هيئــة مستشفى الثـورة بتعـز.. قصـة مأســاة لم تكتب نهايتها بعد


لنا كل الحق أن نضع ألف علامة استفهام طالما وأننا بصدد السؤال عن المسوغ الشرعي الذي أوصل هيئة مستشفى الثورة بمحافظة تعز إلى هذا المستوى من التدهور..
ولهكذا سؤال أن يطفو إلى السطح وأن يعرض على الجهات المسؤولة والرأي العام سيما وأن هذا المستشفى حكومي ويقدم خدماته بصورة شبه مجانية.
وما يبعث على الأسف والانزعاج وجود فساد مالي وإداري وأخرى فوضى إدارية وثالثة تتعلق بحقوق مطلبية خاصة بالعمال.
“الثورة” ذهبت إلى عين المكان في مهمة لاستجلاء الحقيقة.. وكانت المحصلة كالتالي:
لتكن البداية مع المواطن محمد سعيد حيث قال:
تقديم الرعاية الطبية حق كل مواطن على الدولة وليس فضلاٍ تمنحه الحكومة للمواطنين وبصراحة أصبح العلاج في مستشفى الثورة بتعز حلماٍ صعب المنال ووهماٍ يصعب تحقيقه في ظل تدني مستوى خدماته الصحية سواء لوجود نقص شديد في الأجهزة الطبية أو عدم وجود أطباء متخصصين أو لعدم توفر الأقسام الطبية المهمة التي يجب أن تتوفر في كل المستشفيات..
ونتيجة هذا الإهمال الذي طال هذا المستشفى لم نجد أي طريق آخر أمامنا سوى الانتقال إلى مستشفيات خاصة أو السفر للخارج للعلاج وجراء ذلك نتكبد خسائر مالية باهضة تثقل كاهلنا.
تدهور صحي
أما الدكتور إسماعيل الخلي نقيب الصيادلة بتعز قال: إن هيئة مستشفى الثورة العام بتعز في الوقت الراهن تعاني مرحلة الشيخوخة الذي سيؤدي في وقت قصير إلى احتضارها في حال عدم التدخل لإنقاذ المستشفى من حالة الانهيار الذي يعيشه اليوم وقد سبق لنا أن أبلغنا الجهات المحلية بالمحافظة وكذا بوزارة الصحة إلا أنهم لم يحركوا ساكنا للحد من المعاناة التي تعيشه الهيئة.
وأضاف: هناك أسباب عديدة كان لها دور كبير في التدهور الصحي الحاصل بمستشفى الثورة بالمحافظة أهمها الجانب المادي بشكل أساسي بالإضافة إلى ربط إمكانيات الهيئة ببنود تأتي من صنعاء الأمر الذي جعل أي إدارة داخل الهيئة تعجز عن تسيير العمل بصورة حقيقية وبالرغم من أن ميزانية الهيئة تبلغ نحو (مليار وأربعمائة مليون ريال) إلا أنه يتم صرف قرابة مبلغ (ستمائة مليون ريال) رواتب الموظفين خلال عام كامل بالإضافة إلى وجود بنود محددة لا تستطيع معها الهيئة التصرف واستطرد: مضى تقريبا أربعين عاماٍ على إنشاء المستشفى وحتى اللحظة لم يتم تأهيل أو إصلاح المستشفى, بحيث أصبحت غرف العمليات بالمستشفى غير صالحة وكذا قسم الإسعاف منها وصارت الأقسام ضيقة لا تتناسب مع مستوى الخدمات التي ينبغي أن تقدم للمرضى كما أن الخدمات الداخلية والمتمثلة في الماء والمجاري أصبحت هي الأخرى منهارة تماما ومستهلكة كما تم التفريط بمساحة الأرض التي كانت محيطة بالمستشفى القديم وانتهت معها المساحات التي كان بالإمكان أن يقوم عليها مبنى جديد للمستشفى ثالثاٍ “واختتم بالقول: الفساد لازال موجوداٍ بمستشفى الثورة بالإضافة للممارسات الخاطئة التي حدثت في المرحلة السابقة والتي أدت إلى أن كل قسم في المستشفى يعتبر نفسه المسئول الأول وبالتالي تعاني معاناة كبيرة باستئصال هذا الفساد من داخل الهيئة كما أننا لا ننكر أيضا أن تدني رواتب الأطباء والممرضين أدى إلى وجود تقصير كبير في أداء واجباتهم بشكل سليم لذا أتمنى من الجهات المعنية التدخل السريع لإنقاذ المستشفى من الوضع المزري الذي تعيشه وقبل فوات الأوان.
