تعتبر السوق الخليجية من الأسواق المفتوحة على العالم العربي والدولي وتستقطب أيادي عاملة من مختلف أنحاء العالم إلا أن العمالة اليمنية في هذه الأسواق تتراجع يوما بعد آخر بسبب السياسات التي تنتهجها حكومات دول الخليج تجاه اليمن واليمنيين رغم الكفاءات والخبرات التي تمتلكها الأيدي العاملة اليمنية في مختلف المجالات الاقتصادية والتنموية والزراعية.
وتوفر فرص العمل الممكنة لتشغيل العمالة اليمنية في أسواق العمل الخليجية مجالاٍ كبيراٍ لتشغيل العمالة اليمنية محدودة المهارة حيث تشير البيانات الرسمية المنشورة عن سوق العمل الخليجي بأن 56% 74.12% 66.6% من العمالة الوافدة المشتغلة في كل من المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان ودولة الكويت على التوالي من ذوي المهارات المحدودة التي تحمل مؤهلاٍ تعليمياٍ دون الثانوية أو يقرأ ويكتب أو أمي وبما يمثل حوالي 82% في المتوسط من إجمالي قوة العمالة الوافدة في الدول الثلاث ويتوفر للقوى العاملة اليمنية ميزة نسبية في هذا المجال.
كما أن من هذه الفرص حسب دراسة وورقة العمل للباحث عبدالعليم عبدالقادر مدهش حول “دور مكاتب التشغيل الخاصة في تصدير العمالة اليمنية إلى دول مجلس التعاون الخليجي” إنشاء أكثر من 50 منطقة اقتصادية في أربع مدن في المملكة العربية السعودية فقط ومنها مدينة الملك عبدالله الاقتصادية مدينة الأمير عبدالعزيز بن مساعد الاقتصادية مدينة المعرفة الصناعية ومدينة جيزان الصناعية والتي ستولد فرص عمل تصل إلى حوالي 1.5 مليون فرصة عمل الأمر الذي يتيح لاستيعاب وتشغيل الأيدي العاملة اليمنية فيها وهذا يتطلب تطوير الموارد البشرية اليمنية لتكن قادرة على المنافسة في هذه الأسواق الواعدة من العمل والتي ستتركز على مجالات الصناعات الخفيفة وخدمات الموانئ والصناعات الزراعية والمعادن والمواد الإنشائية والصناعات المعرفية والسياحية بالإضافة إلى الصناعات الثقيلة والتنموية البشرية.
ويعتبر وجود فرص واسعة لتشغيل العمالة اليمنية في قطاعي التجارة والبناء والتشييد بدول المجلس والتي تصل في دول المجلس باستثناء “الإمارات وقطر” إلى حوالي 4.5 مليون عامل ونسبة تبلغ 63% من إجمالي العمالة الوافدة المشتغلة حالياٍ وهذه القطاعات يمكن للعمالة اليمنية المنافسة فيها.
كما أن إمكانية استيعاب أعداد متزايدة من العمالة اليمنية للمساهمة في الحد من الاختلال القائم في التركيبة السكانية لدول المجلس تتراوح بين 90% الإمارات و25% في عمان بما يساعد على تخفيف التوازن الديمغرافي الآمن ويحافظ على الهوية الخليجية والعربية الإسلامية لدول المجلس ويضمن استقرارها الاجتماعي ويدعم وضعها الاقتصادي والسياسي.. إلى جانب إمكانية استيعاب نسبة من العمالة اليمنية في القطاع الحكومي الذي يستوعب عمالة وافدة بحوالي 32% من إجمالي العمالة المشتغلة فيه وإمكانية استيعاب نسبة من العمالة اليمنية في الأعمال الموسمية.. وعودة الكثير من الاستثمارات الخليجية إلى منطقة الخليج وتحويلها إلى استثمارات في الاقتصاد الحقيقي ما يؤدي لتوليد مزيد من الطلب على فرص العمل.
ومن الصعوبات والعوائق أمام تشغيل العمالة اليمنية في أسواق العمل الخليجية نظام “الكفالة” حيث يعتبر نظاما معيقا لعملية انتقال العمالة اليمنية في سوق العمل الخليجي ونظام “الحصص” بين العمالة الوافدة يستثني استقدام العمالة اليمنية في بعض دول الخليج ونظام الحصول على “تأشيرة العمل” يعيق كذلك إمكانية الدخول إلى دول الخليج للبحث عن فرص عمل حيث يتم الحصول على تلك التأشيرات من خلال فيز عمل والتي تمر بسلسلة من الوسطاء ومما يجعل الحصول عليها بمشقة كبيرة وتكلفة عالية فضلا عن البيع الوهمي لفيز العمل وبدون أي ضمانات قانونية تؤمن بالفعل فرص العمل.
