“نساء” من الرقة والحنان إلى مجرمات خلف القضبان

العميد سعاد: القانون غير منصف للمرأة.. والتوعية أبرز الحلول
مختصون اجتماعيون ونفسيون:
ـ حرمان المرأة من الحقوق الإنسانية والاعتداء عليها يصنع منها مجرمة
ـ عاطفة الحب والشعور بالغيرة تولد رغبة الانتقام
نساء خالفن الطبيعة التي تحكي عن نعومتهن وعاطفتهن, وحملن مختلف أنواع السلاح وتركن كل ما وصفن به من الرحمة والرقة في التعامل وشرعن في ممارسة أعمال مخالفة للقانون والشريعة, وأفعال لا يمكن أن يتوقع أو يفكر المرء بأن النواعم قد يقدمن على ارتكابها.
وزارة الداخلية كشفت مدى قسوة وفضاعة الجرائم التي ترتكبها المرأة والتي تخالف وتكسر القواعد المتعارف عليها بأن المرأة عنون للرقة والحنان.. وفي هذا التحقيق الذي تنفرد بنشره “الثورة ” حقائق بالأرقام عن حجم الجرائم التي ارتكبتها النساء في اليمن خلال العام المنصرم, والأسباب التي قد تدفع بالمرأة إلى ارتكاب الجريمة¿ وما الحلول لها¿.. نتابع..
التقرير الأمني لوزارة الداخلية لعام 2014م كشف عن تورط 531 امرأة منهن 49 حدثاٍ في ارتكاب جرائم جسيمة وغير جسيمة ومختلفة ومتنوعة في اليمن خلال العام الماضي مقابل 979 امرأة متهمة بارتكاب جرائم خلال عام 2013م .
وأوضح التقرير الإحصائي الأمني السنوي الصادر عن وزارة الداخلية أن النساء تورطن بارتكاب جرائم خلال الفترة نفسها من عموم محافظات الجمهورية.. مشيراٍ إلى أن العام الفائت شهد انخفاض في نسبة ارتكاب النساء للجرائم الجنائية وغير الجنائية.
في السياق ذاته أرجع مدير عام إدارة حماية الأسرة بوزارة الداخلية العميد/ سعاد القعطبي السبب الرئيسي الذي يدفع بالمرأة إلى ارتكاب الجريمة هو تعرضها لعنف أسري سواء من أهلها أو زوجها وكذا الحرمان العاطفي.. مشيرة إلى أن ارتكاب المرأة لجريمة قتل الزوج يكون بسبب حرمانها العاطفي وإهمال الزوج لها والخيانة من قبل الزوج أو نتيجة البخل الشديد و نتيجة لخوفها على أولادها عندما يستخدم الأب العنف ضدهم كذلك الظروف النفسية كالاكتئاب وحالة تغيير النفسية في الدورة الشهرية والحمل,و الفقر والأمية وحرمانها من حقوقها كالتعليم والورث.
ومن جانب النصوص القانونية فقد أكد العميد سعاد أنها غير منصف للمرأة وأنه تم رفع مشروع بعدة تعديلات من قبل اللجنة الوطنية للمرأة وكذلك قضايا الدفاع عن الشرف وغيرها.. لافتة إلى أن الحلول لهذه القضية يكمن في التوعية من خلال خطباء المساجد بكيفية التعامل مع المرأة وإعطائها الأمان والحنان وكذا عبر وسائل الإعلام المختلفة.. مشددة على ضرورة إيجاد مراكز شرطة متخصصة بالقضايا الأسرية حتى يكون باستطاعة أي امرأة تقديم شكواها والحصول على المكان الآمن والعادل لها وكذا قانون خاص للعنف الأسري ونيابة ومحكمة مختصة بهذا العنف فقط وكذلك يكون مركزاٍ للعلاج النفسي لإعادة تأهيل المرأة المعنفة .
أما عن دور وزارة الداخلية فقد قال مدير عام إدارة حماية الأسرة” دور الداخلية يكمن في جمع الاستدلالات وإحالة القضايا إلى النيابة فقط فيأتي دور الإدارة العامة لحماية الأسرة وذلك بالنزول إلى السجون ومعالجة بعض من مشاكلهم بالتنسيق مع اتحاد نساء اليمن, كتقديم العون القانوني وكذلك المشاكل الصحية والغذائية”.. منوهاٍ بأن أكثر أنواع الجرائم المرتكبة من قبل المرأة هي “قتل المواليد, والسرقة, والخيانة الزوجية….”