سوء الإدارة
الأخ جمال محمد سالم القدسي ـ موظف في قسم المختبرات الطبية بالمستشفى- قال:
يرجع تدهور الوضع الصحي بالمستشفى إلى سوء الإدارة وذلك من خلال معاملتها السلبية مع الموظفين وعدم صرف مستحقاتهم المالية والقانونية خصوصا بعد مطالبة الأطباء والممرضين والعاملين بالمستشفى بحقوقهم المالية والتي يتم تجاهلها بصورة مستمرة وكذا عدم توفير الأدوية للمرضى بالشكل المطلوب وفق الاحتياج بالرغم من وجود الكثير من الأدوية في المخازن والتي انتهت صلاحيتها إضافة إلى وجود تلاعب في المناقصات وشراء المحاليل والأدوية وبعض المستلزمات الضرورية الخاصة بتسيير عمل المستشفى هذا إلى جانب الخدمات الصحية السيئة والرديئة المقدمة للمرضى المترددين على المستشفى الذين لا يحصلون على عناية واهتمام بسبب عدم مبالاة الإدارة ويضيف: إن ما يزيد الطين بلة الانقطاع المستمر لتشغيل المولد الكهربائي الخاص بالمستشفى والذي تم شراؤه بمبلغ ( 26) مليون ريال خلال الأشهر الماضية فقط خصوصا بعد انقطاع الكهرباء العمومي على المستشفى والتي تتسبب بحدوث عدد من المشكلات والصعوبات التي ترافق أداء عمل الكادر الطبي والصحي بالمستشفى منها ما حدث قبل حوالي شهر تقريباٍ عندما دام انقطاع الكهرباء عن المستشفى قرابة الـ14 ساعة على الأقل وإهمال صيانة المولد الكهربائي من قبل القائمين على أمره وعدم تشغيله وإصلاحه والذي أدى إلى حدوث مشاكل كثيرة في غرف العمليات الجراحية أثناء القيام بإجراء الأطباء للعمليات الجراحية للمرضى وبالتالي مواجهة الأطباء والمرضى لمشاكل ومضاعفات بالغة في الخطورة في حياة المرضى التي تجرى لهم العمليات إضافة إلى حدوث مضاعفات لمرضى الغسيل الكلوي….واختتم حديثه بالقول: “نحن نريد أن يستعيد المستشفى نشاطه مجدداٍ فالوضع لا يحتمل التأخير في ظل رداءة الخدمة والمشكلات الكثيرة والتدهور الحاصل والذي لا يخدم أحداٍ ولا نعلم من هو المستفيد من استمرار هذا الوضع الرهيب على ما هو عليه.
