طوابير الجائعين أمام التكايا في قطاع غزة ..مشاهد تجسد استمرار سياسة التجويع الصهيونية

 

  الثورة / متابعات

رغم مرور أسابيع على اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ما تزال طوابير الفلسطينيين أمام “التكايا” الخيرية للحصول على طعام مجاني، من أبرز مشاهد المعاناة اليومية في قطاع أنهكته حرب الإبادة والحصار الإسرائيلي.

وتجسد هذه المشاهد استمرار سياسة التجويع، مع مواصلة الاحتلال فرض قيود على دخول المواد الغذائية الأساسية، مقابل السماح بدخول سلع كمالية، فيما تبقى أسعار الاحتياجات الضرورية فوق قدرة معظم الفلسطينيين بغزة.

في منطقة مواصي خان يونس جنوبي القطاع، يتجمع عشرات الفلسطينيين، معظمهم نساء وأطفال، حاملين أوانيهم الفارغة أمام تكية “السعادة”، أملاً بالحصول على وجبة طعام.

وتنتشر في غزة عشرات التكايا التي توزع الطعام مجاناً، وقد برز دورها خلال حرب الإبادة التي توقفت نسبيا في 10 أكتوبر الماضي، ولا تزال تواصل عملها رغم وقف إطلاق النار، بسبب استمرار الأوضاع الإنسانية الصعبة.

ويقول سعد عابدين، صاحب تكية “السعادة” في مواصي خان يونس، إنهم يطهون الطعام يومياً لتوزيعه على النازحين. ويوضح للأناضول أن كثيراً من العائلات ما زالت بلا مصدر دخل بعد وقف الحرب، ما يدفعها للاعتماد على التكايا للحصول على الغذاء.

ويُشير إلى أن أسواق غزة تعاني نقصاً حاداً في المواد الغذائية الأساسية، خصوصاً اللحوم الحمراء والبيضاء، لافتاً إلى أن ما يصل منها يكون بكميات محدودة وبتكلفة لا يستطيع كثيرون تحملها.

استمرار التجويع

ويفيد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة بأن إجمالي عدد الشاحنات التي دخلت إلى قطاع غزة خلال الفترة من 10 حتى 31 أكتوبر 2025 بلغ 3,203 شاحنات فقط.

ويفيد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة بأن إجمالي عدد الشاحنات التي دخلت إلى قطاع غزة خلال الفترة من 10 حتى 31 أكتوبر 2025 بلغ 3,203 شاحنات فقط.

وذكر في بيان صحفي اليوم السبت، أن من بين هذه الشاحنات 639 شاحنة تجارية، و2,564 شاحنة مساعدات، من ضمنها 84 شاحنة سولار و31 شاحنة غاز طهي.

ويوضح أن المتوسط أمس الأول لدخول الشاحنات لا يتجاوز 145 شاحنة من أصل 600 شاحنة يُفترض إدخالها يومياً بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، أي بنسبة التزام لا تتعدى 24% من الكميات المتفق عليها.

ويبيّن أن عدد شاحنات الوقود والمحروقات التي دخلت القطاع خلال الفترة ذاتها بلغ 115 شاحنة فقط من أصل 1,100 شاحنة كان من المقرر إدخالها، أي ما يعادل 10% فقط من الكميات المفترضة، ما يعكس استمرار سياسة الاحتلال في التضييق المتعمد على الإمدادات الحيوية اللازمة لتشغيل المرافق الأساسية، وفي مقدمتها المستشفيات والمخابز ومحطات التحلية.

ووفق البيان، توزعت الشاحنات التجارية على النحو التالي: 293 شاحنة أغذية، و220 شاحنة بضائع مختلفة، و82 شاحنة ملابس، و23 شاحنة أدوات منزلية، و10 شاحنات معدات متنوعة، و6 شاحنات محروقات، و4 شاحنات للقطاع الصحي، وشاحنة واحدة لقطع غيار المركبات.

