كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول


لو تصورنا مزارع لديه أرض يزرع عليها الحبوب والخضار والفواكه حتى يقتات منها ويحصل على مصدر رزقه, فهناك واجبات والتزامات على ذلك المزارع حتى يحصل على ثماره أهمها أن يعد الأرض للزراعة بحرثها وتسميدها وبذر البذور وغرس الشتلات حتى تظهر النبتات وبالتالي يجب عليه رعايتها وريها حتى يحين قطافها وكلما كان المزارع متمكنا من ذلك كلما حصد ثمارا طيبة وهناك حالات مشابهة لذلك التشبيه ومنها التزاوج وإعداد وتكوين أسرة فالشخص منا بعد أن يمر بمرحلة الطفولة فإنه يمر بمرحلة الشباب والنضج والبلوغ وهنا يستوجب عليه إكمال نصف دينه والقيام بعملية الزواج حتى يكون لديه كيان ووجود وأسرة, وليس الغرض من الزواج إشباع الرغبات والعواطف إنما عملية الإنجاب والذي يعتبر سنة الحياة حيث إن من ثمار ذلك الزواج الحصول على الأبناء ذكورا وإناثا, فالزوج هو المزارع والزوجة هي الأرض والثمار هم الأبناء وبالتالي فهناك واجبات والتزامات ومسؤوليات تقع على عاتق الأبوين وهي الرعاية والتربية بصنوفها المختلفة فالأبناء يمرون بمراحل مختلفة ابتداء بالطفولة المبكرة والتي تستلزم من الأبوين القيام بجانب الرعاية وتوفير مايحتاجونه من غذاء ورعاية وعلاج ولذلك يقول المولى سبحانه وتعالى (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين) ثم يعقب تلك المرحلة مرحلة التربية والتعليم فعند بلوغ الطفل سبع سنوات يتوجب على الأب إلحاقه بالمدرسة حتى يتعلم ويستطيع القراءة والكتابة والمعارف المختلفة. ولايتوقف واجب الآباء على ذلك والاعتماد على المدرسة, فالسابعة من العمر هي بداية التربية الدينية ولذلك يرشدنا نبينا الأعظم إلى أهم قاعدة تربوية وهي تعليمهم الصلاة لسبع وضربهم عليها لعشر, ذلك لأن الصلاة مدرسة عظيمة فلو تعود الطفل على الصلاة في ذلك السن فإنه سيتعود على القيام بواجباته في شتى نواحي الحياة فالصلاة تعني القيام بالواجب تجاه الخالق ولو عرف الطفل واجباته تجاه خالقه ومع مرور السنوات فإنه سيعرف واجباته تجاه أبويه وأسرته ومجتمعه وهنا يأتي دور الأب والأم وذلك لتأثيرهم المباشر على شخصية الطفل, وكما يخبرنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن الطفل يولد على الفطرة فأبواه إما يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه وهنا يتضح دور الأبوين واللذين يعتبران بوصلة يحددان الاتجاه, ويجب أن يكون مؤشر البوصلة باتجاه القبلة. ومن واجبات الأبوين كذلك التربية الدينية والأخلاقية بحيث يكون الأبوان قدوة صالحة للأبناء وعلى قدر كبير من الالتزام حتى يقتدي بهم الأبناء, فحفاظ الأب على الصلاة في الجامع يعني أن الابن سيكون رفيقه ولو تعود الطفل على الصلاة جماعة سيتعود عليها حتى يكبر وهنا يكمن النجاح في الحياة. كما أن الأم يجب أن تكون قدوة لبناتها في البيت والعمل على تربيتهن تربية دينية وأخلاقية سمحاء بعيدا عن وسائل الاغراءات واللهو والمتمثل في التفتح الإعلامي والغزو الفكري والثقافي فمن شب على شيء شاب عليه.
علينا جميعنا أن ندرك التغيرات التي تحدث عن طريق التفتح ومحاولة المجتمعات الأخرى إدخال هويتها وعاداتها وتقاليدها المغايرة لعاداتنا وتقاليدنا والتي تهدف إلى طمس الأخلاق والعادات والتقاليد الإسلامية والأخلاقية, وهنا يأتي دور الآباء والأمهات في الحذر من كل ذلك.
ولا يخفى علينا جميعا ما يواجهه شبابنا وأبناؤنا من تحديات فكرية وعقائدية تهدف إلى غرس ثقافة العداء والعنف عن طريق التشدد والغلو والانخراط تحت إطار الإرهاب الذي يستهدف الأطفال والشباب.
إن التربية الصحيحة والسليمة هي الطريق لإعداد جيل نافع لمجتمعه ولوطنه ولدينه وهنا يأتي دور الآباء والأمهات أولا وكذلك المدرسة والتي يجب أن تكون بئية صالحة ونافعة تعمل على تخرج جيل متعلم وواعي يعرف واجباته تجاه خالقه ومجتمعه ووطنه ومن هنا ندرك أسباب فشل معظم الأبناء والشباب في وقتنا الراهن نتيجة الإهمال والتسيب وعدم ممارسة التربية السليمة منذ الصغر, فالشجرة لايمكن تعديل ساقها بعد كبرها وكذلك الأبناء يجب الاهتمام بهم منذ نعومة أظفارهم ولايدرك الأبوان نتيجة وثمرة تربيتهما إلا بعد وصولهما إلى مرحلة الشيخوخة والكبر, وهنا يجدان ثمرة تربيتهما لسنوات عديدة سواء أكانت الثمرة صالحة أم فاسدة.

قد يعجبك ايضا