يوم الجمعة الماضية أفاق معظم أعضاء الوفد الصحفي والإعلامي الزائر لمحافظة صعدة على صوت المؤذن لصلاة الفجر فيما كنت وبعض أعضاء الوفد نسبح في ملكوت جمال صعدة ونقلب في أذهاننا بعضاٍ من المآسي التي لحقت بأبناء المحافظة جراء الحروب الستة التي اندلعت فيها وحين حان موعد زيارة منطقتي حيدان ومران صعد الجميع على متن الباصات التي خصصت لأعضاء الوفد الصحفي والإعلامي خلال فترة زيارتهم لصعدة.. فقلت للأخ محمد نجم الدين الحوثي وهو واحد من المنتمين لحركة “أنصار الله”: كم تبعد مران عن عاصمة المحافظة¿
فرد قائلاٍ: نحو (150) كم.. والطريق مسفلتة ومريحة.. وانطلقنا إلى وجهتنا تلك والشوق يغمرنا لمران الأرض الخصبة الخضراء والإنسان الأصيل المؤمن بالله وبقدره وقضائه المحب لوطنه وشعبه..
طريق الموت
* في مختلف أصقاع العالم تعد الطرقات شريان الحياة باستثناء محافظة صعدة التي شقت الطرقات فيها قبل وخلال حروبها الستة بهدف قتل الحياة.. حيث عمدت الحكومة عقب ظهور ما كان يطلق عليه” الشباب المؤمن” في منطقة مران إلى شق طريق إسفلتي من مدينة صعدة حتى أعلى جبل في مران خلال فترة قياسية لا تتعدى الستة الأشهر في سبيل وصول قوات الجيش وعتادها العسكري إلى هنالك للقضاء على “الشباب المؤمن” والزعيم الروحي لهذه الحركة أو الجماعة السيد حسين بدر الدين الحوثي فكان للحكومة وبعض قيادات الجيش ما أرادت حيث قتلت زعيم “الشباب المؤمن” والكثير من طلابه وأبناء مران إلا أنه سرعان ما اندلعت الحرب الثانية خلال الفترة (مارس- مايو 2005م) بين من تبقى من جماعة الحوثي وقوات الجيش وأدت إلى مقتل أكثر من (200) شخص من أفراد الجيش والحوثيين وإلى دمار العديد من المنشآت التربوية والصحية والعديد من المنازل في منطقتي حيدان ومران والمناطق المجاورة لهما.
اعتراض
* يقول الحاج صلاح عبدالله مشكي: في الحرب الأولى حاول بعض القادة العسكريين شق طريق بأتجاه جبل الحكمي المطل على حيدان إلا أننا نحن أهالي حيدان ومران اعترضنا على ذلك حتى لا يتم نقل وحمل السلاح الثقيل إلى رأس الجبل فنتعرض ومنازلنا للأخطار والهلاك على أيدي الطرفين (الجيش والحوثيين)..
ويضيف: هنالك طرقات عديدة بمحافظة صعدة لا تتعدى طولها نصف طول طريق مدينة “عمران- مران” التي شقت وسفلتت في أقل من ستة أشهر تستغرق عملية شقها وسفلتتها أكثر من عامين كون قوات الجيش لا تستخدمها في ضرب ” المجاهدين” يقصد “أنصار الله” لأنهم لا يتواجدون بكثرة في المناطق التي تتعثر فيها مشاريع الطرقات..
ويختم حديثه قائلاٍ: كل أسر منطقة مران دفعت ثمناٍ باهضاٍ في حروب صعدة ومنها أسرتي التي قدمت ستة شهداء في الستة الحروب.. ونتمنى أن لا تعود الحرب مجدداٍ إلى مران أو إلى غيرها من مناطق محافظة صعدة وبقية محافظات الجمهورية.
