176 قضية أمام المحاكم للمطالبة بـ9 مليارات و500 مليون ريال لسداد المودعين


■ تحقيق / معاذ القرشي –

مثل إفلاس البنك الوطني منذ ما يقرب 12 عاماٍ المؤشر على ما وصلت إليه الأوضاع في ذلك الوقت من استشراء للفساد والذي مس لأول مرة المركز المالي للكيان الاقتصادي والذي كان يحظى بثقة الجمهور فلقد وجد المودعون أنفسهم أمام انتكاسة اقتصادية ضاع فيها كل ما جمعوه من حصاد سنوات العمل والعرق وتحمل المشاق والاغتراب في بلاد الآخرينº ولقد تم تشكيل لجنة تصفية البنك الوطني من أجل الحفاظ على ما تبقى من أموال وممتلكات البنك لدى البعض من أجل مواجهة مطالب المودعين لقد بذلت اللجنة الكثير من الجهود ولا تزال واستطاعت استخراج الكثير من الأوامر التي تصب في صالح استعادة أموال المودعين لكن ضعف سلطات الدولة جعل اللجنة عاجزة عن تنفيذ الأحكام القضائية التي صدرت بحق من كانوا سبباٍ في إفلاس البنك الوطني رغم مرور سنوات على صدورها بحقهم.