في هذا الجانب حمل الدكتور /أحمد محمد قاسم عتيق ـ أستاذ الاجتماع بجامعة صنعاء الأسباب والدوافع التي تؤدي بالمرأة إلى ارتكاب الجرائم الجنائية منها القتل أو غيرها من الجرائم, مؤكداٍ أن عدم احترام مكانة المرأة الإنساني في الأسرة أياٍ كان موقعها والتعامل معها بوصفها أداة للخدمة تحرم من حقوقها الإنسانية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي ما يؤدي إلى جعل المرأة تشعر بالغربة داخل أسرتها بالإضافة إلى حرمان المرأة من حقوقها في الميراث ومصادرته من قبل أحد أفراد الأسرة من الرجال وجعلها تعيش معتمدة عليهم مما يوقعها تحت الهيمنة والتسلط من قبل أحدهم مما يدفعها إلى التفكير بالتخلص من هذا الوضع وقد يكون عبر جريمة القتل.
ويأتي هذا الامتهان بحسب الدكتور عتيق عبر توجيه ألفاظ السب والشتيمة أو الاعتداء بالضرب أمام أفراد الأسرة وغيرهم مما يسبب هذا العنف اللفظي المعنوي أو المادي في دفع المرأة إلى محاولة التعبير عن وجودها بالسلوك الخطأ المتمثل بجريمة القتل مشيراٍ إلى أن عدم إحساس المرأة بمردودها الإنتاجي من قبل الأسرة والمجتمع مقابل ما تقدمه من أعمال لتأمين معيشة الأسرة لاسيما عند غياب الرجل ومع ذلك فهي لا تلاقي التقدير والاحترام المناسب من قبل أفراد أسرتها وخاصة الزوج رغم تحملها كل أعباء التربية والدفاع عن الأسرة لتْنشئ أسرة قوية والحفاظ على ممتلكاتهم العقارية والنقدية.
وأوصى أستاذ الاجتماع بضرورة تصحيح العلاقة بين الرجل والمرأة وتوازنها بصورة تقوي الروابط الأسرية وإيجاد علاقة حميمة مما يعكس وسطاٍ إيجابياٍ على نشأة سليمة للأطفال ذكوراٍ وإناثاٍ.
وشدد الدكتور عتيق على ضرورة القيام ببرامج التوعية المختلفة في وسائل الإعلام وفي الجوامع وعلى مواقع التواصل الاجتماعي بحيث تهدف هذه البرامج إلى تحقيق الاحترام المتبادل وثبات العلاقة بين المرأة والرجل بصورة إيجابية وعدم مصادرة حقوقها في مجالات الحياة والانتقاص من مكانتها واحتقارها وامتهان كرامتها وكذلك عدم تقدير مهارة المرأة وقدراتها بوصفها عاملاٍ إبداعياٍ في الحياة بمختلف مستوياتها. وبحسب الدكتور عتيق, فإن هذا الأمر لا يمكن أن يتحقق إلا وفق خطة برمجية استراتيجية تتكفل بإعدادها وزارات الشؤون الاجتماعية الصحة التربية الإعلام التعليم العالي الجمعيات والاتحادات النسوية عبر خبراء مختصين ثم إقامة الندوات والمحاضرات والحلقات النقاشية التي تساعد في الحد أو التخفيف من جرائم القتل التي ترتكبها النساء ضد الرجال في الأسرة والمجتمع وغيرها من الجرائم.
الأسباب والدوافع
ومن جهتها أوضحت الأخصائية النفسية الدكتورة منال هزاع أن هناك العديد من الأسباب النفسية التي قد تجعل المرأة مجرمة وقاتلة بين لحظة غير متوقعة موضحة : هناك العديد من البحوث والتجارب التي أجريت تؤكد أن المرأة أقل إجراماٍ من الرجل والنظرية الفسيولوجية تقول إن ضعفها الجسمي يجعلها أقل إجراماٍ وإن المرأة لديها شعور عاطفي أقوى ولا سيما ما تتميز به من الأمومة ورعاية الأبناء مما يجعلها أقل عرضة لارتكاب جريمة القتل ونظرية المخالطة تقول إن الرجل له دور أكبر وأكثر في المجتمع من المرأة مما يجعله أكثر إجراماٍ منها.
وأرجعت الدكتورة منال الأسباب والدوافع التي تجعل المرأة ترتكب جريمة القتل إلى الحالات المرضية التي تجعل المرأة تحت تأثير مرض معين كاختلال عقلي يدفعها لارتكاب جريمة ما أو الدوافع الشخصية مثل العمر فالمرأة التي ترتكب جريمة القتل عادةٍ تكون صغيرة السن وكذلك جهل المرأة التي لم يكتمل النضج الفكري والعقلي لديها بالإضافة إلى الأوضاع المعيشية المتردية والتربية وغياب التنشئة الصالحة والقدوة الحسنة .
