قال الخبير الاقتصادي الدكتور عبد السلام المخلافي: إن الوضع الاقتصادي يمر بمرحلة حرجة وشديدة الخطورة وعلى حافة الخطر .. بسبب استمرار تصاعد وتيرة الأحداث الداخلية والعدوان السعودي الظالم.
ولفت إلى أن الضرورة الاقتصادية تتطلب السعي بكل السبل لإنهاء العدوان والحصار من خلال البحث عن مداخل سياسية تقلل من الكلف والأعباء التي لا يتحملها الاقتصاد الوطني دون تقديم أي تنازلات مهمة تنال من الكرامة الوطنية .. إلى جانب العديد من الخيارات المتاحة أمام البلد التي تجدونها بثنايا هذا الحوار.. فإلى التفاصيل:
* ما قراءتكم للوضع الاقتصادي للبلد في الوقت الحالي¿
– الوضع الاقتصادي يمر بمرحلة حرجة وشديدة الخطورة أو هو على حافة الخطر .. فهناك مخاوف حقيقية في أن يؤدي استمرار تصاعد وتيرة الأحداث الداخلية والعدوان السعودي الظالم من غياب الأمن وعدم الاستقرار السياسي إلى أن تصل الأمور إلى مستوى من العجز الكلي والشامل للحكومة لا تستطيع معه توفير الأموال اللازمة لتقديم الخدمات الأساسية من تعليم وصحة .. نتيجة لعدم توافر الموارد اللازمة لذلك لاسيما بعد أن انسحبت المنظمات الدولية من اليمن وفي المقدمة البنك الدولي .. خاصة وأن الوضع الاقتصادي في بلدنا كان شديد التعقيد ولم تفلح برامج الإصلاح الاقتصادي التي اتفقت عليها الدولة منذ العام 1990م مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي من إحراز أي نجاح في التغلب على الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد أو تقليصها نتيجة شدة السطوة التي كان يتمتع بها الفساد الإداري والمالي .. ونتيجة لسوء إدارة الاقتصاد فإن أكثر من نصف السكان بحاجة إلى مساعدات إنسانية ووفقا لتقارير اليونسيف فإن نسبة من هم تحت خط الفقر يصل إلى 60% من السكان وأن (900) ألف طفل بالإضافة (210) آلاف آخرين يعانون من سوء التغذية لا سيما بعد توقف المساعدات الإنسانية وإيقاف البنك الدولي لأنشطته في اليمن والدعم المقدم للحكومة اليمنية من دول الخليج قبل عدوانها فما بالك بالأمر بعد العدوان والحصار المفروض لإنهاك ما تبقى من الاقتصاد الوطني.. ولكن هذا الوضع الاقتصادي سوف يدفع إلى اتساع ظاهرة التطرف والإرهاب خاصة بين شباب.. وأن علاجها اقتصادي وليس أمنياٍ.
* ما هي الآثار الاقتصادية المترتبة على استمرار الأزمة السياسية¿
– تمثل الآثار المترتبة على الأزمة السياسية سلسلة من التداعيات التي تتسع وتتكاثر مخلفة الكثير من الأعباء والكلف على الاقتصاد وعلى حياة الناس وهي تداعيات سوف تستمر حتى مع تحقيق انجازات على الصعيد السياسي لأن الاقتصاد ومن قبل حدوث هذه الأزمة كان يعاني من حالة اختلال وركود وتباطؤ كبير وتعتمد الدولة في تسيير أنشطتها المختلفة على الهبات والمعونات التي يقدمها المقرضون والمانحون بالإضافة على عوائد النفط والضرائب لذلك فإن ما فعلته الأزمة أنها أجهزت على وضع متهالك وأنهت ما تبقى فيه عناصر حياة وعلى افتراض انتهاء الأزمة فإن حدوث تحسن يحتاج إلى وقت ليس بالقليل وهذا يظهر ما لايدع مجالاٍ للشك عدم إدراك أطراف الصراع السياسي للآثار التي تخلفها أفعالهم ليس على المجتمع وحده إنما عليهم أنفسهم إن تحقيق أي انتصار سياسي في مجتمع يئن تحت وطئة المخمصة والإملاق والفاقة لا قيمة له لاسيما في ظل مناخ دولي لم يعد متسامحا كما كان في تقديم أي عون لا يكون في إطار دعم وتحقيق مصالحه أولاٍ من بين الآثار البادية للعيان..