فساد مالي
وبدوره تحدث مدير إدارة الإيرادات في هيئة مستشفى الثورة العام بالمحافظة الأخ صالح حسن عزام قائلاٍ: ” التدهور الصحي الحاصل بمستشفى الثورة تعود مجمل أسبابه, بالإضافة إلى غياب الإدارة السليمة في الجانب الإداري والمالي والجانب المالي يطغى كثيرا على الإداري والذي أعتبره من أكبر المشكلات والعقبات التي تواجه فشل عملية تصحيح الأوضاع في المستشفى والتي تقف حائلا دون النهوض بواقع وضع المستشفى صحيا وإداريا وعاما….وأضاف: “إن الإيرادات المالية المتعلقة بالمستشفى تجاوزت خلال العام الماضي ما يقارب مبلغ ( الـ28) مليون ريال من المبالغ المالية التي لا يتم تقييدها ضمن الموازنة المالية الخاصة بالمستشفى والتي تعد بحد ذاتها مخالفة قانونية كبيرة وفساد ونهب للمال العام بكل ما تحمل الكلمة من معنى وبشكل صريح.وأردف: “لقد قمت حيال هذه المشكلة بتبليغ رئاسة الهيئة بالمستشفى بوجود بعض المبالغ المالية الكبيرة التي تصل إلى الملايين والتي لم يثبت استلامها بتاتا أو وجودها والمطالب بإدخالها ضمن الموازنة فبدلا من أن تقوم الهيئة بمكافأتي على أمانتي ومصداقيتي في العمل قاموا بمعاقبتي واتخاذ إجراءات عقوبية صارمة ضدي تمثلت بإيقاف مستحقاتي بالكامل وتوجيهي مباشرة بعدم التدخل في هذه الأمور المالية التي لا تخص سوى إدارة هيئة المستشفى”.
تقصير وإهمال
الأخ عبدالسلام محمود عبدالقادر القائم بأعمال مدير الشئون القانونية بالمستشفى يقول:
أسباب تدهور الوضع الصحي بمستشفى الثورة ترجع إلى عدم كفاءة إدارة هيئة المستشفى ممثلة بقيادتها في التعامل في إدارة الشئون الإدارية والطبية والصحية بالشكل السليم والصحيح والقانوني والصحي ..ويضيف: حقيقة إن الجانب السياسي طغى على العمل بالمستشفى حيث عمدت الإدارة إلى تمييع العمل الإداري مما أدى إلى فشل الخدمات التي يقدمها المستشفى للمرضى حيث تم تعيين رؤساء أقسام التمريض بالمستشفى بشكل حزبي ومن نفس الحزب الذي تنتمي إليه الهيئة الإدارية بالمستشفى ممثلة بقيادتها وذلك بعيدا لمعايير الكفاءة والخبرة ليصبح العمل الإداري والصحي بالمستشفى يعمل وفق الحزبية إضافة إلى تساهل إدارة المستشفى بعدم إلزام وتوجيه الأطباء والكادر التمريضي بالمستشفى بالعمل كل في نطاق عمله المحدد والموكل إليه وذلك بمسؤولية ووطنية وأمانة وضمير حي بعيدا عن المماحكات الحزبية والشخصية إلى جانب التساهل وغض الطرف عن اتخاذ إجراءات عقوبات صارمة والتحقيق والمحاسبة القانونية تجاه كل من الأطباء والكادر التمريضي والذين تثبت إدانتهم بتهم ابتزاز المرضى واستغلالهم والتقصير والإهمال لحالاتهم المرضية بالمستشفى مما يؤدي إلى تدهور حالتهم الصحية وكذا عدم قيام إدارة هيئة المستشفى بتوفير الأدوية للمرضى واختتم بالقول: ولأكثر من مره تم طرح تلك المشكلات على رئيس هيئة المستشفى بهدف اتخاذ الإجراءات السريعة لمعالجة المشكلات القائمة الموجودة في المستشفى إلا أن إدارة المستشفى لم تعط لما قدمناه أي اهتمام يذكر إلى جانب أن هناك أسباباٍ كثيرة منها ما هو متعلق بتهميش قيادة إدارة هيئة المستشفى للموظفين الإداريين العاملين في المستشفى في صرف استحقاقاتهم المالية من المكافآت التي يتم صرفها ومنحها لرؤساء الأقسام في المستشفى من أقسام الباطنية والجراحة فقط وإننا عندما نقوم بتقديم تظلمات إلى رئيس الهيئة بالمستشفى للنظر في تلك الحقوق والمطالب ومعاملتنا أسوة برؤساء الأقسام تتم مقابلتنا بالرفض التام.
