ما استمرت تلك الأحداث في المدينة أو تطورت.
وهنا التقينا الأخ عمر باوزير مدير فرع الهيئة العامة للآثار والمتاحف في محافظة حضرموت وتعرفنا من خلاله على تأثيرات ذلك الاقتحام على المعالم الأثرية حيث قال: حقيقة الأمر لقد كان ذلك الاقتحام من قبل القاعدة سريعاٍ ومفاجئاٍ وبالفعل تم اقتحام متحف المكلا وأعتقد أنهم لم يكونوا يريدون المتحف بذاته بقدر ما كانوا يريدون استغلال موقعه الهام المجاور والمطل على مبنى البنك المركزي ومبنى المحافظة وبالتالي كانوا يريدون المتحف كنقطة انطلاق نحو البنك والمحافظة أو نقطة تمركز وبالفعل كسروا أبواب المتحف باستخدام الـ”آر.بي.جي” ونتج عن هذا الاقتحام نهب وسلب الكثير من المستلزمات الإدارية في المتحف وقد يكون من قام بالنهب هم الغوغائيون الذين دخلوا المتحف بعد خروج القاعدة منه وكذا تم نهب مؤسسة دار با كثير للطباعة والنشر المجاورة للمتحف ونهبوا منها حوالي (50) جهاز كمبيوتر وآلات طباعة باهظة الثمن أما القطع الأثرية فقبل فترة قمنا بحصر تلك القطع وتوثيقها ونقلها واخفائها في مكان آمن وكذلك عملنا في متحف سيئون خوفاٍ من تدهور الأوضاع الأمنية والتي قد تؤدي إلى أعمال نهب وسرقة قد تطالها هذه المتاحف وفعلا كانت توقعاتنا في مكانها وكان حرصنا في مكانة فلو كانت القطع الأثرية معروضة في المتحف أو مخزنة فيه أثناء عملية الاقتحام ربما كانت تعرضت للسرقة وبشكل كامل وهي قطع أثرية ذات أهمية وقيمة كبرى.
الوضع لا يزال غير مستقر
وأضاف باوزير أن الوضع في المكلا لا يزال غير مستقر ومرشح للتوتر والتطور في أي وقت صحيح أنه ليس بالحدة التي كان عليها في الأيام الماضية ولكن يضل مخيفا كونه لا يزال غامضاٍ ومرشحاٍ كما قلت للتصعيد وهنا تزداد مخاوفنا على المواقع والمعالم الأثرية التي تعيش أوضاعا صعبة من قبل فكيف اذا عاد التوتر وتصاعدت الأحداث وبالتالي قد تكون عرضة أكثر من غيرها للتدمير والعبث فمثلا متحف المكلا موقعه يجعله عرضة للتدمير والخراب كونه يقع بين الكثير من المنشآت الحكومية الحساسة حتى متحف سيئون اذا ما حصل اقتحام لسيئون لا قدر الله من قبل القاعدة فسوف يكون أول المواقع المهددة بالاقتحام كونه يقع في أحد أهم المباني الكبيرة والمطلة على المدينة بشكل عام وهو قصر السلطان الكثيري وبالتالي مواقع استراتيجي هام.
– طيب سبق وأن قامت القاعدة باقتحام مدينة سيئون هل قامت باقتحام متحف مدينة سيئون الواقع في قصر السلطان الكثيري¿!
– وهنا يجيب الأخ عمر باوزير أن القاعدة بالفعل سبق لها وأن قامت باقتحام سيئون ووصلت فعلا إلى قصر الكثيري ولكنها اكتفت بأخذ صور تذكارية أمام بوابة القصر من خارج ولم تدخل أو تقتحم القصر ولكن ليست كل مرة تسلم الجرة.
لا يوجد حارس واحد للمواقع الأثرية
وبالعودة إلى ما ذكرته سابقا بأن المواقع الأثرية في محافظة حضرموت تعيش أوضاعا صعبة كيف ذلك وما هي أبرز المواقع الأثرية في محافظة حضرموت¿¿
يرد باوزير قائلا: بالفعل تعيش المواقع الأثرية في محافظة حضرموت أوضاعا صعبة وهي معرضة للخطر أيام السلم فكيف بأيام الحرب فقد تعرضت لأعمال التخريب والعبث ولا يوجد في هيكلنا أو ضمن كادرنا بمكتب الآثار بحضرموت شيء اسمه حراس مواقع أثرية لا يوجد حارس واحد للمواقع الأثرية في حضرموت فمن المعروف أن يتم توظيف حارس واحد على الأقل لكل (20) موقعاٍ على أن تكون هذه المواقع متجاورة مع بعضها.