وأضافت هزاع: أيضاٍ العوامل الذاتية لإجرام المرأة وتعني مجموعة من الصفات والخصائص المرتبطة بشخص المرأة أي بتكوينها العضوي والنفسي والعقلي والتي يؤدي تفاعلها مع العوامل الخارجية المحيطة بها إلى وقوع هذه الجريمة ومنها العوامل الوراثية حيث إن المقصود بالوراثة في هذا الموضوع هو انتقال خصائص وصفات معينة سواءٍ كانت عضوية أو نفسية كالعاهات الجسمية أو الأمراض العضوية والنفسية أو الإعاقات العقلية…الخ من الأصل إلى الفرع فتلك الصفات والخصائص الوراثية قد تدفع حاملها إلى ارتكاب الجريمة. وهذا يعني أن الوراثة ليس عاملاٍ حتمياٍ في خلق السلوك الإجرامي وإنما تعتبر عاملاٍ احتمالياٍ. فهذه الصفات أو الخصائص لا تعني أن من يحملها يكون بالضرورة مجرماٍ إذا كان سلفه مجرماٍ فهي عبارة عن إمكانات لا تولد الجريمة نفسها وإنما تولد نسبة استعداد إجرامي يهيئ الشخص إذا صادف ظروفاٍ بيئية واجتماعية معينة إلى سلوك طريق الجريمة. إلاِ أن هذه النتيجة لا تعني وجود صلة قطعية للوراثة بارتكاب هؤلاء النساء للجرائم فالأمر قد يعود إلى البيئة السيئة والظروف المعيشية الصعبة التي نشأ وعاش فيها أفراد تلك الأسر.
قتل أزواجهن
وهذا ما أكدته الأخصائية الاجتماعية وهيبة نجيب – مضيفة: إن الجرائم التي ترتكبها النساء وعلى رأسها القتل قد يكون وقوعها في عاطفة الحب الشديد قد يؤدي بها إلى الشعور بالغيرة الجارفة والتي بدورها قد تؤدي بها تحت ظروف معينة إلى الانتقام عن طريق ارتكاب الجريمة . كما أن عاطفتها الشديدة قد تجعلها تحمل الكراهية الزائدة لشخص ما أثر فيها أو أساء إليها وبالتالي قد يدفعها ذلك إلى إيذاء ذلك الشخص بارتكابها أخطر الأفعال الإجرامية مثل القتل والإيذاء البدني الجسيـــــم ولهذا نسمع أن العديد من النساء أقدمن على قتل أزواجهن إضافة إلى ذلك فإن تميْز المرأة بعاطفة الأمومة قد يجعلها تخاف على كيان أسرتها وأطفالها بشكل غير طبيعي وبالتالي قد تندفع نتيجة لذلك للدفاع عن أسرتها وأطفالها ضد أي محاولة للاعتداء عليهم عن طريق ارتكاب الأفعال الإجرامية بحد قول الأخصائية الاجتماعية وهيبة نجيب.
وقالت: عند الحديث عن العلاقة بين الرجل والمرأة بدءاٍ من الأسرة ومروراٍ بالمجتمع العام وانتهاءٍ بالمؤسسات الاجتماعية المختلفة فإنه لابد من الإدراك أن هذه العلاقة يجب أن تسير وتتطور وفق المصالح المشتركة المتمثلة في وجود طرفي المجتمع بوصفهما يكملان بعضهما من حيث: تلبية الحاجات المختلفة – الاحترام الاجتماعي لمكانتهما بالتساوي -عدم الانتقاص من قدرات بعضهما وخاصة المرأة .
وشددت على ضرورة أن تكون علاقة المرأة بالرجل سواء كانت زوجة أم أماٍ أم أختاٍ أم زميلة في العمل وعلى مقاعد الدراسة صحيحة وفي المساق السليم لم سيحد ذلك من حدوث أي إشكالات أو جرائم من أحدهم على الآخر .
أخيراٍ
كما  يبدو أن العلاقة القائمة بين المرأة والرجل في المجتمع اليمني خاصة أم العربي عامة تسير ويكتنفها كثير من الاختلالات التي تدفع المرأة لارتكاب العديد من الجرائم التي لا تتوافق مع طبيعة المرأة العاطفية المسالمة لأنه مصدر الحنان والرقة والجمال بالإضافة إلى الظروف الاقتصادية والنفسية والاجتماعية التي تعيشها المرأة.

قد يعجبك ايضا