نقص كادر التمريض
أما الأخ فاروق سعيد فارع رئيس قسم شئون المرضى قال: ” كثيرة هي المشكلات والتي لا تبدأ بالعجز الموجود في الكادر التمريضي حيث نجد صعوبة في التمريض والأقسام في المستشفى ينقصها التمريض.. ولا تنتهي في تعاقد إدارة المستشفى مع إداريين بالرغم من أن العجز يكمن في الكادر التمريضي الذي يهتم بالمرضى ويقدم لهم العناية الصحية التمريضية بالرغم من أنه سبق وأن أبلغنا رئيس الهيئة بالمستشفى لأكثر من مرة”. بشأن ذلك لكن يتم تناسي وتجاهل الأمر وواصل بالقول: تعاني الأقسام من عجز تمريضي كبير خاصة وأنه يجب أن يتواجد في كل قسم (13) كادراٍ تمريضياٍ من أطباء وممرضين ولكن في مستشفى الثورة لا يجد كل قسم سوى على (6) كوادر من الكوادر التمريضية فقط وهذا لا يفي بالغرض المطلوب ولا تلبي احتياجات تلك الأقسام من عناية وتمريض ومتابعة صحية تمريضية مستمرة وغير ذلك فقسم (الحضانة) بالمستشفى بحاجة إلى تمريض وما هو متوفر هو (خمس) ممرضات بداخل القسم كله يعملن طوال فتره الـ24 ساعة على مدار اليوم وهذا لا يكفي بمعنى وجود ثلاث ممرضات في الفترة الصباحية يقمن بالمناوبة واثنتين في الفترة المسائية وهذا لا يكفي على الإطلاق بحيث يحتاج القسم كحد أدنى إلى (تسع) ممرضات والأشد إيلاما من ذلك أن هناك أقساماٍ في المستشفى يتواجد فيها مستلم واحد من الأطباء أو الممرضين فقط وهذه كارثة بحد ذاتها وبالنسبة للمرضى المغلوبين على أمرهم فإننا نفاجأ بأنهم عندما يتوافدون إلى المستشفى منذ الوهلة الأولى وتكون حالتهم المرضية في وضع حرج يتم مباشرة استقبالهم وعمل اللازم وعندما يسجل لهم رقود في بعض أقسام المستشفى لمتابعة حالتهم المرضية والصحية فإنه وبعد يومين من قدومهم للمستشفى نفاجأ كما أشرت مسبقا أنه قد تم نقلهم إلى مستشفى خاص مع العلم أن هناك إمكانية لإجراء العمليات الجراحية اللازمة لحالاتهم المرضية في المستشفى وهذا ليس بالأمر الصعب حيث يتم نقلهم إلى تلك المستشفيات الخاصة نتيجة وجود سماسرة في المستشفى الذين يعملون ليلا ونهارا على استنفار للمرضى ولمصالحهم الشخصية يعمدون إلى تحريض المرضى على الانتقال إلى مستشفيات خاصة ووفق ما ينصحونهم ويوجهونهم به لتتضح بذلك الكثير من الحقائق التي يتم تغييب الوعي عنها في المستشفى.
صعوبات
وأضاف: توجد صعوبات عديدة نواجهها في المستشفى من ضمنها عدم صرف المستحقات المالية الشهرية (الرواتب) الخاصة بالعاملين بالمستشفى أولا بأول ويتم التأخير والمماطلة في هذا الأمر وكذا تعرض عدد من الموظفين العاملين بالمستشفى سواء أكانوا إداريين وممرضين الإهانة والابتزاز والسلوكيات غير الأخلاقية وغير الإنسانية وغير القانونية وغير الحقوقية في واقع الأمر خاصة لمن يؤدون عملهم بأمانة وبمسؤولية وبجدية لذا أتمنى “أن يقوم المجلس الصحي الأعلى بزيارة تفقدية إلى المستشفى للاطلاع عن كثب عن الوضع المزري الذي تعيشه الهيئة وكذا الخدمات الصحية التي تقدم للمرضى.

قد يعجبك ايضا