ومن العوائق أيضاٍ ارتفاع الرسوم المفروضة على تأشيرة استقدام العمالة والإقامة وتنمية الموارد والتأمين الصحي ورسوم انتقال العمال من كفيل إلى آخر.. بالإضافة إلى حظر توطين الوظائف حيث تتبع دول الخليج سياسات لإحلال عمالتها المحلية وتوطين الوظائف وتختلف نسب الإحلال من قطاع إلى آخر ومن دولة إلى أخرى.
وتتميز الأيدي العاملة الوافدة إلى سوق العمل الخليجي بامتلاك مجموعة كبيرة من المهارات الفنية والسلوكية الجيدة التي تلبي احتياجات سوق العمل في بعض القطاعات وانخفاض أجور العمالة الوافدة مقارنة بالعمالة الوطنية وارتفاع الكفاءة الانتاجية للعمالة الوافدة.. بالإضافة للحصول على العمالة الوافدة بالمواصفات المطلوبة بسهولة وسهولة التخلص من العمالة الوافدة بدون الالتزام بأي قيود قانونية وارتفاع مستوى خبرة العمالة الوافدة وعدم حاجتها للتدريب المكلف وانضباط العمالة الوافدة وحسن استخدام وقت العمل وتحلي العمالة الوافدة بالجدية والقدرة على تحمل المسؤولية والعمل الجماعي وسرعة التكيف والعمل في ظل ظروف مختلفة وقبول العامل الأجنبي للعمل والانتقال من مكان إلى آخر.
ويوصي الباحث مدهش في ورقة العمل الجانب الخليجي بإنشاء إطار مؤسسي مشترك لمتابعة الترجمة العملية لتوجهات دول الخليج بإعطاء العمالة اليمنية الأولوية في الاختيار والتوظيف من بين العمالة واستثناء العمالة اليمنية من نظام الكفيل والإعفاء من الرسوم المفروضة على تأشيرات استقدام العمالة اليمنية ورسوم انتقالها بين الأعمال والمهن.. بالإضافة إلى تسهيل منح تأشيرات الدخول لليمنيين إلى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لإتاحة الفرصة أمامهم للبحث عن فرص عمل وإتاحة الفرص للعمالة اليمنية للعمل في المهن المحظورة على العمالة الوافدة وإتاحة الفرصة للعمالة اليمنية للعمل في الإعمال الموسمية.
وأوصى الباحث بضرورة تأسيس آلية مستمرة لتدفق المعلومات بين الجهات ذات العلاقة في اليمن ودول المجلس حول التخصصات والمهن والمهارات المطلوبة في سوق العمل وتشجيع القطاع الخاص الخليجي على الاستثمار في بناء مراكز ومعاهد متخصصة لتستجيب بصورة ديناميكية لتطورات أسواق العمل في اليمن والخليج وزيادة الدعم المقدم من دول الخليج في مجال التأهيل والتدريب للعمالة اليمنية وتفعيل الاتفاقيات الثنائية الموقعة بين اليمن ودول مجلس التعاون بخصوص تشغيل العمالة اليمنية.
ومن السياسات والبرامج المطلوبة على المستوى الوطني لتطوير الموارد البشرية بناء مراكز متخصصة لتأهيل وتدريب المدربين وبما يغطي احتياجات مؤسسات التأهيل والتدريب بالكفاءات المطلوبة من المدربين في مختلف التخصصات والمهن وإنشاء جامعات وكليات متخصصة في مجال تقنية تكنولوجيا المعلومات مع إشراك القطاع الخاص في هذا المجال والاسترشاد بالتخصصات والمهن والمهارات المطلوبة في سوق العمل بدول المجلس لتوجيه المؤسسات التعليمية في اليمن لبناء قدرات قوة العمل بما يواكب احتياجات سوق العمل الخيجي وتطبيق نظام الاعماد التعليمي وضبط الجودة في كافة مستويات التعليم بما يسمح لها بالمنافسة في أسواق العمل الخارجية.. بالإضافة إلى دعم تطوير آليات عمل مكاتب التشغيل الخاصة وربطها بمكاتب التشغيل بدول المجلس ونقل إدارة وتشغيل بعض المعاهد الفنية والمهنية للقطاع الخاص لضمان تكيفيها السريع مع احتياجاته مع الإشراف الشديد على نوعية مخرجاته وتنفيذ برامج تدريبية قصيرة ومتنوعة لإعادة تأهيل العمالة محدودة المهارة وكذلك خريجي بعض الكليات النظرية بما يتناسب مع المهن والأعمال المطلوبة.
قد يعجبك ايضا