سخط أوروبي يتصاعد ضد بركان الإرهاب


تتصاعد وتيرة السخط الأوروبي على أعلى المستويات السياسية والشعبية جراء الجريمة الإرهابية التي استهدفت مجلة شارلي إيبدو الساخرة الفرنسية أسفرت التي عن مقتل 12 شخصا بينهم ثمانية صحفيين وشرطيان وهزت هذه الجريمة الوسط الفرنسي و حركت أيضا الدول الأوروبية بأسرها التي لم تتوقف عند حدود التضامن مع الفرنسيين إنما عمدت إلى تعزيز إجراءاتها الأمنية ورفع منسوب الجاهزية لدى قوات الشرطة ومكافحة الإرهاب كما دقت الدول العربية ناقوس الخطر وبات القلق فيها متناميا ويرى الكثيرون أن جريمة “شارلي ايبدو” تعد نقطة مفصلية ستغير وجه أوروبا ولا يمكن اتهام هؤلاء بالتشاؤم أو بالمبالغة .في حين لا تزال ردود الفعل العالمية على هذه الأحداث غير المسبوقة في باريس تتعاقب
وفي هذا السياق يتظاهر كبار القادة الأوروبيين في باريس اليوم تضامنا مع فرنسا التي شهدت هجوما داميا على أسبوعية شارلي ايبدو أعقبته عمليتا احتجاز رهائن في باريس انتهتا الجمعة الماضية بشكل مأساوي
وأعلن رئيسا الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والاسباني ماريانو راخوي مشاركتهما في مسيرة “جمهورية” ستضم مئات آلاف الفرنسيين المصممين على إثبات وحدة البلاد..
وستشارك أيضا في هذه المسيرة المستشارة الألمانية انغيلا ميركل ورئيس الوزراء الايطالي ماتيو رينزي ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر ورئيس أوكرانيا بترو بوروشنكو ورئيس مجلس أوروبا دونالد توسك ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني ورؤساء حكومات السويد والنروج والبرتغال والدنمارك وبلجيكا وهولندا ومالطا وفنلندا ولوكسمبورغ تلبية لدعوة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند.
وبعد يومين على الهجوم الدامي على شارلي ايبدو في باريس وغداة تبادل إطلاق نار في الشارع أسفر عن مقتل شرطية أخذت عملية مطاردة المشتبه بهم الجمعة منحى مأساويا عندما عمدوا إلى احتجاز رهائن في منطقة صناعية شمال شرق باريس وفي متجر يهودي في باريس
ونفذت قوات الأمن هجوما لإنهاء عمليتي احتجاز الرهائن فقتل الشقيقان شريف وسعيد كواشي اللذان شنا الهجوم على مقر شارلي ايبدو وامادي كوليبالي الذي تحصن في المتجر اليهودي.
وقتل خمسة أشخاص في الهجوم على المتجر اليهودي وكان أربعة جرحى في حالة خطرة الجمعة.
وبلغت الحصيلة النهائية لثلاثة ايام من الرعب والهجمات 17 قتيلا و20 جريحا.
من جهته أعلن الرئيس الأميركي باراك اوباما تضامن بلاده بكل قوة مع فرنسا مشيرا إلى “القيم العالمية” التي تربط بين البلدين مثل “الحرية”.
وقال في كلمة ألقاها في نوكسفيل في ولاية تينيسي الجنوبية غداة زيارته سفارة فرنسا في واشنطن “أريد أن يعرف الفرنسيون: الولايات المتحدة تقف إلى جانبكم اليوم وستكون إلى جانبكم غدا أيضا..
وأضاف أن الإدارة الأميركية كانت على اتصال دائم مع الحكومة الفرنسية “طوال مدة هذه الماساة” مؤكدا إزاحة “التهديدات الآنية” رغم أن الحكومة الفرنسية تواجه تهديدات إرهابية و”يجب أن تتوخى الحذر واليقظة..
يقول مراقبون إن الرأي الأوروبي وفي مقدمه الفرنسي منقسم حول ما يمكن أن يكون قد أوصل الحال إلى ما هي عليه. فثمة من يقول إن أوروبا لم تتعلم من خطأ الولايات المتحدة واعتقدت أن إبعاد المتشددين عن أراضيها وإلهائهم في مناطق النزاع في الشرق الأوسط وأفريقيا يبعöدهم عنها. إلا أنهم عادوا محملين بأطنان من الأفكار المتطرفة التي ترى في المجتمع الغربي عدوا يجب غلبته
وبحسب مراقبين فرنسيين إن اعتداء شارلي إيبدو كشف ضعف التدابير الأمنية إذ لم يأت تنفيذ الجريمة ليلا بأسلوب خفي أو خائف بل حصل الأمر نهارا ودخل المنفذون المجلة بسهولة ونادوا على الرسامين والمحررين بالاسم وأردوهم كما أردى أحدهم شرطيا على قارعة الطريق ومشى وكأن شيئا لم يكن. وأن يحصل هذا الأمر بهذا الشكل السهل ليس مطمئنا للفرنسيين وللأوروبيين على السواء خصوصا أن الخطر آت من مواطنين في دول أوروبية وليس من عناصر خارجية طارئة. هنا تقف أوروبا حائرة بين أن تتمسك بقيمها الديمقراطية أو أن تنحو ناحية أميركية أي أن تقلد الأميركيين في سلوكهم بعد انفجار الطائرتين ببرجي التجارة في نيويورك. حينها صار كل ذي سحنة حنطية متهما بالإرهاب مع سيطرة الرهاب على التصرف الأميركي. ويغلب مراقبون أوروبيون غريزة الأمن على القيم الديمقراطية إذ يتوقعون أن لا تبقى أوروبا على حالها بعد المشهد الفرنسي الدامي لتنزلق سريعا إلى مشهد الثكنات المتنقلة والدبابات في الشوارع لضمان الأمن.

قد يعجبك ايضا