وهذا الوضع انعكس على المودعين حيث واجه البعض منهم ولا يزال ظروفاٍ اقتصادية صعبة بل إن هناك من تعرض لجلطات دماغية بسبب إفلاس البنك وفقدان أسر المودعين الأمل في استعادة المبالغ المودعة بالإضافة إلى المماطلة وغياب الحلول العاجلة من قبل الدولة.
“الثورة” اقتربت من معانات المودعين في البنك الوطني والخطوات التي قطعتها لجنة تصفية البنك وأبرز الصعوبات التي تعترض عملها من خلال الحصيلة التالية :
بلغت عدد القضايا المرفوعة من لجنة تصفية البنك الوطني (176) قضية تضمنت إجمالي المطالبات فيها تسعة مليارات وخمسمائة مليون ريال تقريباٍ منها (6,308,327,823) ريال لدى كبار المدينين.
وأوضحت مذكرة صادرة عن محافظ البنك المركزي موجهة إلى رئيس الوزراء السابق مجمل الأعمال التي قامت بها اللجنة سواء من خلال متابعة من صدرت بحقهم أحكام لصالح البنك الوطني فلم تستطيع اللجنة البسط على العقارات التي آلت ملكيتها للبنك بموجب الأحكام القضائية حيث لا تزال تللك العقارات محل نزاع مع بعض المتنفذين الذين لا يزالون يستولون عليها بالقوة.
كما أشارت المذكرة التي حصلت عليها إلى أن مجمل المعالجات التي قامت بها اللجنة وبشكل متكرر تتفق مع المعالجات المقترحة من قبل وزارة المالية لكنها لم تخف أهمية اضطلاع الدولة بواجباتها للتخفيف من أوضاع المودعين عبر قيام الدولة بتملك بعض أصول البنك الوطني من العقارات ودفع القيمة العادلة لها لسداد جزء من مستحقات المودعين وكذلك الدائنين الآخرين للبنك.
وطالبت لجنة التصفية بأن تقوم الدولة بدورها في تنفيذ الأحكام الصادرة من المحاكم لصالح البنك الوطني وإلزام الجهات الحكومية بإعادة حقوق البنك لديها مثل مديونية الغزل والنسيج والأرضية التي لا تزال تبسط عليها الشركة اليمنية للأدوية في محافظة تعز رغم صدور أحكام قضائية فيها لصالح البنك مع ضرورة أن تقوم الدولة بتجديد وتفعيل منع المدينين للبنك من السفر إلى خارج الوطن.
مجمل توصيات لجنة التصفية والبنك المركزي لم تنفذ
لم تحقق مذكرة محافظ البنك بن همام أي نتائج في صالح المودعين الذين استمروا يعيشون أوضاعاٍ اقتصادية سيئة رغم تفاعل رئيس الوزراء السابق مع مطالبهم العادلة ومخاطبته لرئيس الجمهورية بأهمية أن تصرف مستحقات المودعين من حساب الحكومة وأن تؤول ملكية أصول البنك الوطني للدولة.
لم يقف أصحاب الأموال عند مطالبة الحكومة بحل مشكلتهم بل قام المودعون من جهتهم برفع رسالة إلى رئيس الجمهورية تسأله فيها لماذا¿! رغم التوجيهات الصريحة لاستعادة أموال المودعين سواء من خلال تنفيذ أحكام المحكمة التجارية ضد البنك المركزي بدفع أموال المودعين وفق القوانين النافذة وكذلك عدم التعاون مع اللجنة والمودعين وإلزام الجهات المختصة بسرعة تنفيذ أحكام القضاء ضد البعض ممن استولوا على أموال وكذلك ممتلكات البنك الأخرى دون وجه حق ولم تنفذ كذلك الخطوات المطلوبة لقيام الدولة بتملك أصول البنك الوطني ودفع جزء من أموال المودعين.
وقال المودعون إن آخر اتفاق بين البنك ووزارة المالية ورئاسة الوزراء أشار إلى أن تدفع أموال المودعين كاملة على ثلاث أقساط خلال ثلاث سنوات لكن حتى هذا الحل لم ينفذ على أرض الواقع.
ولمعرفة آخر المستجدات في قضية المودعين في البنك الوطني ومعرفة الأسباب الحقيقية التي حالت دون إنهاء معانات المودعين أوضح للثورة سمير أحمد ناشر – عضو لجنة تصفية البنك الوطني قائلاٍ: نحن في لجنة التصفية ومنذ البدء في عملنا بذلنا كل ما نستطيع من أجل استعادة أموال المودعين لكننا بصراحة أصبحنا اليوم نتعاطف كثيراٍ مع المودعين وهم بالفعل كانوا ضحايا عندما أخذت أموالهم وضحايا أيضاٍ بسبب غياب سلطة الدولة التي عجزت عن ضبط من أخذوا أموال البنك الوطني رغم صدور أحكام قضائية ضد الكثير منهم ولو حضرت سلطة الدولة لكان حل المشكلة قد حدث منذ سنوات وبصورة نهائية.
وأضاف سمير ناشر قائلاٍ: في السنوات السابقة لم يكن تفاعل الجهات المختصة في وزارة المالية في المستوى المطلوب من تحمل المسؤولية والإحساس بمعانات الكثير من المودعين حيث رحب وزير المالية السابق صخر الوجيه في البداية بفكرة أن تقوم الدولة بدفع أموال المودعين وتؤول ملكية أصول البنك للدولة وتسلم لهم على ثلاث دفع خلال ثلاث سنوات لكن الوزير عاد واعتبرها مشكلة خاصة يتحمل تبعاتها البنك المركزي اليمني.
وأردف ناشر بالقول: مشكلتنا الأساسية مع من يعيقون تنفيذ الأحكام القضائية وإذا نفذت أحكام القضاء لن تبقي معانات المودعين كما هي وقد استطعنا أن ندفع الكثير من أموال المودعين خاصة من أصحاب المبالغ التي تصل إلى 400000 ريال وعندما نجمع جزءاٍ من الأموال نقوم بنشر إعلان للمودعين في الصحف للحضور واستلام أموالهم وهناك الكثير من الأموال التي نحصلها لكنها للأسف تذهب في أتعاب محامين ومحاسبين قانونين ومصاريف تقاضي وتنفيذ وشرطة قضائية. لكنه يقول: للأسف لم تستطع المحاكم تنفيذ أحكامها والسبب أن من استولى على أموال البنك وعقاراته نافذون تعجز الشرطة القضائية وجهات الضبط الأخرى عن تنفيذ الأحكام.
وعلى سبيل المثال لا الحصر يمتلك البنك الوطني سينما حدة وخالدة وقد اشتراها البنك من الخامري وعاد الخامري للمطالبة بفارق سعر ثمن لسينما حدة وخالدة وبالفعل دفع البنك فارق السعر للخامري وأصبحت ملكاٍ للبنك الوطني لكن أحد أعضاء مجلس إدارة البنك الوطني قام بالاستيلاء عليها بالقوة مع أن عضو مجلس إدارة البنك صدر بحقه أحكام قضائية سواء في ما يتعلق بالسينما أو في الأموال التي أخذها من البنك والتي تقدر بالمليارات وإذا استطعنا استعادة أرضية سينما حدة وخالدة وقمنا ببيعها نستطيع بثمنها دفع الكثير من أموال المودعين.
وأشار عضو لجنة تصفية البنك الوطني سمير ناشر: إلى أن عدد المودعين في البنك الوطني الذين عانوا من إفلاس البنك الوطني يصل إلى 20.000 عميل ومن لم يستلم أمواله حتى اللحظة 5600 مودع منهم وهذا متوقف على البت في الكثير من القضايا وخاصة ضد أولئك الذين كانوا السبب في إفلاس البنك الوطني.
ويقول: حل المشكلة مرتبط أيضاٍ بوجود استقرار سياسي يساعد في أن تعمل مؤسسات الدولة بشكل طبيعي وأشير هنا إلى أن هناك من كان يرفض إعادة الأموال التي كانت في ذمته للبنك لكن بعد وفاته يأتي الورثة ويدفعون ما عليه من دين للبنك وهذا في اعتقادي يعود للوازع الديني قبل الموت أو إخباره للورثة أو بسبب وجود خلاف على الميراث وهذه الأموال التي نستعيدها نعمل على توزيعها على من تبقى من المودعين. وكما قلت سابقاٍ اللجنة تعمل في ظل صعوبات كثيرة ومن أجل تذليل الصعوبات نحتاج إلى أن يتعاون الجميع وتحديداٍ الدولة في إلزام الدائنين من البنك وكذلك من يستولي على عقارات وأراضي وأموال البنك الوطني الأخرى أن يشعروا بمعانات الكثير من المودعين.
واختتم عضو لجنة تصفية البنك الوطني سمير ناشر حديثه قائلاٍ: إذا توفرت النوايا الصادقة وكان للقضاء هيبته ووجدت الدولة القادرة على تطبيق قوانينها وأحكامها القضائية فيمكن أن تحل قضية من تبقى من المودعين في البنك الوطني بكل يسر وسهولة.

قد يعجبك ايضا