جرف سلمان
قبل اندلاع الحرب الأولى في صعدة أمر السيد حسين بدر الدين الحوثي, أهالي مران بحفر جروف في جبال المنطقة حفاظاٍ على حياتهم إذا ما شن الجيش حرباٍ عليهم.. كما قال الأخ محمد نجم الدين الحوثي فتجاوب الكثير منهم معه وحفروا جروفاٍ عديدة بأحجام متفاوتةº ومنها جرف سلمان الذي خصص لحسين الحوثي وبعض من أقاربه وقادات (الشباب المؤمن) ولم تمض سوى فترة قصيرة من حفر وتجهيز الجروف حتى شنت قوات من الجيش حرباٍ شرسة على مران أدت إلى مقتل العشرات من الرجال والشباب والنساء والأطفال بمن فيهم من كانوا يختبئون في الجروف وفي مقدمتهم السيد حسين بدر الدين الحوثي, كما أدت إلى تدمير العديد من المنازل منها منزل زعيم ما كان يطلق عليه “الشباب المؤمن” قبل أن يتحول هذا الاسم فيما بعد إلى حركة “أنصار الله” والذي يقع إلى جوار ضريحه بمران.. ورغم كل هذه المآسي وغيرها من المآسي والمعاناة التي خلفتها الحروب لم يستسلم أبناء مران خاصة وأبناء صعدة عامة بل واصلوا حياتهم وكفاحهم وزرعوا الأرض وأعادوا بناء معظم ما دمرته الحروب في وقت قصير جداٍ ولم يألون جهداٍ في الدفاع عن قضايا الوطن والذود عن حياضه جنباٍ إلى جنب مع أبناء القوات المسلحة والأمن الذين يتقاسمون مع اللجان الشعبية التابعة لـ”أنصار الله” النقاط الأمنية المنتشرة ابتداءٍ من حدود صعدة مع مديرية حرف سفيان بمحافظة عمران حتى آخر نقطة على الحدود اليمنية – السعودية شمالاٍ.
متعة وحزن
وبعد زيارة ممتعة وحزينة في آن واحد لمران ممتعة بالمناظر الطبيعية الخلابة الساحرة بالهواء العليل وببساطة وأصالة وكرم أبنائها وحزينة من هول المشاهد المأساوية الناتجة عن الحروب والتي أطلعنا على بعض من تفاصيلها أثناء تلك الزيارة التي دامت يوماٍ كاملاٍ لمنطقة مران بعد هذه الزيارة غادرنا سالكين ذات الطريق التي وصلنا عبرها والتي يوجد على قارعتها العديد من مخلفات الحروب من العتاد والمعدات العسكرية التي استخدمها الجيشان اليمني والسعودي في حروبها على صعدة منها بقايا صواريخ متوسطة المدى وصواريخ كاتيوشا وذخائر دبابات ومدافع ورشاشات… البعض منها مرسوم عليها شعارات الحرس الملكي السعودي..
شعارات
ومما لفت بل شد انتباهنا هو وجود وانتشار شعارات حركة أنصار الله في كل الأماكن التي أتيحت لنا الفرصة لزيارتها بما فيها الجوامع ومنابرها من الداخل وكذا المدارس والمقابر والطرقات والمحلات التجارية و….و.. الخ وبالإضافة إلى الشعارات المكتوبة التي يتصدرها شعار ما يطلق عليه الصرخة “الموت لأمريكا الموت لإسرائيل اللعنة على اليهود النصر للإسلام” تنتشر بكثرة صور مؤسس جماعة “الشباب المؤمن” السيد حسين بدرالدين الحوثي التي تحولت في عهد خلفه السيد عبدالملك الحوثي إلى حركة “أنصار الله” في كثير من الشوارع والأماكن العامة وتبرز في بعضها مقتطفات قصيرة من خطابات ومحاضرات وأحاديث حسين الحوثي.. الأمر الذي يعكس تأييد وقبول السواد الأعظم من أبناء محافظة صعدة لحركة “أنصار الله” إن لم يكن جميعهم.
تقديم المعلومات
الأخ ضيف الله الشامي عضو المكتب السياسي لحركة “أنصار الله” الذي رافق الوفد الصحفي والإعلامي منذ بداية زيارته لمحافظة صعدة يوم الخميس الموافق 12 مارس الجاري وحتى يوم السبت الموافق 14 مارس الجاري وهو اليوم الأخير لزيارة الوفد لصعدة حرص على تقديم معلومات موسعة حول الأماكن والمناطق التي زرناها وما جرى فيها من أحداث واستحداثات.. ولم يكتف الشامي ومن معه من كوادر حركة أنصار الله على تقديم تلك المعلومات فقط بل قاموا ببذل الجهود المتواصلة لتوفير سبل الراحة والاطمئنان والاحتياجات لأعضاء الوفد كافة دون استثناء وغمرهم بالحفاوة والكرم.
تصوير/مازن رشاد