ولكن للأسف الشديد ورغم مطالبتنا الدائمة بضرورة توفير حراسات للمواقع الأثرية في عموم محافظات الجمهورية ولكن لم يتم توفير ذلك تصور أن محافظة الجوف يصل عدد حراس المواقع الأثرية فيها إلى قرابة (200) حارس ونحن لا نقول حراس يحمون المواقع من خطر المواجهات المسلحة أو الأعمال الإرهابية المتاحف لا ينفع معها إلا قوات كبيرة تحميها ولكن الحراس من أجل حماية المواقع من أعمال العبث والتخريب الذي يقوم به بعض المواطنين الذين يبحثون حسب اعتقاداتهم على بعض الكنوز القيمة ومن المواقع الأثرية التي تعرضت لأعمال تخريب وعبث موقع ريبوت الأثري الواقع أعلى وادي دوعن وهو عبارة عن مستوطنة كبيرة تعود لحقب تاريخية متعاقبة وقد تمت فيها أعمال تنقيب لعشر مواسم قام بها علماء روس قبل الوحدة وأيضاٍ بعد الوحدة كذلك ما تعرض له حصن الغويزي هذا الحصن التاريخي العريق من أعمال سلب ونهب وقعت على حديقته التي استهدفت مشروعاٍ نفذه الصندوق الاجتماعي لتنمية إعادة تأهيل وتطوير الحديقة التابعة للحصن تحسين وإضاءة وتطوير وتسوير ورصف نهبت كلها وهذا أيضاٍ كان سببه غياب الحراسات ويمكن القول إن ما قبل الأحداث الأخيرة في المكلا كانت موجودة عصابات النهب والسلب للبنوك والمنشآت العامة والتقطع للسيارات الحكومية هذا في المكلا قد يكون الحال أفضل نوعاٍ ما في سيئون وما جاورها وإن كانت أبرز المشاكل والتحديات التي تواجهها المواقع الأثرية هناك تتمحور حول نزاع جار على مواقع أو زحف عمراني على حرم الموقع أو ادعاء الملكية لموقع أو أجزاء من موقع وهي حاجات تحصل عادة أيام السلم.
أبرز المواقع الأثرية بحضرموت
وماذا عن أبرز المواقع الأثرية في محافظة حضرموت أجاب باوزير أن ابرز المواقع الأثرية هي ريبوت وأيضاٍ موقع من حضرموت الساحل اسمه “شرمة” وهي عبارة عن محمية طبيعية وتاريخية تعود لثلاثة عصور الحجري – عصر الحضارات – العصر الإسلامي) أي ثلاثة مواقع تاريخية يضاف إليها جمال الساحل وساحريته واحتوائه على كائنات بحرية جميلة مثل السلاحف أيضاٍ موقع مريمة يعود للعصر الإسلامي تم استهدافه بمشروع من قبل الصندوق الاجتماعي وتسويره أيضاٍ موقع الغرف وعادية الغرف وموقع قارة وناهجة وهي إسلامية وموقع يعود إلى ما قبل الحضارة وهو في سوقة ومشرة وفيها توجد معابد قديمة تعود إلى دولة حضرموت ما قبل الإسلام.
وفي نهاية حديثه دعا باوزير وزارة الثقافة إلى ضرورة توفير بعض الإمكانيات للفرع ليتم من خلالها مواجهة بعض الاحتياجات الضرورية والعاجلة فالفرع مثلاٍ ليس قادراٍ على إصلاح الأبواب والنوافذ التي تكسرت بفعل الاقتحام التي تعرض له متحف المكلا وهناك أماكن تحتاج إلى أبواب ونوافذ جديدة ولا يوجد موازنة تشغيلية للفرع يمكن من خلالها توفير تلك المتطلبات العاجلة مشيراٍ إلى أن كافة الاحتياجات تم رفعها إلى قيادة الهيئة آملاٍ منهم التعاون في توفيرها وبصورة عاجلة وسريعة.