“هدنة بالاسم”

وفي هذه السياق، تقول سيدة مصرية كانت تنتظر دورها للحصول على وجبة من التكية، إن سياسة التجويع ما زالت مستمرة رغم وقف إطلاق النار.

وتضيف السيدة المصرية للأناضول: “الهدنة مجرد اسم وليست فعلاً، الدقيق ما زال سعره مرتفعاً، أما أسرتي فمكونة من 8 أفراد ولا أملك قدرة لشراء الدقيق بأسعار باهظة”.

وتقول المصرية إنها تقف أمام تكايا توزيع الطعام يوميا لمدة تراوح بين ساعتين و5 ساعات، وتتعرّض خلالها لحوادث بسبب الازدحام، دون وجود بديل أقل مشقة.

وتتابع أنهم يعانون من غلاء الأسعار وشح المساعدات الإنسانية الواصلة إليهم، مبينة أنها أصيبت خلال فترة الحرب، ولم تجد العلاج أو الرعاية بسبب نقص الأدوية والمستلزمات الطبية جراء الحصار الإسرائيلي.

وفي 22 أغسطس الماضي، أعلنت “المبادرة العالمية للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي”، عبر تقرير، “حدوث المجاعة في مدينة غزة”، وتوقعت أن “تمتد إلى مدينتي دير البلح وخان يونس بحلول نهاية سبتمبر”.

والأسبوع الماضي، قالت المقررة الخاصة السابقة للأمم المتحدة لحق الإنسان في الغذاء، هلال الفار، إن وقف الاحتلال هجماتها على قطاع غزة لا يعني نهاية معاناة الفلسطينيين من الجوع.

غلاء متواصل

ورغم الانخفاض النسبي في ثمن بعض الخضراوات بعد وقف إطلاق النار مقارنة بفترة الحرب، لا تزال الأسعار مرتفعة مقارنة بما قبل الإبادة، ولا تتناسب مع مستوى الدخل المنعدم لدى معظم الفلسطينيين.

ويعجز الفلسطينيون الذين حولتهم الإبادة الجماعية- وفق بيانات البنك الدولي إلى فقراء، عن شراء البضائع من الأسواق بسبب ارتفاع أسعارها وغياب الأساسيات.

فكيس الدقيق (25 كغم) انخفض من 800–1000 شيكل خلال الحرب إلى نحو 120 شيكلا حاليا، لكنه يبقى بعيداً عن سعره قبل الحرب البالغ 25 شيكلا. (الدولار يعادل 3.25 شياكل).

والأمر ذاته ينطبق على الخضراوات، إذ تراجع سعر كيلو الطماطم من 30 شيكلا إلى 15–18، مقابل 2 شيكل قبل الحرب، فيما تراجع سعر الخيار من 40 إلى 20 شيكلا، مقارنة بـ3 شياكل سابقاً.

أما الفواكه، فانخفضت أسعارها بعد أن كانت نادرة أثناء الحرب، لكنها لا تزال مرتفعة. فالموز الذي وصل إلى 120 شيكلا للكيلو، يباع حاليا بـ18 شيكلا، بينما كان يباع بـ3.5 شياكل قبل الحرب.

استمرار التجويع

ويؤكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن ما يدخل القطاع من مساعدات لا يلبي الحد الأدنى من الاحتياجات، مشدداً على رقم 3203 شاحنة منذ 10 أكتوبر يعكس استمرار سياسة الخنق والتجويع والابتزاز الإنساني التي يمارسها الاحتلال بحق أكثر من 2.4 مليون فلسطيني”.

ومنذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضي، يواصل جيش الاحتلال خرقه سواء عبر تنفيذ ضربات داخل القطاع، أو منع دخول المساعدات بالكميات المتفق عليها.

وأنهى الاتفاق، عامين من حرب الإبادة الجماعية التي بدأها الاحتلال في 8 أكتوبر 2023 بدعم أمريكي، وخلفت أكثر من 68 ألف شهيد فلسطيني، وما يزيد على 170 ألف جريح.

قد يعجبك ايضا