* هل من طرق سليمة لإدارة الاقتصاد في ظل الوضع القائم¿
– لقد كان غياب التخطيط وعدم كفاءة الإدارة الاقتصادية من أهم الأسباب وراء الاخفاقات التي مني بها الاقتصاد الوطني خلال العقود الماضية والخيارات المتاحة اليوم أمام الدولة محدودة ولذلك لابد من تشكيل فريق اقتصادي من كبار الباحثين في الجامعات اليمنية لاسيما ممن تتوافر لديهم خبرات اقتصادية عملية للبحث عن بدائل اقتصادية وكذلك استخدام أدوات السياسة المالية بصورة علمية دقيقة وإعادة تخصيص الموارد بحسب أولويات يتم تحديدها من منظور المصلحة العامة وتجفيف منابع الفساد داخل قطاعات الدولة لتوفير وتجميع الموارد الضرورية لتسيير عجلة الاقتصاد الوطني ولو في الحدود الدنيا كما يمكن البحث عن آليات مقبولة لتحفيز القطاع الخاص للمشاركة في تجاوز التحديات القائمة ولدينا مئات الدراسات التشخيصية يمول قسم مهم منها بقروض محفوظة في خزائن بعض الجهات الحكومية لم يتم الاستفادة منها يمكن إخراجها وتكليف فريق اقتصادي بإعادة دراستها وتقييم مدى إمكانية الاستفادة منها ويمكن أن يتم بناء عليها وضع خارطة طريق للتحرر ولو جزئيا من الجمود الجاثم على صدر الاقتصاد .
* في حال استمرار دول العدوان في فرض الحصار الاقتصادي على الوطن فما الخيارات المتاحة¿
– ليست كل الدول مشاركة في الحصار ولايزال هناك دول كثيرة وهامة تقف إلى جانب اليمن ويمكن إبرام اتفاقيات تعاون معها سواء للاستثمار أو اتفاقيات سلعية لتمويل اليمن من احتياجاتها من السلع وإعادة تخصيص الموارد المتاحة وفقا للأولويات الهامة ولو من خلال إجراءات قاسية والسعي بكل السبل لإنهاء الحصار من خلال البحث عن مداخل سياسية تقلل من الكلف والأعباء التي لا يتحملها الاقتصاد الوطني دون تقديم أي تنازلات مهمة تنال من الكرامة الوطنية .
* أين يقف القطاع الخاص من الدعم الوطني¿
– لقد أدى الفساد الإداري والمالي الذي كان مستشريا داخل الدولة إلى نزوح كبير ومعاكس لرؤوس الأموال من اليمن حتى قبل حدوث الأزمة وتم تصنيف اليمن على أنه البلد الأعلى في مخاطر الاستثمار لذلك تفوقت عوامل الطرد على عوامل الجذب ورأس المال كما يقال جبان يحتاج جذبه إلى الاستقرار والأمن وإلى تطوير قوانين الاستثمار والضرائب وتطوير البنية التحتية وتعزيز سيادة القانون وتقديم كافة التسهيلات والتحفيزات والإغراءات في سوق تنافس دولي لجذب رؤوس الأموال المتاحة أما في ظل الوضع القائم فإن القطاع الخاص لا يجد من المحفزات ما يجعله يفضل الاستثمار في اليمن ..
* رسالتكم لقادة البلد¿
– الاقتصاد هو طوق النجاة وهو الطريق إلى تعزيز قوة اليمن في مواجهة التحديات حالا ومستقبلا وما لم يتحسن وضع الاقتصاد فإن اليمن يظل في حالة ضعف وعجز في مواجهة التحديات التي تنتصب في طريقها .. المطلوب عقلانية اقتصادية تستفيد من كل العناصر وتسخر كل الموارد ولامكانيات لتحقيق النهوض المأمول وأن تستند هذه العقلانية الاقتصادية إلى عقلانية سياسية تلم شمل اليمنيين وتوحيد صفوفهم وتتخذ من وحدتهم جسر عبور إلى المستقبل ..