-شهد التاريخ وما يزال حالات لتعذيب وقتل الأسرى والتنكيل بهم، لكنها ظلت حالات فردية من قبل أفراد وعصابات وبقيت شواهد يخجل منها أصحابها ويحاولون إنكارها والتنصل عنها، لكنها ظلت وصمة عار ولعنة تطاردهم أبد الدهر.. أما أن تصبح تلك الانتهاكات والجرائم معتمدة بقوانين وتشريعات والتعاطي معها كأعمال بطولية عظيمة تستدعي الفخر والتباهي والاستعراض، فذلك لم نعلمه إلا اليوم وعلى أيدي أقذر البشر وأتفه مخلوقات الله.
-في سجون ومعتقلات الكيان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، يتعرض الأسرى الفلسطينيون لتعذيب وامتهان واغتصاب ممنهج للنساء والرجال ومعاملات وحشية تفوق ما قد يتخيله عقل الإنسان، ولا يكتفي المجرمون والقتلة بأفعالهم القذرة تلك وإنما يتعمدون تصوير قبحهم ونشره عبر وسائل الإعلام لتدمير كرامة الضحايا ونسف إنسانيتهم، بينما يكتفي عالم الحضارة والمدنية المتابعة لفصول وتفاصيل الجريمة بصمت قاتل، أما أخوة الدين والنسب والعروبة فيمضون بعيونهم العمياء في درب” التطبيع” منبهرين بما يقال عن النعيم الموعود لكل من يخطب ود الكيان العاشق للسلام والحوار والتعايش واحترام الجوار وحقوق الآخر، كما تسوق له الدعاية الأمريكية ليل نهار.
-وثق المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان شهادات حية مروعة لعشرات من المعتقلين السابقين في سجون الاحتلال وهي لنساء ورجال وكبار وأطفال وتلك الشهادات الموثقة تحكي عن وحشية وسادية وإجرام لم يشهد له التاريخ مثيلا.
-ما يجري في سجون الاحتلال من فظائع بحق الأسرى والمختطفين ليس عبارة عن تصرفات فردية ناجمة عن أمراض نفسية للسجانين، كما يحاول مسؤولو الكيان أن يوهموا العالم وإنما سياسة رسمية يقررها الساسة على أكبر المستويات، هدفها كما بات واضحا إعادة إنتاج الخوف وتحطيم الروح الجماعية للإنسان الفلسطيني ودفعه إلى الاستسلام وإبعاد فكرة المقاومة عن عقله ونفسيته وإسكات كل صوت حر قد يتصدى لمشاريع ومخططات كيان الاحتلال الذي طالما تشدق بأنه الديمقراطية الوحيدة في المنطقة وانطلت أكذوبته تلك على كثير من دول العالم، وما كشفته دماء عشرات الآلاف من الأبرياء في قطاع غزة التي أريقت خلال العدوان الأخير، لا يزال يقابل بالصمت والمغالطات والتعامي من قبل المنظمات الإنسانية والحقوقية في المنطقة والعالم ما يجعل الجميع شركاء في الجريمة.
-إفلات الكيان وقيادته الإجرامية من العقاب وما يعيشه من الأمان الذي يوفره له الفيتو الأمريكي وصمت المجتمع الدولي وخنوع المحيط، شجعه على التمادي والطغيان في انتهاكاته.
-اليوم صار لزاما محاكمة قيادات الكيان عسكريين وسياسيين ومستوطنين وفق اختصاصات المحكمة الجنائية ويجب القيام بعمل حقوقي واسع لتفعيل الرقابة الدولية على مراكز الاعتقال من أجل ردع المجرمين والانتصار للكرامة الإنسانية وجميع المؤسسات الحقوقية الفاعلة في العالم ملزمة بأداء مسؤولياتها القانونية والأخلاقية بإجراءات ملموسة تضع حدا للجريمة وليس بتصريحات دبلوماسية وإدانات فارغة لا يراها القتلة في “تل أبيب” سوى ضوء أخضر لمواصلة هواياتهم في قتل الشعب الفلسطيني والتنكيل برجاله ونسائه تحت غطاء الحرب على الإرهاب.
