يحوي المتحف الوطني بصنعاء آلاف القطع الأثرية القليل جدا منها معروضة للزوار والغالبية العظمى تكتظ فوق بعضها في المخازن القديمة للمتحف والتي تفتقر إلى أبسط متطلبات التخزين المتحفي وقد تكون نسبة كبيرة من هذه القطع المخزنة قد تأثرت وتآكلت بفعل التخزين العشوائي وانتشار الرطوبة تعد من أكبر الأخطار التي تواجهها القطع الأثرية في المخازن , وما يدعو إلى الاستغراب والتعجب ويبعث على الحسرة أن المتحف الوطني الذي يعد أبرز وأهم المتاحف اليمنية على الإطلاق ووجه البلد الحضاري والآثاري قد تم استهدافه بالعديد من المشاريع الهامة التحسينية والتطويرية أبرزها المجمع المتحفي في دار المالية التاريخي المجاور لمبنى المتحف الرئيسي والذي أنفقت عليه الكثير من الملايين حتى أوشك هذا المشروع على الانتهاء ليتوقف بحجة عدم توفير تمويل للتجهيز .
وبعد 12 عاما من توقف هذا المشروع ها هو المبنى في حالة إنشائية متدهورة جدا وبحاجة إلى سرعة انقاذ , وهذا ما تحدثنا حوله في موضوع سابق ولكن مالم نتحدث عنه من المشاريع العملاقة التي تم إقامتها في المتحف ( مشروع المخازن الأرضية ) التي تم بناؤها تحت ساحة المتحف على دورين أو طابقين أرضيين وفق أحدث الأساليب والطرق العالمية وزود بالبنية التحتية اللازمة للمخازن المتحفية في مختلف المتاحف العالمية ولكن وللأسف الشديد أن هذه المخازن الواسعة والكبيرة ورغم الاحتياج الشديد والملح لإنقاذ الكثير من القطع الأثرية إن لم يكن كلها والتي تزدحم بها تلك الغرف المغلقة الفاقدة للتهوية والجالبة للرطوبة أسفل المتحف الوطني في ما تسمى مخازن للقطع الأثرية بينما المخازن الصحيحة والمناسبة موجودة ومكتملة البناء لكن الدولة عجزت عن تجهيزها ليتم استخدامها وهي على هذه الحالة منذ العام 2004 م عندما انتهى العمل بها على نفقة الولايات المتحدة الأمريكية التي أنفقت فيها مبلغ (500) ألف دولار ضمن مشروع التحسين للمتحف الذي قادته هولندا أواخر القرن المنصرم .
عدم توفر التجهيزات
وأورد القائمون على المتحف الأسباب التي أدت إلى توقف هذا المشروع وعدم إنجازه حتى الآن وهو عدم توفر التجهيزات والأثاث لتلك المخازن من رفوف وتكييف وإضاءة لتلك القاعات الواسعة التي تم إنشاؤها بصورة حديثة ومتطورة مزودة بكل ما يحتاج إليه المخزن المتحفي .
وإذا كانت الدولة عجزت على مدى 11 عاما عن توفير مبلغ من المال لتجهيز تلك المخازن والعمل على تشغيلها بدلا من تركها فارغة يسكنها الفراغ .
ويقول أمين عام المتحف الأخ إبراهيم الهادي إن هذا المشروع لم يكن يتضمن التجهيز والتأثيث ضمن الدعم الأمريكي الأمر الذي اضطر إدارة المتحف آنذاك إلى البحث عن مصادر تمويل لاستكمال التجهيز والبدء باستخدام هذه المخازن نظرا للحاجة الشديدة إليها وكان الصندوق الاجتماعي للتنمية قد وافق على التمويل إلا أن المبلغ الذي قدم لاستكمال هذا المشروع “تأثيث وتجهيز” كان كبيرا من وجهة نظر الصندوق ولهذا تعرقلت تلك المساعي لدى الصندوق وباءت بالفشل .
وأوضح الهادي أن وزيرة الثقافة وقيادة الهيئة العامة للآثار والمتاحف أكدا خلال زيارة سابقة للمتحف أنهما سيبحثان عن التمويل لاستكمال هذا المشروع وسرعة البدء بتدشينه في أسرع وقت ممكن نظرا للحالة التي وصلت إليه القطع الأثرية المخزنة والضرورة التي تمثلها المخازن الحديثة والتي ستتسع لكل القطع الأثرية وتم تقسيمها إلى أقسام بحسب القطع الأثرية وماهيتها والتاريخ الذي تعود إليها .
تساؤلات
وهنا نتساءل لماذا هذا الإهمال من الجهات المعنية وتساهلها تجاه مثل هذه المشروعات الهامة التي يحتاج إليها المتحف الوطني وعلى رأسها هذه المخازن التي أنشئت على نفقة دولة أخرى وقدموا فيها مئات الآلاف من الدولارات وعجزنا عن توفير تلك المبالغ الزهيدة للتجهيز والبدء بالانتفاع بهذا المشروع الهام . وبالرغم من علم المسؤولين في الجهات المعنية سواء في وزارة الثقافة وهيئة الآثار بالمعاناة والوضع السيئ والظروف المتدهورة للقطع الأثرية في مخازن المتحف بما فيها المومياوات والمخطوطات وقطع الموروث الشعبي والتي لازالت موجودة في هذا المتحف الهام .. فيا ترى هل تستطيع القيادات الجديدة لوزارة الثقافة وهيئة الآثار إصلاح ما أفسده أسلافهم والاهتمام بما ورثوه من إهمال متراكم منذ سنوات طوال ¿¿¿!!